تمر اليوم الذكرى الخامسة لاستفتاء 19 مارس، الذي أُجرِيَ عقب ثورة يناير؛ لمعرفة رأي الشعب في التعديلات التي جرت على دستور 1971، والذي تم تعديل بعض المواد فيه بعد تنحي مبارك وتسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. سبب الاستفتاء كانت أبرز المطالب هي تعطيل العمل بدستور 1971 وكتابة دستور جديد يتواءم مع متطلبات المرحلة الراهنة، وذهب البعض الآخر لإمكانية عمل تعديلات فقط على الدستور المعطل وموقف جماعة الاخوان في هذا التوقيت، وهو ما جعل المجلس الأعلى يقرر عمل تعديلات دستورية وطرحها على الشعب للاستفتاء مع وضع احتمالين. الأول: موافقة غالبية الناخبين على التعديلات، فيتم إقرارها وإكمال المرحلة الانتقالية بها، والثاني: رفض الناخبين للتعديلات وكتابة دستور جديد. وقرر المجلس إنشاء لجنة من القانونيين لصياغة التعديلات المقترحة على الدستور؛ تمهيدًا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة. أبرز التعديلات تم طرح 12 مادة معدلة من دستور 1971 للاستفتاء على الناخبين، وهي المواد: "75" المتعلقة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، و"76″ المتعلقة بأسلوب الترشح لرئاسة الجمهورية، و"77″ الخاصة بفترة ولاية الرئيس والتجديد، و"88″ الخاصة بالإشراف على الانتخابات التشريعية، و"93″ المتعلقة بالفصل في صحة عضوية نواب مجلس الشعب، و"139″ المتعلقة بتعيين نائب لرئيس الجمهورية، و"148″ الخاصة بإعلان حالة الطوارئ، و"179″ الخاصة بمكافحة الإرهاب، و"189، 189 مكرر، 189 مكرر1″ المتعلقة بالأحكام العامة والانتقالية. وتنص المادة 189 من الدستور على أن يقوم رئيس الجمهورية ومجلس الشعب المنتخب باختيار 100 عضو من أعضاء المجلس؛ حتى يقوموا بوضع دستور جديد للبلاد. غزوة الصناديق شهدت الفترة التي سبقت الاستفتاء حشدًا هائلًا من جانب تيار الإسلام السياسي؛ للتصويت ب "نعم" على التعديلات الدستورية، وهو ما فسره البعض برغبتهم في كتابة دستور جديد بعد وصولهم لسدة الحكم، وتم الحشد لأنصار جماعة الإخوان وعدد من قياداته، ودخل إلى الساحة السياسية – فيما بعد – حزب النور، وتم إطلاق بعض الشعارات، مثل "نعم تجلب النعم"، و"قول نعم للإسلام"، وأشهرها "غزوة الصناديق"، التي هتف بها الشيخ محمد حسين يعقوب فرحًا بالموافقة على الدستور. بداية الطريق الخاطئ بسبب طمع الإخوان شن بعض السياسيين هجومًا على جماعة الإخوان والإسلام السياسي، الذين كانوا يطمعون في الاستحواذ على السلطة بشكل منفرد، مستغلين الجانب الديني في دعوات الحشد، حيث أكد الدكتور علي السلمي رئيس الوزراء في ذلك التوقيت ل«البديل»، أن جماعة الإخوان كانت تسعى لإجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية، بحيث تتمكن من السيطرة علي لجنة إعداد الدستور؛ ومن ثم تختار شخصيات مؤيدة لها. وهذا ما تم اكتشافه فيما بعد، فأطلقوا فكرة الوثيقة الدستورية كحل وسط بسبب الفراغ الدستوري؛ حيث تم وقف العمل بدستور 71 الذي كان معمولًا بها قبل ثورة يناير، وهاجم الإخوان الوثيقة. وتابع السلمي أن هذا التوقيت كان بداية الطريق الخاطئ، الذي مضينا فيه عقب ثورة يناير، ودفعنا جميعًا ثمن هذا الطمع، وأصبح هناك صراع على السلطة من جانب جماعة الإخوان. في هذا الشأن قال أحمد فوزي، القيادي بالحزب المصري الديمقراطي، إن هذا الاستفتاء كان صفقة بين الإخوان والمجلس العسكري استطاع بها «المجلس» السيطرة على مجريات الأمور وإعادة النظام الأسبق مرة أخرى مستغلا طمع الإخوان في الحكم وتمكنهم من حشد الشعب باسم الدين، مشيرًا إلى أنهم كانوا يعدون لهذا السيناريو منذ اللحظة الأولى، واستمر هذا الوضع بعد استفتاء 19 مارس، حتى سيطر الإخوان على الانتخابات الرئاسية. وأضاف أن نتيجة هذا الاستفتاء ما زلنا نتحمل عواقبها حتى الآن، حيث انتهى مصير شباب الثورة إلى السجون، وأصبحت الحياة السياسية في مصر مناخًا طاردًا، وتم استدعاء الجيش مرة ثانية للشارع.