امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    عاجل هيئة الدواء المصرية تبحث التعاون مع وكالة الأدوية الإيطالية (AIFA) لتعزيز الرقابة الدوائية والابتكار العلمي    مسنة فلسطينية تتعرض لاعتداء من جنود إسرائيليين: أجبروني على صعود جبل رغم معاناتي من مشاكل في القلب    وزير الخارجية: مصر تتعامل مع الملف السوداني من منطلق إنساني وأخوي قبل أن يكون سياسيًا    كاتس: النصر في غزة مرهون بتدمير الأنفاق ونزع سلاح الحركة بالكامل    توروب: احتجنا فرصة واحدة لحسم الفوز أمام إيجل نوار    القصة الكاملة لأزمة «عم غريب» مُسن السويس: خلاف على المسكن أشعلته «صفعة» وتطور بتدخل سريع للأمن    محمد سلام.. فترة من الصمت والاختفاء والجدل تنتهي بظهور لافت في احتفالية مصر وطن السلام    دوري أبطال أفريقيا.. يانج أفريكانز وبترو أتلتيكو إلى دور المجموعات    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    حبس تشكيل عصابي لقيامهم بأعمال حفر وتنقيب عن الآثار بالتبين    حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    محمد مصطفى يشارك في فعاليات الجمعية العمومية للاتحاد العالمي للتايكوندو    محمد سلام يتألق في احتفالية «مصر وطن» بحضور الرئيس السيسي    تعليق غريب من أحمد الجنايني بعد زواجه من منة شلبي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    جمارك السلوم تمنع تهريب نقد مصري وأدوية بشرية    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    إصابة طالبين إثر تصادم دراجة بخارية في قنا    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    مسئول بحزب الله: لن نسلم سلاحنا لأننا نعتبره قوةً للوطن وسيادةً للبنان    شخصية المطر    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    طريقة تحضير الكوكيز في الميكروويف    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    هل تصل قراءة الفاتحة إلى الميت؟.. عالم أزهري يجيب    كيف يتعلق قلب المسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم؟.. عالم أزهري يجيب    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    دعم وحماية لمن حولهم.. أبراج تجلب السعادة والدفء للآخرين (من هم؟)    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    لاعب بتروجت: أتمنى الانضمام للأهلي.. وفخور بتشبيهي ب علي معلول    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    الخميس المقبل بدء تطبيق التوقيت الشتوى فى مصر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    ريال مدريد ضد برشلونة.. البارسا يختبر كوندى فى مران اليوم    أغرب وأجرأ إطلالات النجوم بمهرجان الجونة السينمائى.. من الافتتاح للختام    الحكومة المصرية تدير 7 مراكز لوجستية رئيسية لتعبئة شاحنات المساعدات إلى غزة    برينتفورد ضد ليفربول.. سلوت يشعل حماس محمد صلاح برسالة غير متوقعة    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    الاتحاد الأوروبى: ضم إسرائيل للأراضى الفلسطينية غير شرعى ولن نعترف بسيادتها عليها    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية في 2015.. أزمات داخلية وتعثر اقتصادي يهدد بانهيار المملكة
نشر في البديل يوم 30 - 12 - 2015

ليس من المبالغة أن يكون عام 2015 عام فاصل في تاريخ الحكم في السعودية، فبداية العام شهدت وفاة الملك عبدالله، ليخلفه الملك سلمان، وليصعد لأول مرة في تاريخ آل سعود أحفاد الملك المؤسس إلى ولاية العهد وولاية ولاية العهد، وما صحب هذا من تغيرات داخلية وإقليمية متشابكة مع جوهر الصراع العائلي الذي دار العام الماضي، وحُسم هذا العام لصالح الجناح السديري، والانقلاب على مخططات الملك الراحل، وقراراته الملكية المحصنة، بالإطاحة بكل من متعب بن عبدالله ومقرن بن عبدالعزيز على التوالي، وتعين محمد بن نايف كولي للعهد، ومحمد بن سلمان كولي لولي العهد، وإن قلص الأخير من صلاحيات الأول وسلطاته، ليصبح منصب ولي العهد حالياً مجرد منصب شبه شرفي، وهو المنصب الذي يعد من يشغله في معظم الأوقات، الملك الفعلي، للصلاحيات الواسعة داخلياً وخارجياً لولي العهد، وأبرز مثال على هذا هو الملك عبدالله نفسه، الذي كان بمثابة الملك الفعلي قبل توليه الحكم رسمياً في 2005. هذا التغير عكس أن الصراع العائلي على الحكم في السعودية لم ينتهي بإجراءات الملك سلمان الخاصة بتصعيد أبنه وبن أخيه وتنحية مقرن، وقبل ذلك ما حدث عشية وبعد وفاة عبدالله، ولكن بدء حلقة جديدة أطرافها من الجيل الثاني من آل سعود، ممثلين في بن سلمان وبن نايف، تحت حكم ملك هَرم ومعتل صحياً وعقلياً.
