حال الفشل في تعويض السوق الروسي عن المنتجات التركية 4 مليار دولار "ضائعة" على مصر "الروتين.. انخفاض الجودة.. غياب الرقابة.. المصانع المغلقة".. عوائق أمام التصدير - "عرض الحكومة" لم يكشف عن مدى قدرة الدولة في تقديم البديل - روسيا تحتاج لشريك تجاري يزيد من قدراتها الاقتصادية - 31 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين "روسياوتركيا".. ومصر 5 مليار فقط
طائرة عسكرية روسية أسقطتها تركيا على الحدود السورية، دفعت البلدين، روسياوتركيا، إلى خوض "الحرب الباردة"، روسيا أعلنت فرض عقوبات ذو طبيعة اقتصادية، وتركيا قررت التحلي ب"الصبر".. هذا التوتر بين "موسكو" و"أنقرة"، قد يكون طوق نجاة للاقتصاد المصري بإضافة المزيد من الدولارت، وقد يكون كاشف لمدى ضعف الدولة، وربما يكون تعرية لفشل حكومي يضيع على مصر 4 مليارات دولار سنوياً. روسيا، قررت منع مواطنيها من السفر إلى تركيا، ووقف عمليات الاستيراد والتصدير بين البلدين بدايةً من مطلع يناير المقبل، كما نشرت الحكومة الروسية، قائمة بالعقوبات الاقتصادية تضم منع استيراد منتجات زراعية من تركيا، إضافة إلى تجميد مشاريع مشتركة أو إلغاءها، وأيضاً وقف مفاوضات لمعاملة تركيا بصفة "الدولة الأكثر رعاية" في المبادلات التجارية مع روسيا. "صراع لا ينتهي" الصراع بين روسياوتركيا لا ينتهي، ظاهرياً؛ التوتر سمة العلاقة بين فلاديمير بوتين، ورجب طيب أردوغان، واقعياً، عقوبات اقتصادية، قد تؤدي إلى خسائر متبادلة تقدر بملايين الدولارات، لكلا البلدين يختلف حجمها من قطاع إلى آخر.. هل يجلس الطرفان على مائدة الحوار، لفتح صفحة جديدة من العلاقات؟، أم تبحث روسيا عن بديل للمنتجات التركية عبر أسواق جديدة؟، أيام قد تمتد إلى شهور، ستكشف عن خريطة السوق الروسي الجديدة!. مصر، ربما تكون أحد الأسواق التي تشملها قائمة البدائل المتاحة أمام روسيا للاعتماد عليها مستقبلاً، ولكن، هل اقتصاد مصر يمكنه تصدير المنتجات التي يحتاجها الدب الروسي؟، تعددت آراء خبراء الاقتصاد، ما بين متفاءل، يجد في اقتصادنا القدرة على فتح أسواق جديدة، حال إزالة العوائق الإدارية ووضع الرؤية والخطط الصحيحة، وآخر متشائم، يجد أننا نفتقد القدرة على التخطيط واستغلال الأزمات، إضافة إلى أن إزالة العراقيل التي نعاني منها تحتاح إلى وقت.. وبينهما فريق، يرى أنه يمكن الاستفادة من الأزمة بين البلدين، لكن بحذر، في ظل منع روسيا الطيران إلى مصر، على خلفية تحطيم طائرة روسية سياحية في سيناء ومقتل جميع ركابها البالغ عددهم 227 روسياً. "خطوات صحيحة" قبل أيام قليلة، طلبت مصر من روسيا، قائمة بالمنتجات التركية التي منعت استيرادها، وقالت وزارة التجارة في بيان لها، إن مصر مهتمة بسد احتياجات السوق الروسي من هذه المنتجات، كما يبحث المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إمكانية سد احتياجات السوق الروسي من بعض الخضروات والفواكه والتي تقدر بنحو 66% تستوردها من تركيا، فيما قدم طارق قابيل وزير الصناعة والتجارة، عرضاً لروسيا والخاص بتعويض السوق الروسية عن المنتجات التركية بنظيرتها المصرية.. جميعها خطوات على الطريق الصحيح، لكن يجب