جبهة قتالية جديدة استحدثتها المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني، سلاح أكثر شراسة وفتكًا من الطائرات والصواريخ والقاذفات، ينتج عنه آثار مدمرة وخسائر فادحة دون إطلاق رصاصة واحدة أو إراقة دماء، حرب عقول أبطالها القراصنة، ووسيلتها أزرار الكيبورد وأجهزة الكمبيوتر، وتبدأ بضغطة زر واحدة؛ لتنتهي بمئات الخسائر. اختراق جديد قالت القناة العاشرة الصهيونية إن أجهزة الاستخبارات الإيرانية تمكنت من تسجيل اختراق واسع النطاق للحواسيب الإسرائيلية، شملت شخصيات رفيعة المستوى من عسكريين وسياسيين، من بين 1800 حاسوب إسرائيلي، واستطاعت سحب المعلومات المخزنة فيها، بما في ذلك الوثائق والصور ومراسلات البريد الإلكتروني. وأشارت القناة إلى أن الإيرانيين اخترقوا أيضًا الحاسوب الشخصي لرئيس أركان إسرائيلي سابق، من دون الكشف عن هويته، إضافة إلى أجهزة حواسيب أخرى تابعة لخبراء وإعلاميين إسرائيليين، وعلماء في مجال الفيزياء والطاقة النووية، ومسؤولين في الجامعات والمعاهد البحثية الإسرائيلية، وخبراء في الشؤون الإيرانية على مختلف مستوياتهم. ولفتت إلى أن الخبراء الإسرائيليين اكتشفوا الخرق، وتوصلوا إلى معرفة الجهة المخترقة، مشيرين إلى أن مقتحم الحواسيب إيراني الجنسية، يدعى ياسر بلاحي، وزعمت القناة أن بلاحي لم يتصرف من تلقاء نفسه، بل جرى توجيهه عبر جهات استخبارية إيرانية، متهمة الحرس الثوري الإيراني بتوجيهه. من جانبه قال معلق الشؤون العسكرية في القناة، ألون بن دافيد، إن الحرب الإلكترونية بين إيران وحزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية، لم تعد سرًّا، وباتت مكشوفة، إذ إن إيران وحزب الله يبذلان جهودًا كبيرة من أجل التجسس على إسرائيل، والطرفان يركزان في الأعوام الأخيرة على شخصيات إسرائيلية محددة، وقد استطاعا اختراق حواسيبهم، وأضاف أن الإيرانيين يملكون قدرات إلكترونية وقوة سيبرانيةكبيرة. بدوره اعترف مسؤول سابق في مجال الدفاع السايبريبالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية بفشل تل أبيب في صد أي من الهجمات الإلكترونية التي تشنها المقاومة، قائلًا إن عمليات الاختراق الإيرانية للحواسيب الإسرائيلية هي جزء من سباق تسلح لا ينتهي، وقد فشلنا فيه حتى الآن، لدينا فجوات كبيرة في أماكن عديدة، تستلزم منا العمل على استدراكها. من جهته لفت معلق الشؤون الأمنية في صحيفة يديعوت أحرونوت، رونن بيرجمان، إلى وجوب استدراك الأخطاء الإسرائيلية في مجال السايبروأمن المعلومات الإلكترونية، وقال: لقد جرى الاستخفاف في السابق بقدرات حزب الله على الاختراق المعلوماتي، وأدى ذلك إلى كمين بلدة أنصارية، في جنوبي لبنان عام 1997، وعلينا ألا نستخف بقدرات الإيرانيين في هذا المجال، ويجب فعل كل ما هو مستطاع لتحصين الحواسيب الإسرائيلية من الاختراق. أبرز العمليات الفلسطينية في 11 يوليو عام 2012 شن مجموعة من قراصنة الإنترنت بقطاع غزة هجمة إلكترونية على موقع الكنيست الإسرائيلي، وحينها قالت صحيفة هآرتس إن مجموعة تطلق على نفسها "Gaza Hacker Team"، نشرت في موقع الكنيست بيانًا جاء فيه أن بحوزتها أسرارًا كثيرة عن زعماء إسرائيليين، كما عرضت المجموعة قائمة بها عدة مطالب من بينها وقف أعمال الحفر أسفل المسجد الأقصى المبارك، ووقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، ووقف العدوان على غزة، والإفراج عن كافة السجناء