ترددت خلال الأسابيع الماضية أنباء عن نية حلف شمال الأطلسي مناقشة دعوة روسيا إلى محادثات رسمية؛ بهدف إعادة توازن العلاقات، بعد تضررها البليغ، على خلفية أحداث أوكرانيا وإسقاط تركيا عضو الناتو للقاذفة الروسية. وبحسب وكالة فرانس برس فإنه كان من المفترض أن تُعقَد المحادثات نهاية فبراير الماضي، بعد اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، لكن هذا لم يحدث. وعلى النقيض تمامًا حدث تصعيد من دول الناتو المتمثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي. البنتاجون: روسيا الخطر الأول اعتبر وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر أن روسيا تمثل الخطر الأول في قائمة تحديات الأمن الأمريكي الاستراتيجية. وورد في بيان صحفي صدر عن البنتاجون الخميس الماضي بعد اجتماع لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي لشؤون القوات المسلحة: لقد أدرج كارتر 5 تحديات استراتيجية عالمية تهدد أمن الولاياتالمتحدة، مكمنها روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران والإرهاب. واعتبر كارتر كلًّا من روسيا والصين منافستين للولايات المتحدة، حيث يملك البلدان منظومات عسكرية متطورة، يستمران في تحديثها؛ لتهدد الولاياتالمتحدة. وتابع أن الأوضاع على الصعيد الأمني في الوقت الراهن تختلف كثيرًا عما كانت عليه في غضون السنوات ال 25 الماضية، فالأمر صار يتطلب توظيفات وخطوات جديدة. تصنيفات وزير الدفاع الأمريكي جاءت ضمن مناقشات حول مشروع ميزانية الدفاع الأمريكية المفترضة لعام 2017، حيث يطالب البنتاجون بزيادة في التمويل يتراوح بين 524 و583 مليار دولار، منها 59 مليار لتمويل العمليات العسكرية الأمريكية بالخارج، فيما كشفت مصادر أمريكية مطلعة عن نية الرئيس الأمريكي باراك أوباما خفض ميزانية الدفاع بواقع 27 مليار دولار، ما قد يفضي إلى تقليص بعض برامج التسلح الكبرى الأمريكية. وكشف كارتر مطلع فبراير الماضي عن أن الموازنة الإجمالية للسنة المالية 2017 ستبلغ 583 مليار دولار، متخطية بنسبة كبيرة موازنة أي دولة، ومتجاوزة الإنفاق العسكري للجيوش الثمانية الأكبر مجتمعة في العالم، مؤكدًا أن هدف هذه الزيادة هو ردع تحركات روسيا في أوروبا. روسيا والتصعيد الأوروبي اعتمد وزراء خارجية الدول الأوروبية ال 28، خلال لقائهم في بروكسل 14 مارس، مجموعة من المبادئ للتعامل مع روسيا، مع تأجيل العقوبات ضد روسيا إلى قمة الاتحاد الأوروبي الصيفية خلال شهر يونيو القادم. وتوزعت المبادئ الأوروبية التي سيتم من خلالها التعاطي مع روسيا على خمس نقاط، المبدأ الأول ينص على أن التنفيذ الكامل لاتفاقات مينسك يُعَدُّ شرطًا لأي تغييرات في العلاقات مع روسيا. وينص الثاني على تعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع الشركاء الشرقيين. والثالث على تعزيز استقرار الاتحاد الأوروبي. والرابع ينص على أن أي عمل مشترك مع روسيا يجب أن يتماشى مع مصالح الاتحاد الأوروبي. ونص المبدأ الخامس على ضرورة تأييد المجتمع المدني في روسيا، وإقامة الروابط بين الناس في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي. روسيا تعيد النظر في التعاون مع أوروبا وفي خطوة تصعيدية جدد الاتحاد الأوروبي أمس دعوته إلى الدول الأعضاء في الأممالمتحدة للانضمام إلى العقوبات الغربية ضد موسكو، وذلك في بيان صدر بمناسبة الذكرى الثانية لانضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من تعزيز القدرات العسكرية الروسية في القرم، وتحدث عن تدهور وضع حقوق الإنسان في شبه الجزيرة. الخطوة الأوروبية لم تبقَ دون رد روسي، فموسكو اعتبرت أن فحوى المبادئ الأوروبية هو تغليب مصلحة الاتحاد الأوروبي على مصلحة روسيا، ما دفعها للقول بأن موسكو ستعيد النظر في التعاون مع الاتحاد الأوروبي، حيث قال مصدر في وزارة الخارجية الروسية إن الاتحاد الأوروبي أصبح يعتبر نفسه الطرف الرئيسي الذي يمكنه أن يلقن الطرف الآخر ماذا يفعل، مشيرًا إلى أن روسيا ترفض أن يستمر الغزل على هذا المنوال، ولهذا لا بد وأن يعيد الطرف الروسي النظر في مبادئ التعاون مع الطرف الأوروبي. برنامج الدفاع والردع الأوروبي التصعيد الأمريكي الأوروبي سبقه تصعيد من الناتو خلال اجتماع أعضائه في بروكسل شهر فبراير الماضي، حيث وافق وزراء دفاع الحلف على تسريع تنفيذ برنامج الدفاع والردع في القرن الحادي والعشرين، وذلك من أجل ردع روسيا، ويتضمن هذا البرنامج إنشاء مقار قيادة وترسانات جديدة للأسلحة في أوروبا الشرقية، ومرابطة وحدات عسكرية أمريكية أكبر في القارة الأوروبية؛ بهدف الضغط على موسكو، مع استبعاد مواجهة واسعة النطاق معها، على أن تقود الولاياتالمتحدة تنفيذ البرنامج المذكور، وتتحمّل نحو 70% من نفقاته. روسيا: الناتو ينتهك مواثيق التعاون في المقابل اعتبرت روسيا أن قرار قمة بروكسل الأخيرة والقاضي بنشر قوات الردع في أوروبا يُعَدُّ انتهاكًا لوثيقة التعاون مع روسيا الموقعة عام 1997، والتي تنص على عدم نشر القوات العسكرية للناتو في أراضي الأعضاء الجدد في الحلف. ويبدو أن المفاوضات بين موسكو والناتو قد دخلت النفق المظلم الذي قد يطول الخروج منه، في ظل تشعب الملفات بين روسيا والحلف الأطلسي في كلّ من أوكرانيا والقرم وتركيا، ناهيك عن سوريا.