تفعيلها وإدارتها بشكل جيد حتى تنجح مصر في تعويض التراجع الحاد في صادراتها المصرية الذي بلغ 19% خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر الجاري. الدكتور تامر ممتاز سلامه، عمييد الاقتصاديين في إفريقيا، أكد في تصريحاته ل"المشهد"، أنه طالما وجد السوق وجد المصنع بل والمصدر وليس العكس، منوهاً إلى أن هناك مناطق في روسيا تحتاج إلى منتجات بسيطة وأخرى باهظة، لذا لابد من دراسة السوق الروسي جيدًا قبل الإقبال على خطوة التصدير. وحدد ممتاز، عدة خطوات، حتى يتمكن السوق المصري من أن يحل محل السوق التركي في روسيا، يأتي في مقدمتها؛ قيام الملحقات التجارية والغرف التجارية بمعرفة احتياجات السوق الروسي، وعمل دراسة متكاملة عنها، ثم الاهتمام بجودة المنتجات، لافتاً إلى أن الجودة المصرية قد تكون أقل من التركية لكن فرق السعر سيكون أكبر مما يزيد الإقبال على المنتج المصري. "شرائح السوق" من شهر إلى شهرين، هي الفترة الزمنية التي رآها ممتاز، مناسبة لكي تتعرف المصانع المصرية على المنتجات الموائمة لروسيا، مطالباً أن يكون عمل المصدرين بتنسيق مع الحكومة، حيث إنها عنصر فعال في تشجيع المصدرين وحثهم على المنافسة في السوق الروسي، مقترحاً تقسيم سوق روسيا إلى 3 شرائح بأسعار مختلفة، وأن يتم تقديم لكل شريحة المزيج الروسي الخاص بها. ويرى ممتاز، أن استمرار إغلاق المصانع قد يكون عائقاً، ويجب تدويرها من جديد لتساعد في عودة القوة التصديرية، كما يجب استغلال تلك الأزمة لتعويض القوة الدولارية في مصر، خاصة وأن روسيا تتحمل تحويل الروبل إلى الدولار فالعائد من العملة حال فتح أسواق داخل روسيا، قادر على عمل نهضة اقتصادية مصرية. " البديل المقرب" طالما أن هناك أزمة بين بلدين، تكون هناك دولة أخرى مستفيدة.. هذا ما قاله الخبير الاقتصادي خالد الشافعي في حديثه ل"المشهد"، حول إمكانية دخول مصر السوق الروسي، منوهاً إلى أن مصر هي البديل المقرب حالياً، ولكن يجب الاهتمام بجودة المنتج الذي يحتاجه السوق الروسي. وطالب الشافعي، بتفعيل دور حكومي بالتوازي مع الدور الشعبي، وبالاشتراك مع المنظمات غير الحكومية، كالغرف التجارية وجهاز الرقابة على الصادرات والواردات، فضلاً عن ضرورة تطبيق عقوبات رادعة على مصدري المنتجات غير الجيدة، حتى تتمكن مصر من المنافسة خارجياً، موضحاً أن هناك تقصير في عرض المنتج المصري، إضافة إلى أن رد الفعل من قبل متخذي القرار يتسم ب"البطء"، ففي حال تلافي تلك النقاط سنكون قادرين على احتلال العالم بأكمله اقتصادياً. "زيادة الصادارت" "4 مليار دولار هو حجم الزيادة المتوقعة في الصادرات المصرية لروسيا، بعد عرض الحكومة المصرية لاستبدال السلع المصدرة من تركيا للسوق الروسي".. وفق ما رآه الباشا إدريس رئيس شعبة المصدرين باتحاد الغرف التجارية، موضحاً أن المنتجات المصرية ستكون ذو ميزة تنافسية بالسوق الروسية؛ حيث إن المنافس للمنتجات المصرية بروسيا نظيرتها التركية. وفق بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، الصادرة في أغسطس 2015، فإن حجم الاستثمارات الروسية فى مصر يصل إلى 107.8 مليون دولار، و5.7 مليار دولار استثمار أجنبي مباشر