الاقتصاد الروسي.. أزمات وحلول

أثر انهيار أسعار النفط عالميا، على روسيا، التى حاولت النهوض مرة أخرى باقتصادها عبر إيجاد مجموعة من الحلول والبدائل، تستطيع من خلالها دعم اقتصادها المحلي، فكان التركيز على صناعة السلاح والسياحة والتوجه إلى الغاز، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات اقتصادية من شأنها تعزيز مكانة روسيا على مستوى العالم.
المجال العسكري وصفقات السلاح
أعلن مسؤول في الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني وصفته وكالة الأنباء الروسية «نوفستي» بالرفيع في 30 ديسمبر، أن روسيا تسعى لتصدير أسلحة بقيمة تزيد عن 15 مليار دولار في عام 2016، وتجاوز مجموع الطلبات التي تلقتها روسيا في عام 2015 حاجز ال 55 مليار دولار، وقبل ذلك كان متوسط الطلب على الأسلحة الروسية يتراوح بين 45 و50 مليار دولار في السنة في الأعوام العشرة الماضية.
شركة «روس أوبورون أكسبورت»، التي تدير 85% من صادرات روسيا من الأسلحة والمعدات العسكرية، أعلنت أن صادراتها تضاعفت 4 مرات منذ عام 2000، فصدرت معدات عسكرية بأكثر من 115 مليار دولار إلى 116 دولة حتى عام 2015 الحالي، النسبة الأكبر كانت من نصيب أسيا والمحيط الهادي، فبلغت 42% من إجمالي الصادرات، تلتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 36% ثم أمريكا اللاتينية 9% فقط.
وتشير الدراسات الممتدة من 2010 حتى 2014 إلى أن روسيا تعد البلد الثاني في العالم على صعيد بيع الأسلحة بعد الولايات المتحدة، وتستحوذ على 27% من الصادرات.
وفي سبتمبر 2015، أعلنت إيران أنها وقعت عقودا بقيمة 21 مليار دولار لشراء معدات أقمار صناعية وطائرات من روسيا، منها طائرات سوخوي سوبرجت 100.
وتشير دراسات أن نشاط روسيا في مجال الطاقة النووية سيدعم اقتصادها من خلال قدرتها على إنشاء محطات للطاقة النووية السلمية في البلدان التي تسعى لتزود بها كإيران، وتركيا، ومصر
السياحة
أصيب قطاع السياحة الروسي سنة 2015 بخسائر كبيرة في أسواق السياحة الدولية، فتراجع القطاع بنسبة تزيد على 40%، كما خرج من هذه الأسواق نحو 70% من العاملين بالسياحة الخارجية، وفقا لتصريحات أدلى بها مؤخرا، نائب رئيس رابطة المشغلين السياحيين في روسيا، ديميتري غورين.
ويبدو أن روسيا وجدت ضالتها في السياحة الداخلية، فبحسب بيانات هيئة السياحة الروسية «روس توريزم»، ارتفع الطلب على الرحلات داخل روسيا في 2015 إلى 31% ، ومن المتوقع أن يرتفع في العام المقبل بنسبة 20% أخرى، فتفيد بيانات رابطة المشغلين السياحيين في روسيا بأن 1.5 مليون سائح تقريبا، ينوون التحول باتجاه إقليم كراسنودار الروسي، حيث توجد هناك مدينة سوتشي الشهيرة، ويقول غورين إن هذا يدل أن قطاع السياحة الروسية سوف ينمو تدريجيا، وسوف يظل هكذا حتى عام 2017.
وقال المكتب الصحفي للكرملين 17 أغسطس الماضي، إن المواضيع الأساسية للاجتماع الذي عقده الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في القرم مع مجلس رئاسة الدولة، مخصص لتطوير السياحة، فتناول تطوير السياحة الداخلية كمحفز للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في الأقاليم الروسية بما فيها القرم، ومن المتوقع أن يقترح الرئيس الروسي إجراءات لتحرير نظام التأشيرات للسياح.
وأعلن وزير الثقافة، فلاديمير ميدينسكي، أنه يجري حاليا صياغة اقتراح يسمح بموجبه للأجانب بالتواجد في روسيا دون تأشيرة لمدة 72 ساعة في إطار سياحة العبور.
