انتشرت في الآونة الأخيرة إشاعات تفيد بوجود خلافات عميقة وانقسامات داخل حزب العدالة والتنمية التركي، إلا أن البعض لم يتوقع أن تمتد الخلافات بين الرئيس التركي رجب طيب أروغان ورئيس الوزراء داود أوغلو، والذي نشب إثر انتقال سلطة تعيين مسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم من أوغلو إلى الحزب نفسه، في خطوة تمثل تقليصًا واضحًا لسلطة الحكومة وتعزيزًا لنفوذ أردوغان. وترددت معلومات بأن أوغلو غادر غاضبًا من اجتماعاللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنميةالجمغة الماضية. الخطوة التي تم اتخاذها خلال الاجتماع تعد أحد أقوى الدلائل حتى الآن على التوتر بين أردوغان، الذي يريد رئاسة ذات صلاحيات تنفيذية في تركيا، وبين داود أوغلو، الذي سيتم الحد من نفوذه، وحتى تهميشه في حال تغيير النظام البرلماني للبلاد. وقال محللون أتراك إن هذا القرار سيضعف سلطة أوغلو على حزب العدالة والتنمية، وبالتالي لن تكون مهمة داود أوغلو سهلة بعد هذا القرار. تداعيات القرار منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا عام 2002، وأردوغان يتمتع بصلاحيات تعيين مسؤولي الحزب في الأقاليم، انتقلت بدورها إلى داود أوغلو، بعد تزعمه للحزب خلفًا لأردوغان أغسطس 2014. وعلى الرغم من أن الدستور التركي يلزم أردوغان بقطع علاقته بحزب العدالة والتنمية بعدما أصبح رئيسًا لتركيا، إلا أن أردوغان استطاع أن يبسط قبضته على الحزب الحاكم، عقب التغييرات المفصلية في بنية الحزب لصالحه. فخلال الاجتماع الذي عُقِد في سبتمبر 2015 لانتخاب أعضاء المجلس المركزي للإدارة والتخطيط، المؤلف من 50 عضوًا، شهدت أرفع هيئة دائمة لصنع القرار في الحزب انتخاب 31 عضوًا جديدًا، الأمر الذي أدى لإبدال غالبية أعضاء المجلس بأعضاء موالين لأردوغان. خطوة أردوغان الأخيرة أكد مراقبون أنه يقوم من خلالها بسحب البساط تدريجيًّا من تحت أقدام أوغلو، وتثبيت نفسه كمتحكم أول في الحزب الحاكم، حيث تناقل معارضون أنباء تفيد بأن أردوغان يحاول جاهدًا تعزيز نفوذه في الحزب، عن طريق الحد من صلاحيات زعيمه الحالي، داوود أوغلو. وقال الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز إيدام البحثي في إسطنبول سينان أولجين "داود أوغلو يريد تشكيل مجال سياسي لنفسه، لكن أردوغان لا ينوي السماح لرئيس اللجنة التنفيذية، سواء كان داود أوغلو أو أي شخص آخر، أن يكون له قدر كبير من الاستقلالية السياسية". في المقابل قلل نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، عمر جيليك، من أهمية هذه الشائعات، وأشار إلى أنها مبنية على تحركات داخلية جديدة في الحزب، معتبرًا أنها "خطوات فنية، لا تشير إلى أي أزمة داخلية". وعلى الرغم من تقليل جيليك من أهمية الحدث، إلا أن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث كشف المدون التركي الأشهر، "فؤاد عوني"، والذي لا تعرف هويته الحقيقية حتى الآن، على غرار المدون السعودي مجتهد، في تغريدة على موقع "تويتر"، أن أردوغان اتخذ قرارًا بطرد رئيس الوزراء داوود أوغلو واستبعاده من خططه المستقبلية، وأن أردوغان اقتنع أنه في المرحلة المقبلة، والتي سيركز فيها على تحقيق النظام الرئاسي، لن يكون هناك مكان لداوود أوغلو". يذكر أن تغريدات عوني كانت في شهر إبريل الماضي. والجدير بالذكر أن الرئيس التركي يسعى إلى تحويل النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى رئاسي، وهو النظام الذي تكون فيه السلطة التنفيذية مستقلة عن السلطة التشريعية، ولا تقع تحت محاسبتها، ولا يمكن أن تقوم بحلها. وفي نهاية شهر يناير 2015 طرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوته إلى انتقال بلاده من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وإصدار دستور جديد يضمن تحقيق ذلك.