خلال التسعة الأشهر الأخيرة من العام المالى 2014-2015، فيما يبلغ ما تصدره مصر إلى روسيا سنوياً نحو 250 إلى 300 مليون دولار، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري ليصل إلى 5.5 مليار دولار خلال 2014 مقابل 3 مليار دولار في عام 2013. "سلاح تركيا" الغاز، هو القضية التي لم يتم حسمها فيما بين البلدين حتى الآن، فلن يجازف الروس بقطع مصدر مهم كتركيا، وهو ما يجعله سلاح في يد تركيا، حال رغبتها الرد على عقوبات روسيا، خاصةً بعد أن قامت تركيا بعقد شراكات غاز مع قطر والسعودية، مما يجعل الضرر الأكبر يقع على روسيا، وبحسب عضو جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين (موسياد) يوسف أتان، فإن اقتصاد روسيا يعتمد بشكل كبير على أرباحه من بيع الغاز الطبيعي، حيث تعتمد تركيا على 20% من استهلاك الطاقة من روسيا وحدها، بينما استبعد الخبير الاقتصادي التركي، إمري ديليفالي، أن يجازف الروس بإلغاء المشاريع الكبرى مع تركيا مثل المفاعل النووي "أك كويو النووي"، ومشروع نقل الغاز المعروف باسم "ترك ستريم". "موسم السياحة" يبدأ الموسم السياحي، مايو من كل عام، وهو ما يقلل تأثير مقاطعة السياح الروس لتركيا والذين يغلب توجههم إلى مدينة أنطاليا جنوبي تركيا، لكن خسائر تركيا ستبلغ مليارات الدولارات، في حال استمرار توقف حركة السياحة الروسية حتى بداية ذروة الموسم. وفي ملف السياحة، حيث بلغ عدد السياح الروس الذين قصدوا تركيا في 2014 نحو 4.38 ملايين شخص، وذلك من أصل 42 مليون سائح، أدخلوا ما يقارب 36 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي. "موسكووأنقرة" تربط علاقات اقتصادية قوية، بين موسكووأنقرة، حيث بلغ حجم التبادل بين البلدين خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015، نحو 18.5 مليار دولار، و31.2 مليار دولار نهاية 2014، منها 15 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى تركيا التي تشكل واردات الطاقة حصة الأسد فيها. وبحسب بيانات إدارة الجمارك الروسية، تعد تركيا أكبر خامس شريك تجاري لروسيا بحصة تبلغ 4.6% من إجمالي التجارة الخارجية الروسية، حيث يبلغ مؤشر التبادل التجاري الكلي "بضائع وخدمات"، بين موسكووأنقرة، ما يقرب من 44 مليار دولار، خلال 2014، مما يجعلها استثمارات مهددة. وبالنظر إلى الميزان التجاري بين روسياوتركيا، فإن الخسارة الروسية ستكون هي الأكبر في حال قطع العلاقات التجارية، في ظل الوضع السيئ الذي يعاني منه الاقتصاد الروسي، إذ تميل الكفة في حجم التبادل التجاري، الذي يبلغ حوالي 32 مليار دولار لصالح روسيا، التي تصدر ما يقارب ال21 مليار دولار منه إلى تركيا، خصوصاً من الغاز. "عرض الحكومة" ويبقي التساؤل؛ حال تستطيع مصر أن تكون بديلاً لتركيا في السوق الروسي، وتمتلك هذه القوة التصديرية، لماذا لم يتم تفعيلها من قبل في ظل تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي؟، وفي ظل وجود عوائق أمام التصدير، بدايةً من الروتين،ومروًا بانخفاض الجودة والمصانع المغلقة، ووصولاً إلى غياب الرقابة.. هل جاء عرض الحكومة فقط لحفظ ماء الوجه؟!. من العدد المطبوع من العدد المطبوع