ورث أهالى قرية «شبرا ملس» التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية مهنة صناعة الكتان عن الأجداد، حتى عرفت القرية بأنها قلعة صناعة الكتان في الشرق الأوسط، فمنذ حوالي مائتى عام، دخلت الصناعة إلى القرية، واستخدم الأهالي الأراضي الفضاء خلف منازلهم فى إنشاء مصانع يدوية بدائية حتى تطورت الصناعة، لكن أصحابها يعانون مشاكل عدة، أبرزها إغلاق المصانع وتشريد عمالها؛ بحجة مخالفة الاشتراطات الأمنية. يقول ممدوح سرحان، أحد أكبر مصنعي الكتان في القرية، إن زراعة نبتة الكتان وصناعتها تمر بمراحل كثيرة ومتعددة، وتوفر فرص عمل لأكثر من 40 ألف شخص، على مدى شهور الزراعه والتصنيع، حتى مرحلة التصدير، فأقل مصنع يعمل به 700 عامل من أبناء القرية والقرى المجاورة، في حين أن الدولة لا تعرف عن صناعتهم شيئا. وعن المشاكل التى تواجههم، أكد أن الأمن الصناعي التابع لمديرية القوى العاملة، شمع 36 مصنعا بالقرية؛ بحجة أنها غير مرخصة، ويشترط للترخيص بناء سور بمواصفات معينة ووضع كاميرات مراقبة وسلك شائك فوق السور، مضيفا: «عندما هممنا لتنفيذ الإجراءات المطلوبة، أوقفت وزارة الزراعة بناء الأسوار؛ للمخالفة، مع العلم أن المصانع تعمل منذ 150 عاما على هذا النحو». وأوضح محمود لاشين، صاحب مصنع كتان ب«شبرا ملس»: «نجهز أجران التشوين المؤجرة التي ننشر بها أعواد الكتان حتى تجف تحت حرارة الشمس، وبعدها عملية الدراس، ثم فصل العود عن البذرة، إلى عملية التربيط؛ عبر أحبال مصنعة خصيصا لهذا الغرض من سعف النخل، لتكون في شكل حزم يسهل نقلها إلى المعاطن التي تستوعب 4 أفدنة بكل معطنة، لتظل الأعواد بها أياما، وكل ذلك يتم بالأيدي العاملة مدفوعة الأجر، فمتوسط أجر العامل 200 جنيه في اليوم». وقال عبد الونيس عطية، أحد العمال: «لا يهمني أصحاب المصانع ومشكلتهم، أنا أعمل وبناتي الاثنين وابني ومراتي في شغل الكتان منذ 20 سنة، ولا نعرف عملا غيره»، مضيفا: «نجوع ولا نسرق، انتوا لا ترحموا ولا تسيبوا رحمة ربنا تنزل على الغلاية». ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أغا، عضو جمعية منتجي الكتان بطنطا، على أهمية صناعة الكتان وقيمتها الاقتصادية المهمة، قائلا: «تساعد علي زيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي وزيادة الدخل القومي من الزراعة؛ لأنه من المحاصيل التصديرية التي يمكن التوسع فيها رأسيا بما يحقق زيادة كبيرة في التصدير». وأضاف أغا ل«البديل» أن زراعة الكتان تقوم عليها العديد من الصناعات المهمة، المتمثلة في إنتاج الألياف بالسوق المحلي والدولي، كما أن عوادم الكتان تستخدم في إنتاج الخشب الحبيبي، والألياف المتوسطة لصناعة الدوبارة، والعوادم لصناعة الورق الفاخر "البنكنوت والمستندات"، وتساهم هذه المنتجات في الحصول علي مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي؛ عن طريق تصديرها مباشرة أو استخدامها محليا، وبالتالي توفير استيراد المثيل لها ما لم تنتج محليا. وتابع: «واجهت الصناعة في السنوات الأخيرة العديد من المشكلات التي تهدد بتقليص النشاط فيها، وبالتالي تعطل الاستثمارات الضخمة المستخدمة فيها، أهمها وضع العراقيل أمام أصحاب المصانع، وتحجيم الإنتاج في المصانع الكبيرة، ما أثر في سياسة تسويق منتجات الكتان سلبا»، مطالبا الدولة بوضع خطة قومية للنهوض بالصناعة المهمة والتوسع في زراعة المحصول الشتوي. على الجانب الآخر، قال خالد أبو بكر، وكيل وزارة القوى العاملة بالغربية، إن العديد من مصانع الكتان طورت مبانيها واشترت بالات حديثة دون الرجوع إلى الأمن الصناعي والإدارة الهندسية، جهتي الاختصاص ومانحي التراخيص، مؤكدا عدم ممانعته في إلغاء قرارات الغلق؛ بشرط التزام أصحاب المصانع المخالفة بالاشتراطات المطلوبة، وأهمها تعليمات الدفاع المدني؛ لأن الكتان مادة سريعة الاشتعال، وسبب غلق بعض المصانع وجودها داخل الكتلة السكانية. وعد أبو بكر بتشكيل لجنة فنية من الجهتين لزيارة المصانع؛ للوقوف على آخر تطورات الموضوع، والاتفاق مع أصحابهم على بدء العمل من جديد وتوفيق أوضاعهم، خاصة أن محصول الكتان يتم نقله هذه الأيام إلى المصانع؛ لبدء عملية الصناعة.