الفلسطينيين. وفي يناير من نفس العام تمكنت المجموعة ذاتها من اقتحام الموقع الإلكتروني الخاص بنائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق داني أيالون. في 7 إبريل عام 2013 شن مجموعة من الهاكز تدعى "أنونيموس" أكبر عملية قرصنة معلوماتية ضد إسرائيل، وأدت إلى إسقاط مواقع وزارات ومؤسسات إسرائيلية بما فيها دائرة الهجرة اليهودية، والمحاكم ووزارة القضاء، إضافة إلى أنها استهدفت أكثر من 100 ألف موقع، و40 ألف صفحة في الفيس بوك، و5 آلاف حساب على تويتر تابعة لمسؤولين إسرائيليين، و30 ألف حساب مصرفي إسرائيلي، وتكبد الاحتلال أضرارًا قيمتها 3 مليارات دولار، وتعهدت المجموعة حينها بشن حملات مشابهة في ذات اليوم من كل عام؛ بهدف "شطب إسرائيل من شبكة الإنترنت"، ردًّا على جرائم تل أبيب ضد الشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من محاولات إسرائيل التكتم على خسائرها، إلا أن التليفزيون الصهيوني اعترف حينها بأن الهاكرز قد استهدفوا مواقع حساسة، بينها موقع الاستخبارات الإسرائيلية، حيث قال مسؤول إسرائيلي عن عالم السايبر، روني بكار، إنه لا حول ولا قوة لإسرائيل سوى أن تجلس وتشاهد الحرب الدائرة بين القراصنة، وحينها طلب الهاكرز الإسرائيلي المساعدة من حلفائهم في فرنسا لصد الهجمة الفلسطينية. وفي 7 إبريل 2014 بدأ قراصنة تابعون لمجموعة "أنونيموس" في شن هجمات إلكترونية ضد مواقع إسرائيلية، ضمن عملية واسعة النطاق لدعم القضية الفلسطينية، واستهدفت الهجمات الإلكترونية مواقع إسرائيلية حكومية وغير حكومية؛ بهدف الحصول على معلومات منها، أو إيقافها عن العمل عبر توجيه هجمات الحرمان من الخدمة، وتوقف حينها موقع وزارة التعليم الإسرائيلية، كما سقطت مواقع تابعة لعدة شركات إسرائيلية. وبجانب الهجمات الإلكترونية، سرب قراصنة مجموعة من أرقام الهواتف التابعة لشخصيات في الحكومة الإسرائيلية، إضافة إلى إرسال رسائل إلى هواتف عشرات الآلاف من الجنود، كما نجحت المقاومة في اختراق بث أهم القنوات الفضائية الإسرائيلية كالقناة الثانية والعاشرة لعدة مرات. حرصت مجموعات كبيرة من القراصنة المشاركين في الهجمات على كتابة رسائل موجهة للحكومة الإسرائيلية وداعمة للقضية الفلسطينية على الصفحات الرئيسية للمواقع المخترقة، إضافة إلى نشر صور للأسرى الفلسطينيين والشهداء، وكتبت المجموعة رسالة موحدة على المواقع التي اخترقتها، جاء في مجملها "نحن قراصنة عرب ومسلمون، نبلغكم أننا لن ننسى فلسطين، إنها في قلوبنا، لا تنسوا ذلك". وفي العام الماضي، وعلى الرغم من الاحتياطات الهائلة التي كانت إسرائيل تتخذها بعد كل عملية قرصنة، إلا أن مجموعة أنونيموس نجحت في شن حملة شرسة على عشرات المواقع الإلكترونية الإسرائيلية في 7 إبريل الماضي، ونجحت حينها في اختراق أهم المواقع الإلكترونية الحساسة بالنسبة للكيان، وأبرزها موقع الحكومة الإسرائيلية، ووزارات الدفاع والتعليم والاستخبارات، وسوق الأسهم للأوراق المالية، وشرطة تل أبيب. وفي ذات الشهر كشف مسؤول أمني فلسطيني أن أجهزة الأمن بغزة نجحت في كشف عشرات العملاء الذين تم تجنيدهم للمخابرات الإسرائيلية عبر موقع إلكتروني، بقيام خبراء تقنيين فلسطينيين باختراق سيرفرات الموقع الأمني الإسرائيلي، وحصوله على قوائم بأسماء العملاء المسجلين فيه. الكيان الصهيوني يحاول الكيان الصهيوني استخدام نفس السلاح لتجنيد العملاء وإشاعة الفوضى والحرب النفسية لدى