تسعى الدولة بكافة طاقاتها إلى التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية، بداية من مؤسسة الرئاسة وحتى وزارة التعليم العالي، وهو ما يطرح تساؤلات حول تلك الجامعات وأهمية ذلك السعي. في مايو من العام الماضي أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا جمهوريًّا بتحويل الجامعة الفرنسية من خاصة إلى أهلية، وتكون لها شخصيتها الاعتبارية، ومقرها مدينة الشروق. كما أن وزير التعليم العالي السابق الدكتور السيد عبد الخالق قال في يوليو من العام قبل الماضي إن المرحلة القادمة ستشهد زيادة أعداد الجامعات الأهلية في مصر؛ لاستيعاب جميع طلاب الثانوية العامة في التعليم الجامعي. وبالأمس عقد المجلس الأعلى للجامعات اجتماعًا برئاسة الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى والبحث العلمى، أوضح خلاله السعي في إطار خطة التنمية المستدامة الجديدة 2030 لزيادة الشريحة المستهدفة للتعليم العالي من 30% إلى 40 %، بإنشاء جامعات جديدة، وذلك بعد أن دعا الجهات التى تقدمت بطلبات لإنشاء جامعات أهلية وتوقفت لأية أسباب لإعادة تقديم طلباتها فى ضوء الظروف الجديدة. وعلق الدكتور وائل كامل، عضو اللجنة التنسيقية لمؤتمر عموم أعضاء التدريس "31 مارس"، بأن التوسع في إنشاء الجامعات يأتي كمحاولة للتنصل من المجانية التي نص عليها الدستور؛ لأنها ستكون بمصروفات، وبالتالي عندما يتم قبول الطلاب بها، سوف يتم التحرر من قيود الجامعات الحكومية، خاصة وأن الصرف في الجامعات الأهلية مفتوح أكثر من الجامعات الحكومية، وهو توجه واضح وصريح بالاتجاه للخصخصة، وثبات عدد الجامعات الحكومية والتوسع في الأهلية. وأضاف كامل أن ذلك التوجه يؤكد حديث المجلس الاستشاري للتعليم التابع للرئاسة وتصريحات الوزراء السابقين عن ترشيد مجانية التعليم، مشيرًا إلى أن هناك حديثًا عن أن كل جامعة حكومية سوف تنشئ جامعة أهلية خاصة بها بشراكة مع القطاع الخاص. ومن المعلوم أن نسبة الإدارة للقطاع الخاص هي المسيطرة والجامعة الحكومية اسم فقط، وفي النهاية مجلس الأمناء هو من يتحكم في كل شيء، موضحًا أننا في طريقنا للتحول إلى تحرير التعليم وتحول الدولة من مقدمة للخدمة التعليمية إلى مراقبة لها. ولفت إلى أن التخصصات التي ليس عليها إقبال في سوق العمل سيتم إعادة النظر فيها، وذلك يعني أن الجامعات الأهلية ستفرغ الحكومية من الكفاءات، حتى تصبح الجامعات الحكومية مكبدة بالخسائر كما يحدث في القطاع العام بعد خصخصته، ومع استمرار خسارتها، سيكون الحل هو إغلاقها. وقال الدكتور محمد فوزي، الخبير التعليمي، إن أي محاولة للابتعاد عن تطور التعليم الحكومي واللجوء إلى أي نظام آخر تستهدف بالأساس التحول من النظام المجاني إلى النظام التعليمي المدفوع الأجر، وهو ما يتضح في اتجاه الدولة نحو التوسع في الجامعات الأهلية على حساب عمل إصلاحات في التعليم الحكومي. وأضاف فوزي أن مشروع الجامعات الأهلية بدأ أيام مبارك، وما يحدث الآن هو إعادة إحيائه من جديد؛ لأنه في النهاية يخدم رجال الأعمال على حساب الطالب، موضحًا أن تلك الخطوة هي الوسيلة الجديدة التي تتماشى مع ما أعلنته وزارة التعليم العالي في خطتها 2030.