أجواء مشحونة واحتقان سياسي وحالة من الترقب يعيشها الشارع العراقي، بداية من مسؤوليه وصولًا إلى الشعب مرورًا بالأحزاب السياسية، وذلك بعد أن أقدم رئيس الوزراء العراقي، "حيدر العبادي"، على إجراء تعديل وزاري من المفترض أن يكون تكنوقراطي. أعلن العبادي، أن تشكيله الوزاري الجديد يضم 16 وزيرًا، داعيًا مجلس النواب إلى مساعدة حكومته في إنجاز الإصلاح والتغيير الوزاري، وقد سلم العبادي، التشكيل الوزاري الجديد ضمن ملف مغلق إلى رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، الذي حدد بدوره مهلة عشرة أيام لمناقشة الوزارات، وشهرًا لحسم الهيئات والمناصب الأمنية. كشفت تقارير إعلامية استندت إلى تسريبات من داخل مجلس النواب العراقي، عن أسماء المرشحين للتشكيلة الوزارية الجديدة، التي طرحها العبادي، وجاء من بينهما المرشح لمنصب وزير النفط "نزار سالم النعمان"، ووزير النقل "يوسف علي الأسدي"، ووزير الخارجية "الشريف علي بن الحسين"، وووزير التعليم العالي "عبد الرزاق العيسى"، ووزير المالية "علي علاوي"، فيما جاء لمنصب وزير الإعمار "هوشيار رسول محمد"، ووزير التربية "علي صالح الجبوري"، ووزير الزراعة والموارد المائية "حسن الجنابي"، ووزير الشباب والسياحة "عقيل مهدي الغربان"، ووزير العدل "محمد حسين نصرالله"، ووزارة الكهرباء "علاء دشر زامل"، ولوزارتي العمل والهجرة "وفاء جعفر أمين المهداوي"، ولوزارة الصحة "علاء غني مبارك". تقديم العبادي قائمة الوزراء الجدد إلى مجلس النواب جعل رئيس التيار الصدري "مقتدى الصدر" يأمر مؤيديه بإنهاء اعتصامهم عند بوابات المنطقة الخضراء ببغداد، حيث وصف الخطوة الحكومية بالشجاعة، وطالب على خلفيتها أنصاره المعتصمين منذ أسبوعين أمام بوابات المنطقة الخضراء، بإنهاء اعتصامهم، متعهدًا بتقديم كل الفاسدين والمتلاعبين بالأموال العامة للمحاكم العادلة، وطالب الصدر أنصاره بالاستمرار بالتظاهرات السلمية كل يوم جمعة في جميع المحافظات العراقية للضغط على البرلمان من أجل التصويت على التشكيلة الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي. وقبل أيام من تقديم رئيس مجلس الوزراء قائمة المرشحين لمناصب الوزارية، قال مكتب رئيس الوزراء، إن العبادي مصمم على المضي في التغيير الوزاري والإصلاحات الشاملة، مشيرًا إلى أن كتلة التيار الصدري وكتلا صغيرة أخرى في البرلمان هي الوحيدة التي قدمت مرشحين، وهو ما يعكس عدم رضى بعض الأحزاب والمكونات السياسية الكبيرة على التعديل. ومن المفترض أن يشمل البرنامج الإصلاحي مراحل متعددة، حسب تصريحات رئيس الوزراء العراقي، الذي قال إنه في حال نجاح التعديل الوزاري ستكون الخطوة القادمة تشمل الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة، في إشارة إلى مناصب وكلاء الوزارات والمديرين العامين. جاء تقديم قائمة المرشحين لمناصب الوزارية الجديدة في ظل حالة من الاحتقان السياسي والضغط الكبير الذي مارسته بعض الكتل السياسية على العبادي وعلى رأسها التيار الصدري، حيث هدد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بسحب الثقة من حكومة العبادي إذا لم تلتزم بالموعد الذي حدده البرلمان، وحذر من أنه إذا تعدى العبادي المهلة فلن يقف مكتوفي الأيدي، ولم يكتفِ الصدر بإطلاق التهديدات بل اتخذ خطوات ملموسة كان أبرزها الاعتصام داخل المنطقة الخضراء إلى جانب انصاره وهو ما أجبر السلطات العراقية على نشر قوات أمنية كبيرة داخل المنطقة التي تضم سفارات ومكاتب حكومية. الكتل السياسية لم تكن الجهة الوحيدة الضاغطة على رئيس الوزراء بل شاركها الضغط مجلس النواب الذي أمهل العبادي ثلاثة أيام انتهت أمس الخميس، لتقديم تشكيلته للحكومة الجديدة، مهددًا إياه بالمساءلة وحجب الثقة إن لم يقدمها في هذا الموعد، وقال رئيس المجلس "سليم الجبوري" حينها، إن البرلمان منح العبادي خيارين إما تشكيل حكومة ترضي الجماهير وتأخذ في الاعتبار الشراكة الوطنية، وإما تشكيل حكومة تكنوقراط شاملة"، مضيفًا أن مجلس النواب هو الممثل الشرعي والدستوري للشعب العراقي، ويقف إلى جانب المعتصمين ويتبنى مطالبهم، مشددًا على ضرورة أن يكون التغيير الوزاري جزءًا من عملية الإصلاح الشامل وليس إجراء إعلاميًا لتهدئة الخواطر والنفوس، أو كرة نار تلقى من جهة على أخرى. يتبقى مناقشة مجلس النواب العراقي لقائمة المرشحين والنظر فيها وإقرارها، لكن المؤشرات الأولى تقول إن الخلافات سوف تظهر خلال الأيام القادمة على التعديل الوزاري، فعلى سبيل المثال كان ائتلاف دولة القانون قد وجه قبل أيام أعضائه للتصويت على التغيير الوزاري الجزئي، بشرط أن لا يقل عن 9 وزارات بما فيها السيادية، وقال رئيس الائتلاف حينها "نوري المالكي": إذا كان التغيير جزئيًا فبشرط أن لا يقل عن 9 وزراء بما فيها الوزارات السيادية المعروفة، مضيفا أنه بخلاف ذلك يرفض حتى التسعة إن لم تكن مشمول بها الوزارات السيادية، ويقصد بالوزارات السيادية، هي وزارات الخارجية والداخلية والمالية والدفاع بالإضافة إلى النفط. من جانبه أعلن تحالف القوى العراقية الذي يضم القوى السياسية السنية المشتركة في العملية السياسية، أن أي تغيير حكومي قادم يجب أن يكون شاملًا، مبديًا رفضه للتغيير الجزئي. وبالنظر إلى التعديل الوزاري نجد أن العبادي لم يتطرق إلى وزراء الداخلية والدفاع، اللذان يعتبران من أهم الوزارات السيادية التي تحدث عنها ائتلاف دولة القانون، ومن جانب آخر فإن التعديل الوزراي لايزال جزئيًا وليس شاملًا، الأمر الذي ينافي الشرط الذي تقدم به تحالف القوى العراقية.