الشعب الفلسطيني والقبض على بعض المقاومين أو معرفة أماكن آخرين لتصفيتهم، مثلما حدث مع أحد كوادر كتائب القسام، حمزة أبو الهيجاء، والذي نجح الجيش الإسرائيلي في تتبعه وتحديد مكانه عبر مشاركة له في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وتم اغتياله مارس 2014. وفي ذات الشأن قال خبير أمن الحاسوب والمعلومات بغزة إن المخابرات الإسرائيلية تستخدم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في الإشاعات والحرب النفسية ضد الشعب الفلسطيني، وعمليات تجنيد العملاء، عبر الاستخدام الخاطئ من الفلسطينيين للإنترنت، وتهاونهم في تقدير الخطر الحقيقي الذي يشكله الأمن الإسرائيلي عبر الانترنت. وقال أحد مدوني قطاع غزة إن المخابرات الإسرائيلية تحاول إسقاط النشطاء الفلسطينيين على شبكة الانترنت، حيث ينتحل ضابط المخابرات الإسرائيلي شخصية ما، وعبر حسابه في موقع فيس بوك يسمي نفسه ألقابًا مغرية للفلسطينيين، مثل عاشق البندقية، أو محب القدس، وهي أسماء كبيرة وبرّاقة. مخاطر حرب السايبر حرب السايبر تأتي كنمط جديد وبعيد عن الحروب التقليدية العسكرية، حيث يستخدم فيها صراع الأدمغة والعقول، وتشير إلى جيل وعهد جديدين من الحروب الطاحنة بين إسرائيل والمقاومة، لكن على الرغم من الاختلاف بين الحربين، إلا أن مخاطر الأولى لا تقل قسوة وشراسة عن الأخيرة، حيث تصل عمليات القرصنة إلى أماكن حساسة تمس الأمن القومي وتتوغل في أسراره، مثل الاطلاع على القواعد العسكرية والأمنية للكيان الصهيوني، وهو ما يهدد الأمن القومي لإسرائيل، خاصة إذا تم التوصل إلى معلومات سرية، أو اختراق المواقع الإلكترونية الخاصة بالمطارات والبنوك، وقد تؤدي هذه العملية إلى خسائر فادحة، وتعتبر تهديدًا مباشرًا لأمنها الاقتصادي، وقد يؤدي إلى سحب العملاء لأموالهم من تلك البنوك المخترقة. بعيدًا عن الخسائر المادية والأمنية التي يمكن أن تتكبدها إسرائيل جراء عمليات القرصنة التي تشنها المقاومة على مواقع المسؤولين والوزارات والمؤسسات الصهيونية، يأتي الخطر المعنوي، حيث إن الاختراق المتكرر للمواقع الهامة ونشر معلومات سرية تخص أمن الاحتلال يعنيان أن الأخير بات عاجزًا حتى عن حماية نفسه إلكترونيًّا، على الرغم من امتلاكه جهازًا استخباريًّا كبيرًا وقسمًا خاصًّا لوقف هجمات السايبر، وهذا يضاف إلى الفشل العسكري الذي اتضح خلال الحرب الأخيرة في قطاع غزة خلال يوليو عام 2014. قلق إسرائيلي وتيرة الحرب الإلكترونية التي تخوضها المقاومة ضد الكيان الصهيوني تتزايد وتتطور يومًا بعد يوم، وهو ما أثار قلق الأجهزة الأمنية والقيادات الإسرائيلية، ودفعها إلى تشديد الرقابة على المواقع الإلكترونية الإسرائيلية الهامة، حيث سبق أن قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو تشكيل سلطة حكومية جديدة توكل إليها مسؤولية وصلاحيات مواجهة هجمات السايبر على إسرائيل. وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيليّة، التي أوردت النبأ في يونيو الماضي، فإنه بعد دراسة حول تشكيل قيادة للسايبر، وتنصيب جنرال في قيادته، قرر الجيش في النهاية إقامة ذراع بصلاحيات متعددة، يقوده ضابط رفيع المستوى، يكون مسؤولًا عن مجالات السايبر كلها بما فيها مجال حماية السايبر الخاضع لوحدة التنصت، إضافة إلى ما أسمته المصادر العسكرية الإسرائيليّة مجالات الهجوم، وجمع المعلومات وتخطيط العمليات ذات الصلة بالشبكة العنكبوتية.