تستمر الأزمات التي تعصف بقطاع غزة منذ سنوات طويلة، بدأ فيها الحصار الإسرائيلي يعتصر الحياة لمواطنيها، ثم جاء الانقسام الفلسطيني الداخلي؛ ليعزز تلك الأزمات بعدم توصل أي من أطرافه إلى حلول جذرية لما يعانيه سكان القطاع، إذ يتعنت كل طرف على مواقفه دون أي مراعاة لما يعيشه المواطن الفلسطيني في قطاع غزة. تعد أزمة انقطاع الكهرباء بشكل يومي ومتوصل أحد أكثر المشكلات التي تُضيق الحياة على المواطنين وتستعدي غضبهم، لكنهم يواجهون هذه الأزمة بما يتوفر لديهم من إمكانيات بسيطة على قدر المستوى لمعيشي الذي يعيشونه، فأكثر الطرق التي يستخدمها المواطنين، هي الشمع الذي لطالما كان له تاريخًا مريرًا في حالات الإحراق التي أودت بحياة العديد من المواطنين في قطاع غزة. وارتقى الجمعة ثلاثة أطفال تفحمت جثثهم بعد احتراق بيتهم في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة؛ نتيجة استخدام الشمع كبديل عند انقطاع الكهرباء، ما أثار غضب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وسخطهم، واتهامهم الحكومتين في قطاع غزةورام الله بالتقصير الكامل تجاه المواطنين في قطاع غزة، وتجاهل حقوقهم في العيش بشكل كريم يضمن لهم حياتهم. وحملت حركة حماس، على لسان لناطق الإعلامي لديها سامي أبو زهري، الرئيس عباس مسؤولية المشاركة في هذه الجريمة بحق مواطنين قطاع غزة، كما حملت الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية حرق الأطفال الثلاثة. وقال سامي أبو زهري في تصريحات صحفية مقتضبة: إن حركته تنعي الشهداء الثلاثة الذين رحلوا كنتيجة مباشرة للحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة، مؤكدًا أن الحياة في قطاع غزة أصبحت لا تطاق ولا تحتمل في ظل الخنق والتواطؤ من كل الأطراف المعنية، داعيًا لتحرك فوري وعاجل لوقف هذا الوضع القاتل الذي لم يعد أحد يحتمله من أهل غزة. وقدم نائب رئيس المكتب السياسي في قطاع غزة إسماعيل هنية، تعازيه بخطبة في صلاة الجنازة على أرواح الشهداء، موجهًا أصابع الاتهام إلى حكومة رام الله في تضخيم أزمات قطاع غزة. ووجه هنية تساؤلات عديدة، متسائلًا: من يتحمل مسؤولية محرقة هذه العائلة؟ مستنكرًا اقتطاع 70 مليون دولار شهريًّا من ضرائب غزة لتشغيل محطة الكهرباء، مضيفًا: من الذي يرفض مد خط الغاز من إسرائيل إلى سلطة الكهرباء في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن جريمة الحرق التي تسببها انقطاع التيار الكهربائي لا تقل وحشية عن جرائم الاحتلال الذي يضرب الأطفال والنساء في بيوتهم. واستنكر هنية في خطابه تحميل عدد من نشطاء التواصل الاجتماعي المسؤولية لحركة حماس، كونها الحاكم الوحيد في قطاع غزة، متسائلًا: لماذا تتحمل حماس المسؤولية، هل لأنها تنازلت عن الحكومة، أم لأنها قدمت العشرات من أبنائها في سبيل الوطن والمقاومة؟ وقال والد الأطفال الثلاثة، رهف وناصر ويوسف الهندي، بأنه لن يسامح كل من كان سببًا في هذه الكارثة الإنسانية التي أودت بثلاثة من فلذت كبده. وتم تشييع الأطفال الشهداء السبت ظهرًا من مجمع الشفاء الطبي غرب مينة غزة، بعد الصلاة عليهم في مسجد أحمد ياسين، وسط حضور عدد من قادة حركة حماس، في جنازة أعلن إسماعيل هنية أنها جنازة عسكرية للشهداء.