يحيي الفلسطينيون ذكرى "يوم الأرض" يوم 30 مارس من كل عام؛ في خطوة للتعبير عن تمسكهم بأرضهم وعدم التنازل عنها. وتعود أحداث هذا اليوم إلى عام 1976، عندما أعلنت سلطات الاحتلال عن مصادرتها لمساحات شاسعة من منطقة الجليل الأعلى؛ ما أثار غضب الفلسطينيين حينها ورفضهم لهذا القرار التعسفي بحقهم، واندلعت مظاهرات عنيفة، أدت إلى تدخل الجيش الصهيوني وقتل العديد من الفلسطينيين. بداية الأحداث أصدرت السلطات الصهيونية يوم 12-2-1976 أمرًا يمنع دخول سكان الجليل إلى المنطقة التي تُعرَف باسم المنطقة التاسعة في الجليل، وهي أرض سهلية تُستخدَم للزراعة، وفي قسمها الأكبر توجد أشجار الزيتون والفواكه على اختلافها، والقسم الآخر مزروع بجميع أنواع الحبوب والخضار. وتبلغ مساحة الأرض التي صدر قرار مصادرتها حوالي 17 ألف دونم، تحيطها ثلاث قرى، وهي: سخنين وعرابة ودير حنا. وتعود ملكيتها بشكل مباشر إلى أصحابها الفلسطينيين الذين ورثوها إرثًا شرعيًّا وقانونيًّا، بموجب شهادات مسجلة في الطابو والصادرة عن دائرة تسجيل الأراضي في وزارة العدل الصهيونية نفسها. دعا العرب حينها إلى رفع احتجاج في مؤتمر أقيم في سخنين يوم 14-2-1976، فتجاوبت السلطات الصهيونية بدعوة ممثلي السكان والتفاوض معهم؛ للوصول إلى حل وسط، وهو تقسيم المنطقة إلى قسمين. بعد أسبوعين بدأت السلطات الإسرائيلية في مصادرة الأراضي في الجليل، ودعت حينها لجنة الدفاع عن الأراضي العربية إلى اجتماع في الناصرة في 6 مارس من نفس العام، وصدر عن هذا الاجتماع إضراب عام للعرب في المدن والقرى؛ احتجاجًا على قرارات التقسيم التي جردت الفلاح الفلسطيني من أرضه، وأصبح وجوده تحت علامة استفهام كبيرة. وشمل الإضراب فلسطينيي 1948 والضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة، الذين هبوا ليساندوا إخوانهم عرب الجليل، وعمت المظاهرات جميع مناطق فلسطين، وألقيت قنبلة على دورية صهيونية في نابلس، وهاجمت القوات الصهيونية منزل رئيس بلدية الناصرة في منطقة الجليل، توفيق زياد، ونكلت بأسرته. وأسفرت المناوشات في الناصرة عن مقتل ثلاثة جنود صهاينة واستشهاد ثلاثة مواطنين فلسطينيين. أما في شفر عمرو فقد قُتِل جنديان صهاينة، واستشهد أربعة فلسطينيين، كما استشهد أربعة فلسطينيين في سخنين، وقُتِل أربعة صهاينة. وعمت الاشتباكات مناطق متعددة من فلسطين. ففي قانا الجليل الأعلى قُتِل جنديان صهيونيان أيضًا، واستشهد ثلاثة فلسطينيين. ومنذ ذلك الوقت يحتفل الفلسطينيون والعرب في الثلاثين من مارس كل عام بيوم الأرض؛ لينتقل فلسطينيو الداخل المحتل من أقلية معزولة ومنسية إلى برنامج وتاريخ، وتحولوا إلى رقم صعب في معادلة الصراع القائم. وأثر هذا اليوم على بلورة الهوية السياسية والوطنية الفلسطينية في الداخل المحتل، حيث كسر الفلسطيني هناك صمته وخوفه، ودخلت إلى قاموسه شعارات الرفض التي حلّت عقدة الخوف لديه. وساهم هذا اليوم في تعريف العالم بالقضية الفلسطينية ونقلها إلى طور عالمي، حيث بيَّن همجية الاحتلال الإسرائيلي في قتل العديد من الفلسطينيين الذين لم يرتكبوا جرمًا سوى أنهم خرجوا في مظاهرات سلمية؛ للتعبير عن رفضهم للاستيلاء على أراضيهم. أشكال مختلفة للاحتفال بيوم الأرض في قطاع غزة تتنوع أشكال الاحتفال بهذا اليوم لدى الفلسطينين في مختلف بقاع الوطن. فما بين مظاهرات ومسيرات تدعو لها القوى الوطنية في القطاع، تذهب اتجاهات أخرى لتجسيد هذا اليوم، بزرع أشجار كدليل على التمسك بالأرض. وأطلق مركز نوار التربوي التابع لجميعة الثقافة والفكر الحر في مدينة خانيونس أطول جدارية تحكي تاريخ القدس، وصولًا للهبة الجماهيرية المستمرة بطول 2300 متر على غرب قطاع غزة، حيث يشارك فيها مئات الفنانين التشكيليين، والتي تتخد شكل قبة الصخرة وباب العامود. كذلك تشارك بعض الدول العربية في هذا اليوم؛ تضامنًا مع الشعب الفلسطيني. فقد شارك المئات من المواطنين في دولة تونس في مظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية تحت عنوان "فلسطين أرضنا" بدار الشباب في مدينة رادس.