اعتاد رئيس جنوب السودان سلفاكير على انتقاد الخرطوم واتهامها بدعم المتمردين، لكنه اضطر مؤخرًا لفتح صفحة جديدة والتعاون معها، ومن ثم تغيير سياسته حيالها. ويبدو أن هذا التغيير في سياسة سلفاكير لم يكن عن قناعة، بل نتيجة الظروف الداخلية التي تشهدها البلاد، لا سيما وأن الأزمة في جنوب السودان تتفاقم، وأصبح 2.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية. وفي هذا السياق قال موقع أوول أفريكا إن منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف)، عبرت عن قلقها من ارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدة في البلاد، خاصة بعد موسم الحصاد الذي غالبًا ما كان يمثل وقتًا يتمتع فيه السكان بالأمن الغذائي. ورغم محاولة سلفاكير السيطرة على الوضع بكل الطرق، سواء التعاون مع أعدائه أو المهادنة مع الآخرين، إلا أن الوضع الحالي يؤكد أن هذه الأرقام ستصل إلى ذروتها خلال موسم الجفاف الذي يستمر من إبريل حتى يوليو. ومن المتوقع أن يبدأ موسم الجفاف مبكرًا هذا العام، وأن يستمر لفترة أطول مقارنة بالأعوام السابقة. وقال ممثل اليونيسيف في جنوب السودان، جوناثان فيتش، إن الوضع الأمني يحول دون الوصول إلى كثير من المناطق، وإن العائلات هناك تقوم بكل ما في وسعها؛ من أجل البقاء على قيد الحياة، لكن ليس هناك العديد من الخيارات. ورغم أن اليونسيف تؤكد أنها سعت هذا العام لعلاج 165 طفلًا يعانون من سوء التغذية الحاد، إلا أن الوضع يزداد سوءًا، ومزاعم مساعدة المتضررين والأطفال ليست لها نتائج ملموسة على أرض الواقع. فإذا كانت المنظمة قد عالجت أكثر من 144 ألف طفل العام الماضي، فإن الفاو تعتزم مساعدة 2,8 مليون شخص في إنتاج الغذاء وحماية مواشيهم خلال 2016، مقارنة ب 2,4 مليون شخص العام الماضي. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل يغير سلفاكير استراتيجيته السياسية في جنوب السودان، ويحاول إيجاد اتفاق مع عدوه رياك مشار؛ من أجل مصلحة الشعب، أم أنه سيحاول حل مشكلة المجاعة عن طريق المساعدات الخارجية وتحسين علاقاته مع دول الجوار والقوى الدولية؟ ويشغل جنوب السودان حوالي 700 ألف كيلو متر مربع من مساحة السودان البالغة 2.5 مليون كيلومتر مربع تقريبًا، أي ما يعادل 28% من المساحة الكلية للبلاد. وللجنوب حدود تمتد إلى 2000 كيلومتر تقريبًا مع خمس دول، هي: إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وإفريقيا الوسطى. وتشكل المراعي 40% من الجنوب السوداني، والأراضي الزراعية 30%، بينما تشغل الغابات الطبيعية 23%، والمسطحاتالمائية 7% من جملة المساحة. والجدير بالذكر أن هذه المساحة الشاسعة للجنوب السوداني لا تقابلها نفس الكثافة من السكان. فحسب آخر إحصاء أجري عام 1983 فإن سكان الجنوب لا تزيد نسبتهم على 10% من تعداد السكان آنذاك، الذي قُدِّر ب 21.6 مليون نسمة.