أفرجت السلطات الإسرائيلية، أمس، عن أصغر أسيرة فلسطينية، الطفلة ديما الواوي، البالغة من العمر 12 عامًا، حيث أبلغ الاحتلال ذوي الطفلة قبل ذلك أنه سيتم إطلاق سراحها عند حاجز جبارة العسكري في محافظة طولكرم. كان في استقبال الأسيرة الطفلة عند تحريرها عدد من المسؤولين الفلسطينيين، ومجموعة من أسيرات وأسرى محررين، بالإضافة إلى رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، "عيسى قراقع"، الذي قال خلال استقباله "الواوي"، إن إسرائيل دولة متوحشة، تمارس أبشع أساليب القمع والتنكيل والتعذيب بحق الطفولة الفلسطينية، وإن هذا الكيان بات فوق كل قوانين حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي الإنساني. وأشار إلى أن هناك أكثر من 450 طفلًا وطفلة قاصرين دون سن ال 16، ما زالوا يقبعون خلف جدران السجون الإسرائيلية. تعد الأسيرة "الواوي" من أصغر الأسرى الأطفال في سجون إسرائيل، وكانت قد اعتقلتها إسرائيل في 9 فبراير الماضي بالقرب من مدرستها الواقعه في محيط مستوطنة كرم تسور المقامة بالخليل في الضفة الغربية، حيث تم اعتقالها وهي ترتدي زيها المدرسي، بينما كانت متجهة إلى منزلها الواقع شمال مدينة الخليل؛ بدعوى حيازتها سكينًا في حقيبتها المدرسية، حيث وجهت إليها المحاكم الإسرائيلية تهمة محاولة تنفيذ عملية طعن، وأدينت بمحاولة التسبب بالموت بشكل متعمد وحيازة سكين، وصدر قرار بحبسها 4 أشهر ونصفًا، ودفع غرامة مالية قدرها 8 آلاف شيكل. وخلال فترة اعتقال "الواوي" قال الائتلاف الأوروبي للدفاع على الأسرى الفلسطينيين إنه قام بحملة مراسلات، خاطب فيها مجموعة من المسؤولين في البرلمان الأوروبي ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونسيف"؛ للمطالبة بالضغط على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن الطفلة، وقدم الائتلاف شكوى بشأن الطفلة الأسيرة، موضحًا فيها الانتهاكات التي مارستها سلطات الاحتلال بحقها. بعد احتجاز الطفلة "الواوي" لأكثر من شهرين ونصف، وقبل شهرين على موعد انتهاء مدة الحكم الصادر بحقها، أصدرت محاكم الاحتلال قرارًا بإطلاق سراحها، وذلك بعد التشكيك في نزاهة التحقيق الذي جرى معها دون وجود ذويها أو محاميها، حيث أجبرت على التوقيع على اعترافات في أوراق باللغة العبرية، مع أنها لا تتحدث العبرية. اعتقال القوات الإسرائيلية للأسيرة الفلسطينية لم يكن الأول من نوعه، حيث يستهدف الكيان الصهيوني بكافة مؤسساته، بداية من قوات أمنه وصولًا إلى برلمانه، الأطفال القُصَّر من الفلسطينيين؛ في محاولة منه لكسر طموحهم وإحباط نزعة المقاومة التي يولدون بها، لكن العدو الصهيوني لم يتوقع أن هذه الممارسات تزيد من إصرار الشباب الفلسطيني وتشبثه بقضيته. في إطار محاولة شرعنه الكيان لاعتقال الأطفال القُصَّر، أقرت حكومة الاحتلال في 27 مارس الماضي قانونًا جديدًا يتيح فرض عقوبة بالسجن الفعلي على القاصرين الفلسطينيين، وذكرت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع المنبثقة عن حكومة الاحتلال أن القانون المعدل بحق القاصرين سيسمح باعتقال الأطفال الذين لم تتعدَّ أعمارهم 14 عامًا، وأوضحت اللجنة أن الأطفال الذين يتم اعتقالهم، ولا تزيد أعمارهم على 14 عامًا، والمدانين بارتكاب أفعال قتل ضد الجيش أو المستوطنين الإسرائيليين، ستتم محاكمتهم بالسجن الفعلي، على أن يجري تنفيذ العقوبة بعد بلوغ السن القانونية. بالتزامن مع إطلاق سراح الطفلة "ديما الواوي"، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرًا عن الارتفاع الحاد في عدد القاصرين الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل، وتشير إلى أن المعتقلين الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا تضاعف عددهم أربع مرات من 27 إلى 103 معتقلين، بينهم خمسة دون عمر ال 14 عامًا. وأكدت الصحيفة أنه خلال الأشهر الأخيرة طرأ ارتفاع حاد في عدد القاصرين الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل، وذلك في أعقاب الهبّة الشعبية التي يشارك فيها الكثير من الشباب الفلسطيني منذ أكتوبر الماضي. استندت الصحيفة في تقريرها إلى معطيات سلطة السجون الإسرائيلية، والتي كشفت عن أنه في سبتمبر الماضي بلغ عدد القاصرين المعتقلين بتهم أمنية وقومية 170 معتقلًا، وفي فبراير الماضي، أي بعد انطلاق الهبّة الشعبية بحوالي أربعة أشهر، ارتفع عدد المعتقلين إلى 438، وتبين من فرز المعتقلين القاصرين حسب أماكن إقامتهم أن القسم الأكبر جاء من الخليل والقدس، حيث بلغ عدد معتقلي الخليل حوالي 106 معتقلين، و104 من القدسالشرقية، يلي ذلك رام الله، حيث يبلغ عدد القاصرين منها 86. وحسب المعطيات فإن 54% من هؤلاء، أي ما يعادل 238 معتقلًا، حُكم عليهم بالسجن حتى انتهاء الإجراءات ضدهم، ويتم احتجاز سبعة في الاعتقال الإداري، بينهم قاصر يقل عمره عن 16 عامًا. الصمت الدولي غير المبرر تجاه هذه الجريمة الصهيونية يعطي كيان العدو الشرعية في الاستمرار في نفس النهج، حيث تلتزم الدول العربية والأوروبية الصمت المُطبق تجاه قضية الأسرى بشكل عام واعتقال القاصرين على وجه التحديد، إلا بعض المنظمات الحقوقية التي اقتصر دورها على الإدانة والانتقاد، حيث انتقدت منظمة "بتسيلم" الحقوقيةعدم إرسال هؤلاء القاصرين إلى سجون معدة للشبيبة، وتعتبر المنظمة أن السياسة الإسرائيلية تعتمد على منظومة قامعة تقوم على الاعتقال فقط.