بالإضافة إلى هذا، فإن ثمة تغيرات اقتصادية واجتماعية بجانب الخاصة بشئون السياسية والحكم حدثت في المملكة هذا العام، وأهمها هو هبوط أسعار النفط حوالي 50% من سعره الأصلي، وهي الاستراتيجية التي شرعت فيها المملكة وعولت عليها من أجل أمرين؛ الأول ضرب صناعة الصخر النفطي الناشئة في الولايات المتحدة وكندا، والثانية زيادة الخنق الاقتصادي على كل من إيران وروسيا، اللتان تعتمدان في اقتصادهما على مبيعات النفط والغاز بشكل كبير، وخاصة أن الثانية الأولى كانت على أعتاب عقد الاتفاق النووي، والثانية تشرع في دور أكبر في المنطقة، وخاصة في سوريا، التي يراهن حكام الرياض على إسقاطها منذ أربع سنوات دون كلل أو ملل، في الوقت الذي يتوقع فيه العديد من الاقتصاديين أن ينهار الاقتصاد السعودي على آثر انهيار أسعار النفط في غضون العامين القادمين.
إلا أن الاستراتيجية السعودية سرعان ما تبين إخفاق أهدافها الأساسية، بل أن آثارها السلبية ارتدت على المملكة ولا أحد أخر سواها، فعانى الاقتصاد السعودي هذا العام من تآكل في الاحتياطي النقدي الهائل الذي كانت تستند عليه الرياض في سياستها الداخلية والخارجية، كذلك ارتفاع مستويات العجز في الميزانية إلى نسب غير مسبوقة، صحبه مخططات تقشف واستدانه ورفع أسعار سلع استراتيجية كالوقود، وهذا الأمر أيضاً كان يعتبر من ضروب الخيال الاقتصادي في بلد غني كالسعودية. هذا التعثر الاقتصادي أتى في وقت تقود فيه السعودية ولأول مرة في تاريخها حرب خارجية ضد اليمن على رأس تحالف جمعت له من الشرق والغرب قوات وطائرات دول عربية وإسلامية، بل وحتى شركات أمن خاصة ومرتزقة من بلاد أجنبية، استنزفت اقتصاد المملكة أكثر مما هو مستنزف.
هذه الأزمة الاقتصادية، التي تضخم أثرها على ضوء الاحتقان السياسي التي تشهده المملكة هذا العام على مستويات الحكم والسياسة الداخلية والخارجية، صحبها أزمات اجتماعية وأمنية، مثل ارتفاع الانتهاكات الإنسانية داخل السعودية التي كسرت الرقم القياسي في تنفيذ أحكام الأعدام في عام واحد ليقترب من 150 تنفيذ حكم بقطع الرأس، وإصدار أحكام إعدام أخرى بحق قاصرين، مثل الشاب علي النمر، الذي كان قد أعتقل على خلفية مظاهرات المنطقة الشرقية، التي اندلعت عقب اعتقال الشيخ نمر النمر، والذي حُكم عليه أيضاً بالإعدام والمتوقع حال تنفيذه أن تندلع هَبه شعبية في المنطقة الشرقية تصل إلى حد الانتفاض على الأوضاع السياسية والاجتماعية الظالمة التي يفرضها آل سعود على سكان هذه المنطقة، التي استهدفت خلال هذا العام بهجمات إرهابية، أكبرها كان هجوم على مسجد أثناء صلاة الجمعة بمدينة القطيف في مايو الماضي، على يد تنظيم داعش الإرهابي، الذي لا يختلف كثيراً في ممارساته عن ممارسات آل سعود حسب مراقبين دوليين.