وأحدثت روسيا إضافة سياحية مهمة لاستقطاب الشرائح الإسلامية والعربية نحوها، أطلقوا عليها «سياحة حلال»، فقال الموقع الرسمي ل«مجلس المفتين» في روسيا، إنه يحق للفنادق التي ستقدم لنزلائها خدمات تتوافق مع الشريعة الإسلامية، الحصول على التصريح بتسميتها «فنادق حلال»، وأقر الشيخ راوي عين الدين، رئيس المجلس ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا، المعايير بالتعاون مع المركز الدولي للمعايير والتراخيص الحلال، في إطار ضبط تقديم الخدمات الحلال في قطاع الفنادق والسياحة، خطوة وصفها مدير المركز الدولي للمعايير والتراخيص الحلال، أيدار عزيزوف، بأنها تسهم في تطوير قطاع السياحة الروسي.
اتفاقيات التعاون الاقتصادي
أبرمت روسيا العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مع مجموعة من دول العالم من شأنها إعطاء دفعة قوية لاقتصادها.
الصين
أكد نائب رئيس الوزراء الروسي، ديميتري روغوزين، في 16 ديسمبر الجاري، أن التعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا والصين يتطور رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أنه بإمكان البلدين تحقيق الهدف المشترك وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما.
وأوضح روغوزين، خلال اجتماع اللجنة الحكومية الروسية الصينية في بكين، أنه رغم الأزمة التي يشهدها الاقتصاد العالمي حاليا، إلا أن التعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا والصين ينمو ويتطور، مضيفا أن الصين ما زالت أكبر شريك تجاري بالنسبة لروسيا، ورغم التراجع البسيط للتجارة بين البلدين، إلا أنها أزمة مؤقتة وسيتمكن الجانبان من تحقيق الهدف المشترك في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2020.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين خلال العام الماضي 8ر6 %، ليصل إلى 28ر95 مليار دولار.
إيران
شدد النائب الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانجيري، على ضرورة رفع مستوى العلاقات الاقتصادية بين طهران وموسكو لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين.
وقال جهانجيري خلال استقباله في 23 ديسمبر، النائب الأول لرئيس وزراء روسيا، ايجور شوفالوف، إن توسيع نطاق التعاون مع روسيا له أهمية بالغة لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدا أن طهران تعتزم رفع مستوى العلاقات في جميع المجالات مع موسكو.
وبحسب الإحصائيات الرسمية الروسية، تطور حجم الصادرات الروسية إلى للجمهورية الإسلامية من 250 مليون دولار أمريكي عام 1995 إلى مليار ومئتي مليون دولار عام 2013، واتفق الجانبان على الرفع من قيمة التعاون التجاري بينهما من حوالي مليار وستمئة مليون دولار إلى 15 مليار دولار، في غضون السنوات المقبلة.
تركيا
رغم تأزم العلاقة بين روسيا وتركيا على خلفية إسقاط القاذفة الروسية، إلا أن روسيا أعربت عبر وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، عن استعداد موسكو لضمان وزيادة حجم توريداتها من الغاز الطبيعي إلى تركيا، والتي تبلغ نحو 60% من استهلاكها من الغاز.
وأضاف: «روسيا لديها الغاز الذي يتميز برخصه، لدينا البنية التحتية المناسبة، ونحن مستعدون بشكل مضمون لتوريد وتوسيع حجم الشحنات، وأعتقد أن هذا التعاون الاقتصادي والتجاري ينبغي أن يستمر، وسوف يكون فعالا لكلا الطرفين»، وتعتبر روسيا المصدر الأول للغاز في أوروربا.
السعودية
أشار وزير الطاقة الروسي، الكسندر نوفاك، في نهاية نوفمبر الماضي، إلى توقيع 15 وثيقة ومذكرة للتعاون بين قطاعي الأعمال في البلدين في عدة مجالات، إضافة إلى وجود نحو 50 مشروعا قيد البحث والإعداد، عادا ذلك بأنه مؤشر جيد لتعزيز العلاقات القائمة، ومن الواجب على قطاعي الأعمال في البلدين الاستفادة من مناخ العلاقات الجديدة وجدية حكومتي البلدين في النهوض بتعاونهما الاستثماري والاقتصادي والتجاري، وحجم التبادل التجاري الروسي السعودي لم يتجاوز العام 1.2 مليار دولار.