بعد تعدد الأزمات داخل الحياة السياسية في جنوب إفريقيا بين الرئيس جاكوب زوما والمعارضة على خلفية اتهامات موجهة للرئيس بإهدار المال العام وتدخل رجال أعمال مقربين منه فى مسائل سياسية، أعلن الحزب الحاكم فى جنوب إفريقيا أنه منح ثقته الكاملة للرئيس جاكوب زوما. وزادت الانتقادات التي وجهت لزوما من المعارضة له خلال الفترة الأخيرة على خلفية ما ذكره المتحدث السابق باسم الحكومة ثيمبا ماسيكو لصحيفة «صنداى تايمز» في وقت سابق، بأن الرئيس البالغ من العمر 73 عاما طلب منه خلال اتصال هاتفي 2010 الاجتماع مع عائلة جوبتا التى تضم رجال أعمال ولدوا فى الهند وانتقلوا إلى جنوب إفريقيا خلال تسعينات القرن العشرين، وقال مايسكو إن الرئيس طلب منه الاجتماع معهم فى منزلهم بجوهانسبرج قائلا "ساعدهم من فضلك"، وهو ما أحرج الرئيس وأظهره في وضع صعب بالبرلمان، بعد تداول الموقف على أنه خضوع لأسرة كبيرة ثرية قد تكون تدخلت في الحياة السياسية. اتهام زوما لم يقتصر على المعارضة فقط، حيث أثار الكثير من الوزراء في الحكومة هذا الأمر أكثر من مرة وأكد نائب وزير المالية سيبيسي جوناس أن أسرة جوبتا القريبة من الرئيس اقترحت عليه تولي حقيبة المال في وقت سابق، وهو ما نفته الأسرة الهندية، كما اتهم عضو آخر في الحزب الحاكم زوما، بأن عائلة جوبتا اتصلت به لتولي منصب وزاري مقابل تقديم خدمات لمؤسساتها، وهذه المرة نفت الرئاسة هذا الأمر، كما أكدت بعض وسائل الإعلام، أن أسرة جوبتا حاولت تعيين وزير مناجم، الحقيبة المهمة في جنوب إفريقيا حيث تبقى الموارد المعدنية أول مصدر للإيرادات. ويصر زوما على أن علاقاته بعائلة جوبتا ليس بها أي أسرار، إلا أن وثائق تداولتها المعارضة مؤخرا بأن دودوزانى ابن زوما يعمل مديرًا لست شركات على الأقل إلى جانب أفراد من عائلة جوبتا، وهو ما عمل على شحن الحياة السياسية وزاد من غموضها، وعلى أثر ذلك يخشي المستثمرين أن يؤدي هذا الأمر إلى تخفيض التصنيف الائتماني للبلاد وبالتالي زيادة تكاليف الاقتراض على جنوب إفريقيا، لاسيما بعدما أججت المزاعم المخاوف بشأن الحكم والاستقرار فى جنوب إفريقيا وطالبت المعارضة زوما بالاستقالة. وقال جويدى مانتاشى الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الإفريقى الحاكم إن اللجنة التنفيذية الوطنية بالحزب عقدت مناقشات صريحة وقوية بشأن المزاعم المتعلقة بنفوذ عائلة جوبتا في تعيين وزراء ومسؤولين، مضيفًا أن مسؤولي الحزب لم يناقشوا تنحي زوما عن الرئاسة خلال الاجتماع الأخير. وبعيدًا عن علاقة زوما بعائلة جوبتا يتهم معارضون الرئيس بالفساد المالي، ويؤكدون أنه يتوجب عليه سداد مبالغ أنفقها لإحداث تحسينات غير ضرورية ببيته الريفي في قرية نكاندلا، وتقدر المبالغ بما يقارب 20 مليون يورو، ومنذ ذلك الحين تهاجم أحزاب المعارضة زوما في البرلمان وتطالبه بالرحيل بسبب رفضه إعادة جميع الأموال، كما برزت انتقادات حتى من داخل الحزب الحاكم. وفي هذا السياق؛ قال موقع أوول أفريكا إن هناك حالة غضب شديدة من قبل جزء من الشعب الجنوب الإفريقي إلى مستويات غير مسبوقة تجاه سياسة زوما، وفقا لنتائج استطلاع رأي نشرت نوفمبر الماضي، حيث هناك اثنين من كل ثلاثة في جنوب إفريقيا لا يثقون بالرئيس، وما يقرب من النصف أصبحوا ينظرون إليه ومن حوله على أنهم فاسدون، وعلى الرغم من ضعف الأداء، إلا أن حكومة الرئيس زوما لا تزال تحصل على علامات عالية لجهودها الرامية إلى تحسين أو المحافظة على مدفوعات الرعاية الاجتماعية، والأمن الغذائي، والخدمات الصحية والتعليم والبنية التحتية، كما أن الحكومة نجحت في مجالات هامة كإدارة الاقتصاد وخفض الجريمة والفساد. وبحسب الإحصائيات الاقتصادية تمر جنوب إفريقيا التي تعتبر من أغنى دول القارة الإفريقة بأزمة اقتصادية عاصفة، ويرى مراقبون أن البلاد غارقة في حمى مفارقات حيث تكثر حالات عدم المساواة، كما أن الفقر يمس 39 % من مجموع السكان، والبطالة تضرب 25 % من القوى العاملة، كما تشير التوقعات إلى أن النمو حتى عام 2017، لن يتجاوز 1.1%.