أكد حزب الحركة القومية اليميني المعارض في تركيا اليوم الجمعة أنه لن يتراجع عن موقفه ويؤيد تشكيل حكومة أقلية وهو ما يجعل هدف الرئيس رجب طيب اردوغان إجراء انتخابات مبكرة بينما يتولى الحزب الحاكم مقاليد الحكم أكثر صعوبة. وانهارت امس الخميس محادثات تشكيل حكومة ائتلافية بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري المعارض مما يجعل إجراء انتخابات في الخريف شبه حتمي ويضطر الحزب الحاكم لطلب الدعم من حزب الحركة القومية. ويجيء هذا الغموض في المشهد السياسي بينما تواجه تركيا عضو حلف شمال الاطلسي مجموعة لم يسبق لها مثيل من التهديدات المتزامنة للأمن القومي فهي تحارب متشددي تنظيم الدولة الإسلامية على حدودها وتقاتل متمردين اكرادا في الداخل. وهبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي اليوم الجمعة وتعافت الأسهم قليلا بعد أن تراجعت بشدة في الجلسة السابقة. وفشل حزب العدالة والتنمية في الاحتفاظ بأغلبيته في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 يونيو حزيران وهو ما حال دون أن يشكل الحكومة بمفرده للمرة الأولى منذ صعوده للسلطة عام 2002 وأدخل البلاد في حالة ارتباك سياسي لم تشهدها منذ الحكومات الائتلافية الهشة في التسعينات. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو في كلمة بثها التليفزيون امس الخميس إن احتمالات إجراء انتخابات مبكرة زادت بقوة بعد فشل محاولات تشكيل ائتلاف وإن في الوقت الحالي لا يوجد أساس لشراكة حكومية وطالب البرلمان بأن يبادر بالدعوة لإجراء انتخابات مبكرة بأسرع وقت ممكن معولا فيما يبدو على التوصل إلى اتفاق مع حزب الحركة القومية يسمح لحكومته بالبقاء في السلطة حتى إجراء الانتخابات الجديدة. لكن حزب الحركة القومية قال إنه لا يريد دعم حكومة أقلية لحزب العدالة والتنمية. وقال نائب رئيس الحزب مولود كاراكايا لرويترز "هذه ستكون حكومة اقلية ونحن نرفض هذا" وقال أنه ما لم يقبل حزب العدالة والتنمية شروط القوميين لتشكيل ائتلاف كامل فلن يكون هناك جدوى حتى من التفاوض. وامام داود اوغلو حتى 23 أغسطس آب للعثور على شريك في الائتلاف والا سيدعو اردوغان إلى انتخابات مبكرة وستتشكل حكومة مؤقتة تشرف على الانتخابات تقسم فيها المناصب الحكومية بالتناسب بين الأحزاب الاربعة الممثلة في البرلمان. وقال سنان أولجن الباحث الزائر في مركز كارنيجي أوربا ورئيس مركز ابحاث إيدام ومقره اسطنبول "اردوغان لا يريد أن يصل إلى هذه النقطة لأن هذا يعني اقتساما للسلطة وإجراء انتخابات في وقت تتقلد فيه السلطة حكومة لا يهيمن عليها حزب العدالة والتنمية." وأضاف "هذا هو السيناريو الذي لا يريده تحديدا (اردوغان)." وتشكيل حكومة مؤقتة تشرف على الانتخابات لا يعني اعطاء مناصب حكومية لحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحسب بل أيضا لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للاكراد. وكان كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية يراهنون على أن القوميين الذين يعارضون حصول الأكراد على مزيد من النفوذ السياسي سيفعلون أي شيء ممكن لتفادي هذا السيناريو. لكن حزب الحركة القومية ذهب إلى أبعد مدى في الرهان ويقول أن تشكيل حكومة لاقتسام السلطة سيكون مطلوبا إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ويرفض في الوقت نفسه المشاركة في حكومة إلى جانب الاكراد ويقول أنه سيرفض المناصب التي ستخصص له. هبوط الليرة التركية: وجهت حالة الغموض السياسي ضربة جديدة لعملة الليرة فهبطت إلى مستوى قياسي لليوم الثاني على التوالي مما دفع البنك المركزي إلى التدخل لإعطائها دفعة. والليرة واحدة من أسوأ عملات الاقتصادات الرئيسية الصاعدة أداء هذا العام ويتوقع محللون المزيد من الخسائر. وذكر مكتبا داود اوغلو وزعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي أن من المقرر أن يجتمعا في الساعة 11 بتوقيت جرينتش يوم الإثنين لكن مسئولا كبيرا بحزب العدالة والتنمية قال إن احتمالات أن يتفق الحزبان على تشكيل ائتلاف محدودة. ووضع حزب الحركة القومية شرطين اساسيين أولهما التخلي الكامل عن عملية السلام مع المقاتلين الاكراد وثانيهما الحد من نفوذ اردوغان في الحياة السياسية اليومية ومن غير المرجح أن يقبل الحزب الحاكم بأي منهما. وقال مسئول حزب العدالة والتنمية "خيار الائتلاف لا يبدو مطروحا على الطاولة بسبب موقف حزب الحركة القومية" ووصف إجراء انتخابات في نوفمبر تشرين الثاني بأنه الخيار "الارجح والأكثر واقعية." ويأمل اردوغان أن يستعيد حزبه اغلبيته من خلال الانتخابات الجديدة. وهو لا يخفي رغبته في تعديل الدستور واقامة نظام رئاسي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات تنفيذية على غرار فرنسا أو الولاياتالمتحدة وهي خطوة ستكون مستحيلة فعلا إذا لم يحظ حزب العدالة والتنمية باغلبية قوية في البرلمان. وأظهر استطلاعان للرأي أجريا مؤخرا أن الحزب الحاكم الذي له جذور إسلامية يمكن أن يستعيد اغلبيته ويحكم منفردا من جديد إذا اجريت انتخابات جديدة. لكن مع مواصلة الطائرات التركية قصف أهداف للاكراد في شمال العراق وجنوب شرق تركيا من غير المرجح أن يحصل حزب العدالة والتنمية على تأييد يذكر من الاقلية الكردية وهو ما يعني أن كسب تأييد القوميين المحافظين دينيا سيكون ضرورة. وهذا ما يعرفه جيدا بهجلي زعيم حزب الحركة القومية. وقال اولجن "حصول حزب الشعوب الديمقراطي على مناصب وزارية في ظل حكومة انتخابات يخدم أهداف بهجلي بصورة أفضل." وأضاف "يريدون (الحركة القومية) التمكن من انتقاد حزب العدالة والتنمية واردوغان من على الهامش... ويريدون استغلال ذلك في حملتهم الانتخابية. يريدون أن يدعو اردوغان لانتخابات مبكرة. في اعتقادي هذه هي إستراتيجية حزب الحركة القومية."