تحولت عملية إزالة وإعادة بناء مستشفى سمالوط المركزي بالمنيا إلى أزمة تواجه المرضى والأهالي، واتهامات بالفساد وإهدار المال العام، خاصة بعد ترقية قيادات الصحة وإدارة المستشفى عقب نقله؛ استعدادًا للهدم. بدأت القضية منذ 3 أشهر، عندما صدر قرار الهدم وإعادة البناء بهدف تطويره، وأعلنت مديرية الصحة بالمنيا وقتها أن المستشفى سوف يسع 147 سريرًا، وسيتم تحويل الأقسام كافة إلى الوحدة الصحية بقرية قلوصنا، لحين إنهاء عملية البناء. في خطوة سبقت عملية نقل المستشفى، وأعقبت استصدار قرار هدمه،انهالت شكاوى ومقترحات الأطباء والأهالي ونواب البرلمان والمبادرات الشبابية والمراكز الحقوقية، مطالبين بعدم إتمام تلك الإجراءات؛ لأن القرية تبعد 10 كيلو مترات عن مدينة سمالوط، ويقف مزلقان السكك الحديدية عائقًا يؤخر وصول المرضى عند إغلاقه، كما أن الطرق ترابية، ووسائل المواصلات غير متوفرة طوال اليوم، إلى جانب عدم توافر كابلات ضغط المياه والكهرباء اللازمة لتشغيل أجهزة بعض الأقسام المتخصصة. رئيس قسم الجراحة بالمستشفى د. رضا جرجس قال ل «البديل» إن الأطباء قدموا مذكرة للجهات المختصة تطالب بعدم نقل المستشفى، كما تضمنت المذكرة مقترحًا بأن يبقى المستشفى بمكانه الأصلى؛ لكونه يخدم الطرق الزراعية والصحراوية، على أن تتم عملية الهدم لجزء منه يليها الجزء الآخر تباعًا. وأضاف جرجس أن الأطباء تقدموا بمذكرة أخرى لرئاسة الوزراء ووزير الصحة ومحافظ المنيا، طالبوا خلالها بإعادة النظر في خطة تطوير المستشفى؛ لما فيها من مغالطات، منها أنها لا تراعي التعداد والتزايد السكاني للمركز، حيث لم يتم أخذ آراء مجلس إدارة المستشفى، وكذلك لم يتم استغلال المساحة المتاحة للبناء في الارتفاع رأسيًّا لأقصى حد تسمح به المواصفات والقياسات الهندسية اللازمة. وقال رجب عبد العليم، منسق مبادرة تحسين سمالوط، ل «البديل» إن أعضاء المبادرة اقترحوا عدم نقل المستشفى إلى قلوصنا، واعتماد نقل بعض الأقسام داخل أحد المبنيين، لحين الانتهاء من تشييد المبنى الآخر. وحال وجود أقسام أخرى تستلزم النقل، يتم نقلها إلى أي مبني إداري بمركز سمالوط. لم تلفت الجهات المختصة إلى مقترحات وشكاوى الأهالي والأطباء ونواب البرلمان، وبدأت بالفعل في نقل المستشفى إلى قرية قلوصنا، منذ قرابة 3 أشهر، كما بدأت أولى خطوات هدم المبنى القديم. في الوقت نفسه فوجئ الأطباء بترك جهاز الأشعة المقطعية داخل المستشفى، وكان من المفترض نقله؛ حفاظًا عليه، خاصة وأن قيمته المادية تبلغ أكثر من مليوني جنيه، وأوضح رئيس قسم الجراحة أن الجهاز تحصلت عليه إدارة المستشفى بالجهود الذاتية وبمساعدة نواب البرلمان القدامى بعد رحلة عناء. لم تمضِ أسابيع قليلة من نقل المستشفى، حتى تفقد محافظ المنيا الحالي اللواء طارق نصر موقعه الجديد بقرية قلوصنا، فلاحقته شكاوى الأهالي والأطباء حول بعد المسافة وقلة مساحة الوحدة الصحية لقلوصنا، وكذا قلة عدد الأسرة، فما كان منه إلا أن قرر نقل قسمي الأطفال والحضانات إلى المركز الطبي الكائن بمدينة سمالوط، ما يرسخ فشل إدارة المستشفى باستصدارها قرار النقل إلى القرية البعيدة. وبعد إتمام عملية نقل المستشفى انهالت الشكايات مرة أخرى، وقال نقيب محامي سمالوط محمد خلف الكسار أكد ل «البديل» أن الإجراء تسبب في حدوث وفيات ناجمة عن حوادث الطرق؛ نظرًا لبعد القرية. كما أن قسم الاستقبال يخصص أطباء ليسوا مختصين؛ لكونهم يتبعون قسم الطب الوقائي، مع قصور استقبال حالات الطوارئ؛ لأن وكيل الوزارة أجبر أطباء غير مؤهلين للعمل بالطوارئ، وطلب أحدهم نقله. إهدار مال عام لم تسلم إدارة المستشفى ومديرية الصحة من اتهامات بإهدار المال العام وشبهات الفساد المالي، فعضو مجلس النواب عن دائرة سمالوط الدكتور علي الكيال قال ل «البديل» إنه تقدم ببيان لرئيس مجلس النواب حول إشكاليات تطوير المستشفى، أوضح خلاله وجود إهدار للمال العام؛ لكون المستشفى بُنِيَ منذ 15 عامًا وبحالة جيدة، وأنه رصد 52 مليون جنيه تكلفة الهدم والبناء، في حين سعة الأسرة ستكون 145 سريرًا، بعدما كانت 317 سريرًا في المستشفى القديم، الأمر الذي يمثل مشكلة، خصوصًا أن تعداد سكان المركز يصل إلى ما يقارب المليون نسمة. وافقه الرأي رئيس قسم الجراحة، الذي تساءل "كيف نقول تطوير ويتم تقليص عدد الاسرة لأكثر من النصف؟ اللي بياخد القرار في الوزارة مش بيدرس الواقع، ولا بينزل يشوف. وتيجي تناقشه يتمسك بقراره". وبسؤاله عن تكلفة عملية التطوير، قال إن الأمر غير معروف؛ حتى لا يتمكن أحد من مراجعة الميزانيات وأوجه الصرف والإنفاق، وأضاف أن مدير المسشفى تمت مكافأته بترقيته إلى منصب كبير بمديرية الصحة بالمنيا، كما أن وكيل الوزارة عاد لموقع بمدينة بنها على نفس المنصب. وأضاف أحد الأطباء – رفض ذكر اسمه – أن تكلفة نقل أجهزة المسشفى تجاوزت مبلغ 300 ألف جنيه، كانت تدفع للتوكيلات والشركات المتعاقدة على الأجهزه ومعدات المستشفى، كما أن الترميم ب قلوصنا تجاوزت تكلفته 350 ألف جنيه. مخالفة إدارية أخرى يكشفها نقيب المحامين، وهي أن اللائحة الداخلية لوزارة الصحة تكفل عدد 200 سرير لكل نصف مليون مواطن، في حين أن تعداد سكان مركز سمالوط يتجاوز 800 ألف نسمة، وتخصص المستشفى 147 سريرًا فقط.