تعتبر مناورات «رعد الشمال» العسكرية التي تقام في مدينة الملك خالد العسكرية، بمدينة حفر الباطن شمال السعودية بالقرب من الحدود العراقية التركية، هي الأكبر في المنطقة العربية من حيث عدد الدول المشاركة وقواتها والعتاد العسكري النوعي المشارك فيها، حيث بدأت المناورات في 14 فبراير الجاري ومن المقرر أن تستمر حتى 10 مارس المقبل. الدول المشاركة أعلنت السعودية أن الدول المشاركة في المناورة 20 دولة عربية وإسلامية: السعودية، الإمارات، الأردن، البحرين، السنغال، السودان، الكويت، المالديف، المغرب، باكستان، تشاد، تونس، جزر القمر، جيبوتي، سلطنة عمان، قطر، ماليزيا، مصر، موريتانيا، موريشيوس، إضافة إلى قوات درع الجزيرة، وهي قوة عسكرية أنشأتها دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين، وعمان) للدفاع عن أمن منطقة الخليج. العراق تحذر.. الجزائر تمتنع.. تونس ملاحظ فقط تشهد العلاقات بين العراق والسعودية بعض التوترات خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد تصريحات السفير السعودي في بغداد، ثامر السبهان، حول العملية السياسية ومكافحة داعش، لكن منذ إعلان المملكة نيتها التدخل البري في سوريا تصاعدت التوترات بين الطرفين، حيث تتخوف بغداد من نية الرياض التدخل في سوريا مرورًا بالأراضي العراقية أو الأردنية، ومع إعلان السعودية عن إجراء مناورات رعد الشمال بالقرب من حدودها مع بغداد، ازدادت التخوفات وهو ما زاد من حدة الاعتراض، ودفع وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، إلى الإعراب عن رفضه أي مناورات عسكرية تقوم بها الدول المجاورة وتهدد أمن بلاده مع قوات دول أخرى في منطقة حفر الباطن قرب الحدود العراقية، وأضاف الجعفري أن العراق لا يمكن أن يفرّط بسيادته ويرفض أي تدخل أجنبي في أراضيه. في ذات السياق طالبت أطراف سياسية عراقية الحكومة في بغداد بالاحتجاج على الخطوة السعودية، حيث رأى النائب عن التحالف الوطني، كامل الزيدي، أن التحالف السعودي التركي يحاول إعادة خلط الأوراق في العراقوسوريا، بعد الهزيمة التي تلقاها تنظيم داعش، وقال: إن التقدم على حساب داعش داخل العراق والانتصارات التي تحققت في سوريا دفعا الولاياتالمتحدة إلى إعطاء الضوء الأخضر للسعودية وتركيا لتشتيت مجريات الأحداث، مشيرًا إلى أن ما حدث عطل مشروعًا معدًّا مسبقًا بشأن هذين البلدين، ومن جهتها أعلنت هيئة الحشد الشعبي رفضها أي تحرك سعودي على الأراضي العراقية. وغردت الجزائر خارج السرب حيث يرفض الدستور الجزائري مشاركة الجيش في أي أنشطة عسكرية خارج حدود بلاده، فيما تشارك تونس بجنديين فقط للملاحظة، حيث أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني، المقدم بلحسن الوسلاتي، أن تونس لن تشارك في مناورات رعد الشمال، موضحًا أن حضور بلادنا سيكون عبر مشاركة ضابطين كملاحظين في المناورات العسكرية، نافيًا بذلك مشاركة تونس في أي عملية عسكرية خلال هذه المناورات. القوات المشاركة وتعدادها تشارك في المناورة أنواع الأسلحة والمعدات كافة، بداية من المشاة الميكانيكية والبحرية، مرورًا بالقوات البحرية والدبابات والمدفعية والطائرات المقاتلة ومنظومات الدفاع الجوي والقوات الخاصة، كما يتم استخدام أحدث الأسلحة بما فيها التايفون والأباتشي والأواكس والمدرعات الفرنسية والبريطانية الحديثة. يقدر تعداد القوات المشاركة في التدريبات بأكثر من 350 ألف جندي، إلى جانب ألفين و540 مقاتلة حربية، و20 ألف دبابة ومدرعة، و460 طائرة هليكوبتر. التوقيت والرسائل السياسية بعيدًا عن إعلان السعودية بأن هذه المناورات تهدف للوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ مهمات مشتركة بين قوات الدول المشاركة، فإن الرياض انتظرت التوقيت المناسب لإجراء المناورات التي كانت على أجندة المملكة منذ فترة، حيث تأتي هذه المناورة الكبرى في الوقت الذي تسود فيه أجواء متوترة بين السعودية وإيران، وبالأخص بعد قطع الرياض علاقتها الدبلوماسية مع طهران، ووصفها بأنها العدو الإقليمي الأكبر. يأتي الإعلان عن بدء المناورات في ظل تسارع التطورات الميدانية بسوريا، وبعد أيام من تهديد السعودية بتدخل بري في سوريا، تدعمه تركيا والإماراتوقطر وترفضه مصر والكويت، مما دفع العديد من المراقبين إلى ربط مناورة رعد الشمال بالتدخل البري في سوريا، ووصفوه بأنه استعدادات مباشرة لهذا التدخل، نظرًا لحجم المناورات ونوعية الأسلحة المستخدمة فيها بشكل كبير، حيث تسعى السعودية لفتح جبهة قتالية جديدة في سوريا تحت غطاء عربي. كما تأتي هذه المناورات قبل أكثر من شهر على اجتماع التحالف العسكري الإسلامي الذي رجحت الرياض عقده نهاية مارس المقبل، والذي يُعد الأول للتحالف الذي أعلن ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، محمد بن سلمان، تشكيله في ديسمبر الماضي ويضم 35 دولة. تسعى الرياض لتوصيل رسالة سياسية إلى بعض الدول الإقليمية، مفادها أنها قادرة على حشد معظم الدول العربية والإسلامية الحليفة لها تحت راية السعودية، لتبني رؤيتها والسير على نهجها، كما أن اختيار مكان إجراء المناورة ليكون في الشمال السعودي، وعلى الحدود مع العراق وبالقرب من إيرانوسوريا، من شأنه أن يحمل رسالة جديدة من المملكة للدول التي تُعد عدوة لدودة لها وعلى رأسها إيران، مفادها بأن التهديد قريب من حدودها.