فيما كانت المأساة الكبرى هذا العام هو وفاة أكثر من 2200 حاج في حوادث إهمال وعدم تنظيم في موسم الحج هذا العام، كان أكبرها ما أصطلح عليه إعلامياً بحادثة تدافع مشعر مِنى، التي تعد الأضخم من حيث عدد المتوفين في مكان واحد على مستوى العالم في 2015. هذه المأساة فتحت باب التساؤل حول أهلية السعودية للاستمرار في احتكار الإشراف المطلق على تنظيم شعيرة الحج، بل وأهلية آل سعود لإدارة المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والذي يعد الإشراف عليها من أبجديات شرعية حكم العائلة المالكة، وبالتالي فإن حادثة هذا العام بخلاف التدمير الممنهج للآثار الإسلامية في المدينة المنورة ومكة، وخاصة الأخيرة التي تجري فيها توسعات عشوائية تدمر ما للمدينة من معالم روحية وتاريخية بإيعاز من النفع الاقتصادي للحج السياحي الفاخر وكذلك فتاوى الوهابية التي تحرم الإبقاء على الآثار، يعزز من التشكيك في صلاحية وأهلية آل سعود فيما يخص حماية وصيانة المقدسات الإسلامية.
كما كان لجرائم والسقطات الأخلاقية لأمراء العائلة المالكة نصيب ليس بالقليل هذا العام، حيث فضحت قضية أمير الكبتاجون، عبد المحسن بن وليد بن عبدالمحسن بن سعود، ملف الفساد والإجرام المتأصل في أمراء العائلة الحاكمة في السعودية، سواء المتعلقة بالفساد المالي أو الأخلاقي، بشقيه المتعلقين بالمخدرات والجنس.
يلاحظ أيضاً أن هذا العام كان التماس ما بين الخارجي والداخلي في المملكة وتأثيرها على بعضهما البعض في أوضح صورة، فمثلاً لم يكن هناك تفسير عقلاني للحرب التي شنتها المملكة ضد اليمن بهذه الصورة ومآلاتها ونتائجها سوى أن بن سلمان يسعى لإثبات وجوده كرجل دولة وحرب، وتثبيت صورة ذهنية لدى الداخل والخارج بأنه جدير بمناصبه الجديدة وما يتجاوزها في الأهمية، أي عرش المملكة، وبالتالي يمكن تفسير كثير من سياسات المملكة في الداخل والخارج على نفس المقياس، والذي لا يبعد -على هزلية التشبيه- عن صراع عائلي تعاني منه المنطقة كلها، يجعل ساسة وخبراء دول غربية يحذرون من نتائج الفوضى التي شرع فيها أمراء آل سعود في المنطقة، إلى الحد الذي فيه الأمر لمطالبات بتدخل الولايات المتحدة لمنع انهيار المملكة.
تنتهي 2015 كسنة فاصلة في تاريخ الحكم في المملكة، بين سنة سابقة تضاربت فيها سيناريوهات الحكم والسياسة، وبين سنة قادمة تتفاقم فيها المشاكل المزمنة داخل السعودية، التي تدخل العام الجديد محملة بأعباء اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية أقل ما يقال عنها أنها الأكبر والأخطر في سنوات تاريخ المملكة منذ نشأتها، في ظل ظرف إقليمي ودولي لا يميل بطبيعة الحال إلى صالح آل سعود، الذين فيما بينهم يخوضون جولات جديدة من الصراع الحثيث حول الحكم ومستقبله، كتكملة لصراع بدأ قبل وفاة آخر ملوك السعودية الأقوياء مطلع العام الجاري، ليخلفه ملك يتولى ما يمكن اعتباره "فترة انتقالية" من سنوات الانتعاش الاقتصادي إلى سنوات التعثر والتقشف، الذي بطبيعة الحال سيكون له نتائج في المستقبل القريب والبعيد، تدور كلها حول أسئلة عن استمرار وجود المملكة بشكلها المعهود سياسياً واقتصادياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.