رغم أهمية قانون الزراعة التعاقدية؛ لاستمرار الفلاح في مهنته، وتحريره من قبضة التاجر الجشع، إلا أن الدولة لم تطبقه – قبل أن يُقرَّه مجلس النواب – إلا في محصولين فقط، هما البنجر وقصب السكر؛ مما دفع الكثير من الفلاحين إلى هجر أراضيهم، وخاصة المزارعين الصغار، والذين لا تتعدى ملكيتهم فدانًا، وتصل نسبتهم إلى 75% من الفلاحين. وقال الدكتور شعبان سالم، مدير مركز الزراعة التعاقدية، إن الهدف الرئيسي من قانون الزراعة التعاقدية هو تسهيل عملية تسويق المحاصيل الزراعية بما فيها محاصيل صغار المزارعين، لافتًا إلى تكبد الفلاحين خسائر فادحة خلال الأعوام الماضية؛ لما تحملوه من تكلفة زراعة أراضيهم، موضحًا أنهم خلال موسم الحصاد لم يجدوا من يشتري إنتاجهم، فاضطروا أن يطعموه للمواشي، وأن منهم من حاول تسويقه بأسعار رخيصة مقارنة بتكلفته. وأوضح شعبان أن دور مركز الزراعة التعاقدية هو تحديد المساحات من المحصول وفقًا لاحتياجات السوق الفعلية؛ للحفاظ على أسعاره، موضحًا أن زيادة الإنتاج عن الاستهلاك تؤدي إلى انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوى، وهو ما يسبب خسائر فادحة للفلاحين، مشيرًا إلى أن الذرة الشامية أول المحاصيل التي يُطبَّق عليها القانون؛ لأنها أحد المكونات الأساسية للأعلاف والثروة الحيوانية والداجنة، لافتًا إلى أنه يتم استيراد ما يقرب من 6: 7 ملايين طن سنويًّا لتلبية احتياجاتهم. وتابع شعبان أنه تم عقد اجتماع مع اتحاد الدواجن؛ لتفعيل القانون على أرض الواقع وضمان شرائهم المحصول المُتعاقَد عليه؛ بناء على عمل دراسة استرشادية للأسعار المحلية والمستوردة، مع مراعاة سعر الدولار وتكاليف الاستيراد، مشيرًا إلى أن المنتج المحلي أعلى جودة من المستورد؛ بسبب ارتفاع نسبة البروتين به، والتي تصل إلى 9%؛ مما يزيد من كفاءة معامل تحويل العلف إلى لحوم. وفي نفس السياق قال محمد علي، عضو النقابة العامة لصغار المنتجين الزراعيين، إن هذا القانون من شأنه الارتقاء بمستوى الفلاح؛ لأنه يوضح سعر المحصول قبل أن يبدأ في زراعته، بجانب تحديد المساحات الزراعية بكل محصول وفقًا للاحتياج المحلي والسوق العالمي، وبذلك تحصل جميع الحلقات المشاركة في العملية الزراعية على الأسعار المناسبة للإنتاج، بعكس ما كان يحدث في السابق، حيث كان الفلاح أضعف حلقة في سلسلة التسويق؛ لخضوع الدولة لمافيا تجار الاستيراد، الذين يتحكمون في أسعار المحاصيل الزراعية وفقًا لمصالحهم الشخصية، دون النظر للفلاح البسيط. وأكد عضو النقابة أن جموع الفلاحين نادوا بهذا القانون، ولم تستجب الدولة لهم، سواء في الجمعيات الزراعية أو الاتحاد المركزي الزراعي، لافتًا إلى أن تحرير الزراعة في مصر يضر بالفلاح والدولة؛ لأنه ألغى الدورة الزراعية التي تحافظ على خصوبة الأراضي وتحمي التربة من الآفات المستوطنة؛ لعدم تكرار زراعة المحصول في نفس قطعة الأرض، بجانب أن القانون يلزم جميع الأطراف بإعطاء كل ذي حق حقه من «فلاح وتاجر ومستهلك»، كما أنه يُعَدُّ خطوة جيدة لإعادة الفلاح إلى مهنة الزراعة بعد هجره لها؛ للسيطرة على اتساع الفجوة الغذائية.