* الاحتفالات والجوائز التي أعلن عنها المجلس العسكري تحاول استعادة الصورة القديمة وشعار الجيش والشعب ايد واحدة * منتقدون يعتبرون الجوائز محاولة للتأثير على الفقراء ودفعهم للبقاء بعيدا عن الميادين على أمل الفوز * الإخوان هم الأكثر نفوذا سياسيا في مصر.. لكن “التحريريين” يمكنهم تحريك الأحداث وتحقيق الأهداف ترجمة- نور خالد: بعد مرور قرابة عام على الثورة المصرية، اهتمت صحيفة “أوبزرفر” البريطانية برصد الأوضاع في مصر، وتحدثت في عددها الصادر اليوم عن عرض عسكر كاذبون الذي أقيم الأربعاء الماضي في ميدان طلعت حرب. حيث تم عرض لقطات فيديو توضح وحشية الجيش المصري وقوات الأمن في التعامل مع الناشطين والتي نادرا ما يعرضها التليفزيون المصري. وخلال ذلك العرض التف حشد من المواطنين في هدوء يشاهدون العرض عبر ورقة بيضاء تستخدم كشاشة عرض للمادة الموجودة على كمبيوتر محمول يحمله شاب يجلس القرفصاء تحت تمثال طلعت حرب. ونقلت الصحيفة عن أحد المتواجدين أن الضرب والقتل والاعتقال على يد قوات الأمن في البلاد والتي حدثت منذ سقوط مبارك، تحدث برعاية حكام البلاد العسكريين. ولذا يقوم بتنظيم عروض “عسكر كاذبون” عشرات النشطاء في مختلف أنحاء البلاد. واعتبرت الصحيفة أن المجلس العسكري الذي أعلن الأسبوع الماضي عن خطط للاحتفال ب25 يناير، يسعى لتعزيز صورته في الدولة ك”حامي” للثورة المصرية. وسيقوم بعروض وألعاب نارية وعروض من القوات الجوي وتقديم جوائز تلقي بكروتها الطائرات في مختلف محافظات مصر. وذكرت الصحيفة أن الجزء الأخير من الاحتفالات المقررة يستهدف المواطنين الفقراء بالبقاء في مناطقهم بدلا من التوجه للميادين الكبرى، كما يهدف إلى التذكير بالشعار الذي ردده المتظاهرون سابقا، إلا أنه أصبح أجوفا عبر مرور الأشهر، وهو شعار “الجيش والشعب ايد واحدة”. ويظل التناقض بين الجنرالات الذين يريدون استمرار نفوذهم القديم الذي تمتعوا به في ظل نظام مبارك، وبين المطالبات بانتقال كامل للحكم إلى سلطة مدنية منتخبة. وفي الأسبوع الماضي أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عن شكوك، بعد اجتماع مع الحكام العسكريين في البلاد، حو اعتزام الجنرالات التخلي عن سلطاتهم كاملة لحكومة مدنية جديدة. واعتبر أن الجيش يرغب في الاحتفاظ بالسيطرة لأقصى حد ممكن ولأطول فترة ممكنة. وهي النتيجة التي لم يتوقعها كثيرون قبل 12 شهرا فيما كانت العربات العسكرية الأولى تندفع على كورنيش النيل في مساء يوم 28 يناير، والتي رحب بها المتظاهرون المناهضون لمبارك باعتبارها منقذهم من العنف الوحشي لأمن الدولة والشرطة. اختلف الوضع لاحقا- وهو ما رصدته أوبزرفر- ففي الأشهر التالية أصبح من استمروا في طليعة القوى الثورية ينظرون للجنرالات بشكوك عميقة وعداء. فقد تعر المدونين الناقدين والنشطاء للضرب، وقدم كثيرون لمحاكمات عسكرية وحكم على بعضهم بالسجن مثل مايكل نبيل الذي حكم عليه في مارس بالسجن لمدة عامين بتهمة “إهانة” المؤسسة العسكرية ونشر “معلومات كاذبة” بسبب تدوينة تشكك في دور الجيش في الثورة. كما تعرضت المتظاهرات إلى “اختبارات عذرية” إجبارية، واعتداءات وتحرشات جنسية وتمت تعريتهن وضربهن في الشوارع. وتم استخدام جنود الجيش في ديسمبر، للمرة الأولى، في الاعتداء والقتل المباشر ضد موجة من الاحتجاجات بدأت في نوفمبر ردا على محاولة الجنرالاتالتمسك بضمان سرية الميزانية العسكرية الضخمة وعدم الرقابة البرلمانية عليها. وشملت الحملة العسكرية في الأسابيع الاخيرة مداهمات لمنظمات حقوق الإنسان بعد فترة من الاتهامات التي وجهها الجنرالات بزعم أن الاضطرابات في مصر تصنعها “أياد أجنبية”. وتستمر الملاحقات القضائية للنشطاء البارزين بتهمة التحريض على الاضطرابات في نهاية العام. ونقلت الصحيفة عن الناشط أحمد صلاح، الذي أصيب في 25 يناير واعتقلته الشرطة، أنه كان يسعل دما بعد استخدام الغاز في شارع محمد محمود، ولا يزال يشكو من أن رئتيه لم تعد كما كانت قبل استنشاقه الغاز. كما أن صلاح مهدد بإجراءات قضائية ضده لأنه، حضر دورة تدريبية سياسية نظمها المعهد الجمهوري الدولي في دبي عام 2010. ويقول صلاح إن من المفارقات أن عددا من أعضاء الحزب الوطني المنحل حضروا ذلك التدريب. وعبر قنوات التليفزيون الموالية لفلول النظام، تم استنكار اشتراكه في التدريب واتهامه بتلقي التمويل الأجنبي لتقويض الدولة، التي أصبحت تهمة الجنرالات المفضلة ضد المعارضين. كما تم بث رقم هاتفه المحمول عبر شاشة إحدى القنوات، مما أدى إلى تلقيه سيلا من المكالمات المعادية. مثل الآخرين في قلب ثورة التحرير، يعتقد أحمد أن العملية الانتخابية تم تنظيمها لتتوافق مع ضمان استمرار نفوذ الجيش وامتيازاته، ومن بينها مصالحه التجارية التي تعززت خلال حكم مبارك. ويقول أحمد الجميع يعلنم أن الأسد الجريح يكون في أكثر حالاته خطورة، معتبرا أن المجلس العسكري أصبح في مأزق بسبب الأخطاء المتتالية سواء في مجال الاقتصاد أو حقوق الإنسان، وتصل تلك التصرفات إلى حد الخيانة لأنهم يهدفون إلى وأد الثورة. وفيما حصل الإخوان على أغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية، توقع كارتر ألا يتصادموا مع الجنرالات، والتوصل إلى اتفاق حول “حصانة مؤقتة” لقيادات الجيش وترك نفوذهم كما هو كما حدث سابقا في تركيا، وكما هو الحال في باكستان. ومن جانبه، يعتبر عمر عاشور المحاضر في العلوم السياسية والناشط الحقوقي أن “الإخوان لهم نفوذ سياسي أقوى من التحريريين، لكن المتظاهرين في الحرير لديهم القدرة على تحريك الأحداث وتحقيق الأهداف”، واعتبر أن هناك تأسيس لحياة سياسية جديدة وأمل في التغيير، وهي “الهدية الكبرى من الثورة”، لكن هناك العديدين داخل النظام الأمني يريدون تقويض الثورة ويحاولون استعادة وضعهم السابق وطريقة حياتهم، وبالتالي سيكون يوم 25 يناير حاسما في توضيح النتائج.