كما هو المعتاد عند اشتداد أزمة سد النهضة والفشل في الوصول إلى حل يتوافق عليه الأطراف الثلاثة المعنيين به «مصر – السودان – إثيوبيا»، نجد أن هناك وفدًا شعبيًّا مصريًّا يزور إحدى الدولتين؛ اعتمادًا على موقع الحدث. فمع إعلان ميعاد عقد الاجتماع السداسي الثاني لوزراء الخارجية والري؛ لمناقشة النقاط الخلافية الخاصة بسد النهضة، نجد أن هناك وفدًا شعبيًّا سبق وصول الوفد الرسمي إلى السودان، ويضم عددًا من رجال الأعمال وقيادات جبهة الهوية المصرية، من بينهم قنصل مصر الأسبق بالخرطوم، وعضو البرلمان الجديد حاتم باشات، ومساعد أمين عام جبهة الهوية المصرية، والمتحدث الرسمي لها حسام عيسى، والعضو التنفيذي للجبهة روان خالد محيي الدين، فضلًا عن عدد من الأعضاء التنفيذيين لجبهة الهوية المصرية. يذكر أن هناك سلسلة من الزيارات قام بها الوفد الشعبي الدبلوماسية الشعبية إلى كل من إثيوبيا والسودان، بدأ من عهد الرئيس السابق محمد مرسي، مرورًا بفترة تولي المستشار عدلي منصور الرئاسة، وصولًا إلى فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ بهدف تحسين العلاقات وزيادة حجم التجارة البينية، والمشاكل التجارية، ومحاولات رفع حجم التبادل التجاري وإنعاش حركة السياحة، وتهدئة الأجواء على الصعيدين الإثيوبي والسوداني؛ للوصول إلى اتفاق ملزم حول النقاط الخلافية الخاصة ببناء السد الإثيوبي للدول الثلاث. فيما أكدت الدكتورة أماني الطويل، خبير الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تأثير زيارة الوفد الشعبي البرلماني المصري للسودان يكاد يكون صفرًا على مستوى الاجتماع السداسي الثاني المقرر انعقاده غدًا بالخرطوم، مرجعة ذلك إلى أن أعضاءها ليسوا على دراية بملف سد النهضة وما تم خلال المفاوضات السابقة، بجانب أنهم ليست لهم علاقة رسمية للتعرف على طبيعة الموقف لتلبية المصالح المصرية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنها يمكن أن يكون لها تأثير على المكون العاطفي لدى الشعب السوداني. وأكدت الطويل أن تحسين العلاقات مع الدول الإفريقية بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص يجب ألا يكون مرتبطًا بحدث، وأن يحث على التقارب بين شعوب القارة على مستوى المجتمع المدني والجامعات والأحزاب السياسية وأيضا البرلمانات الإفريقية، لافتة إلى ضرورة خلق علاقات بين السلطة الشعبية في مصر وباقي الدول الإفريقية، وأن تكون بشكل فعال؛ لتحقيق الغرض منها، وهو توطيد العلاقات المصرية الإفريقية على كافة الأصعدة. وقال الدكتور هانئ رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام لدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الوفد الشعبي المتواجد حاليًّا بالخرطوم لا يأخذ أي صفة رسمية وفقًا لجهة مسؤولة بالدولة، مشيرًا إلى أنهم متواجدون هناك بصفتهم الشخصية، سواء كانوا قادة رأي أو حزبيين، وأنها زيارة تصنف تحت مسمى الدبلوماسية الشعبية، محذرًا من الضرر الذي يمكن أن يقع على مصر من تصريحات هذه الوفود غير المتخصصة، كما حدث مع الوفد الذي زار إثيوبيا وتحدث عن فترة مبارك وما انتابها من فساد لم يسئ إلى شخصه، بل أساء إلى الدولة المصرية ككل؛ ولذلك لا بد أن ينحصر الغرض من هذه الزيارات في إطار العلاقات الشعبية فقط، دون الحديث في الشأن الداخلي أو سياسة مصر. وأكد رسلان أن الموقف في إثيوبيا يختلف عن السودان، حيث إن أديس أبابا تتجه إلى تعبئة الشعب ضد مصر؛ بحجة أنها تحول دون حصولها على حقها الطبيعي في التنمية لصالح رفاهية الشعب المصري؛ ولذلك يجب إيقافها بأي ثمن؛ مما بث روح عدم الثقة والإدراك الشعبي؛ ولذلك حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على زيارة إثيوبيا وإلقاء خطاب في البرلمان الإثيوبي؛ لشرح الموقف المصري، والذي لا يخرج عن نطاق الحرص على تنمية الشعب الإثيوبي ومد يد المعاونة للوصول إلى ذلك. أما السودان فكانت هناك حملات شرسة لقطع العلاقات بين الدولتين، بزعم أن هناك سودانيين يتم الإساءة لهم بشكل متعمد؛ مما خلق حالة من الهيجان بدأت على صفحات التواصل الاجتماعي، وامتدت للصحف ومقالات الرأي، وربما يحاول هذا الوفد الشعبي المتواجد الآن بالسودان أن يهدئ الأجواء المشتعلة.