بدأ صباح اليوم الأحد، في العاصمة القطرية الدوحة، اجتماع ل15 دولة منتجة للنفط من منظمة أوبك، أبرزها السعودية وفنزويلا، وأخرى من خارج المنظمة أبرزها روسيا، لتثبيت الإنتاج عند مستويات يناير الماضي، بهدف إعادة الاستقرار للأسواق العالمية، حيث يأتي هذا الاجتماع في خضم محاولات تلك الدول الحد من تخمة المعروض العالمي، فيما يبلغ فائض الإنتاج العالمي من الخام نحو 1.5 مليون برميل يوميًّا فوق حجم الطلب، حيث لم تتحمل غالبية الدول المنتجة الانهيار الحاصل في أسعار برميل النفط أكثر من 18 شهرًا. تنص مسودة الاتفاق التي من المقرر أن يتفق حولها المجتمعون اليوم، على ألَّا يتجاوز متوسط الإنتاج اليومي من النفط الخام شهريًّا المستويات المسجلة في يناير من هذا العام، وتقول المسودة: إن التجميد سيستمر حتى أول أكتوبر من العام الجاري، وإن المنتجين سيلتقون مرة أخرى في روسيا في أكتوبر؛ لمراجعة التقدم الذي تم إحرازه في تحقيق انتعاش مطرد في أسعار النفط. غياب إيراني من جانبه أبدى وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة، اليوم الأحد، تأييده لاجتماع منتجي النفط الذي يعقد اليوم في الدوحة، واتفاق تجميد الإنتاج، لكنه أكد في الوقت ذاته أن بلاده لن توفد مبعوثًا لها للحضور؛ لأنها لن توقع على الاتفاق، وأضاف زنغنة أن بلاده تؤيد فكرة تجميد الإنتاج، لكنها لن تكون عند مستويات يناير الماضي، وأبدى الوزير الإيراني رضاه عن الاتفاق المتوقع عقده؛ لأنه أظهر تعاونًا بين الدول الأعضاء في أوبك والمنتجين المستقلين حول العالم. بعيدًا عن الترحيب والتأييد الشكلي الذي أبدته إيران على لسان وزير نفطها بشأن الاجتماع والتوصل إلى اتفاق، إلَّا أن المؤشرات الفعلية توضح صعوبة التوصل إلى اتفاق دون توقيع إيران عليه والتزامها بما جاء في نصوصه، حيث تعتبر مشاركة إيران في الاجتماع أحد من العوامل المهمة والمؤثرة على نتائج هذا الاجتماع، وهو الشرط الذي أبدته معظم الدول الخليجية، على رأسها المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يعطي توقعات غير متفائلة بشأن نتائج اجتماع اليوم. تعنت سعودي خروج إيران من دائرة الاتفاق والاجتماع المُنعقد في الدوحة، جعل الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة، تُصر على استمرار ضخ الإنتاج، حيث أكد ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، أن المملكة لن تجمد مستويات إنتاجها النفطي إلَّا إذا أقدم كل المنتجين الكبار الآخرين، بما في ذلك إيران، على الخطوة نفسها، وقال سلمان: إن الرياض ستدعم أي اتفاق جماعي لمنظمة أوبك، لكنها في الوقت ذاته ستحافظ على حصة سوقية قدرها 10.3 إلى 10.4 مليون برميل يوميًّا، في حال تم التوصل لاتفاق تثبيت للإنتاج، أما في حال عدم التوصل لاتفاق فإن الرياض لن تفوت أي فرصة لبيع نفطها. وفي محاولة سعودية للإيحاء بأن تثبيت إنتاج النفط لن يفيد المملكة في شيء، وانهيار الأسعار لن يضر بمصالحها واقتصادها، قال ولي ولي العهد السعودي: إن بلاده ليست قلقة من انخفاض أسعار النفط؛ معللًا ذلك بالقول: لدينا برامجنا التي لا تحتاج لسعر نفط عال حتى يتم تنفيذها، مؤكدًا أن معركة أسعار النفط ليست معركتنا، بل معركة الدول التي تعاني من الأسعار المنخفضة، كما هدد محمد بن سلمان بزيادة الإنتاج قائلًا: إن المملكة تستطيع زيادة الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل يوميًّا على الفور، وأن تنتج ما يصل إلى 12.5 مليون برميل في غضون شهور، مضيفًا أنه لا يعني بهذا أن المملكة ستزيد إنتاجها، لكنه يعني أن بمقدورها فعل ذلك. ماذا لو فشل الاجتماع؟ التعنت السعودي ربما يدفع الاجتماع إلى الفشل الذريع في التوصل إلى اتفاق، فمن المؤكد أن المملكة والدول الخليجية لن تخفض أو تثبّت إنتاجها، في ظل استمرار طهران في زيادة إنتاجها من النفط، ومن شبة المؤكد أن الأخيرة لن تخفض إنتاجها عند مستويات يناير؛ لأنها كانت ما تزال منخفضة ولا تتجاوز 1.7 مليون برميل يوميًّا، فيما كانت الدول الخليجية تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميًّا، كما أن اتفاق تجميد إنتاج النفط يأتي في الوقت الذي تخطط فيه طهران لزيادة إنتاجها النفطي تدريجيًّا، واستعادة مكانتها في الأسواق العالمية بعد رفع الحظر الاقتصادي عنها. كل هذه المعطيات توحي بفشل الاجتماع قبل انعقاده، الأمر الذي دفع إلى التساؤل حول مصير أسعار النفط في هذه الحالة، حيث أشار بنك أوف أمريكا ميريل لينش، إلى أن من شأن الاتفاق أن يعيد التوازن إلى سوق النفط العالمي، وبالتالي المضي قدمًا برفع الأسعار لتقفز قريبًا فوق خمسين دولارًا للبرميل، وأضاف البنك أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حاسم بالدوحة فإن أسعار مزيج برنت العالمي ربما تهبط دون أربعين دولارًا للبرميل في المدى القريب جدًّا، وحذر من أنه في حال فشل الاجتماع ولجأت السعودية إلى زيادة إنتاجها، ردًّا على عودة إيران إلى السوق، فإن أسعار مزيج برنت ربما تتراجع إلى ما بين ثلاثين و35 دولارًا للبرميل.