تُعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأممالمتحدة، وتضم في عضويتها 57 دولة موزعة على أربع قارات، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لأعضائها قرابة 8 تريليونات دولار أمريكي أي أن تلك المنظمة هي أقوى اقتصاد في العالم. تأسست منظمة التعاون الإسلامي "المؤتمر الإسلامي" في المغرب 25 سبتمبر 1969 بعد عقد أول مؤتمر لقادة العالم الإسلامي عقب محاولة الصهاينة حرق المسجد الأقصى الشريف في 21 أغسطس 1969، حيث طرح وقتها مبادئ الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة في القدس وقبة الصخرة، وذلك كمحاولة لإيجاد قاسم مشترك بين جميع المذاهب الإسلامية، وتم اختيار مدينة جدة كمقر مؤقت للمنظمة حتى يتم تحرير القدس. تحول اسم المنظمة من منظمة المؤتمر الإسلامي إلى منظمة التعاون الإسلامي في يونيو 2011 خلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء التي عقدت في العاصمة الكازاخية أستانة. ميثاق المنظمة ميثاق منظمة التعاون الإسلامي الحالي اعتمد في القمة الإسلامية الحادية عشرة التي عقدت في دكار 13مارس 2008. أهداف المنظمة تهدف المنظمة إلى بلوغ أهداف منها، حماية صورة الإسلام الحقيقية والدفاع عنها، والتصدي لتشويه صورة الإسلام، وتشجيع الحوار بين الحضارات والأديان، واحترام حق تقرير المصير، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام سيادة الدول الأعضاء واستقلال ووحدة أراضي كل دولة عضو، وتأكيد دعمها لحقوق الشعوب المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الإسلامية من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي فيما بينها بما يفضي إلى إنشاء سوق إسلامية مشتركة. الأجهزة الرئيسية في منظمة التعاون الإسلامي القمة الإسلامية، وتتألف من ملوك ورؤساء الدول والحكومات في الدول الأعضاء، وهي أعلى هيئة في المنظمة، وتجتمع مرة كل ثلاث سنوات للتداول واتخاذ القرارات. مجلس وزراء الخارجية، ويجتمع بصفة دورية مرة كل سنة، ويدرس سبل تنفيذ السياسة العامة للمنظمة. الأمانة العامة، وتعتبر الجهاز التنفيذي للمنظمة، وتتولى تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهازين المذكورين أعلاه. ويتكلف الأمين العام الذي ينتخب لفترة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط بعدة مهام من بينها متابعة تنفيذ المقررات الصادرة عن مؤتمرات القمة ومجالس وزراء الخارجية، كما يزود الدول الأعضاء بأوراق العمل والمذكرات تنفيذا لمقررات وتوصيات مؤتمرات القمة والاجتماعات الأخرى. تعاقب على منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي عشر شخصيات تنكو عبد الرحمن من ماليزيا (1970-1973)، حسن التهامي من مصر (1974-1975)، أحمدو كريم جاي من السنغال (1976-1979)، الحبيب الشطي من تونس (198-1984)، شريف الدين بيرزاده من باكستان (1985-1988، حامد الغابد من النيجر (1989-1996)، عز الدين العراقي من المغرب (1997-2000)، عبد الواحد بلقزيز من المغرب (2001-2004)، أكمل الدين إحسان أوغلو من تركيا (2005 – 2013)، ثم إياد بن أمين مدني من السعودية تولى منصبه في الأول من يناير 2014، وحتى الآن. الأمين العام الحالي لمنظمة التعاون الإسلامي هو ابن للكاتب السعودي ورئيس تحرير جريدة المدينة أمين بن عبد الله مدني، حصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الإنتاج من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبعد عودة من أمريكا أدار مناصب حكومية كثيرة، لم يعمر فيها طويلاً انتقل بعدها إلى الصحافة وعمل رئيساً لتحرير صحيفة «سعودي جازيت» الصادرة بالإنجليزية ليكون بذلك أول رئيس تحرير لها، استمرّ في العمل الإعلامي حتى أصبح مديراً لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر حتى أوائل التسعينات. أصدر مفتي السعودية السابق عبد العزيز بن باز حكما عليه ب"الردّة والكفر" على خلفية نشر إحدى الصحفيات مقالا عن "قوامة الرجل"، ما جعل مجلة الدعوة تنشر ردّ المفتي ابن باز، وذلك عقب رسالته إلى الجهات المعنية في الدولة بإيقاف المسؤول عن تحرير الصحيفة وتأديبه تأديبا رادعاً واستتابته عمّا بدر منه، فالمقال الذي سمح المدني بنشره يعد من نواقض الإسلام ويوجب كفرَ وردّةَ من قاله أو اعتقده أو رضي به، اعتبر ابن باز أن القائمين على عكاظ عُرف عنهم نشر المقالات الداعية إلى الفساد والإلحاد والضرر العظيم على المجتمع، كما عرفوا بالحقد على علماء الإسلام والاستطالة في أعراضهم والكذب عليهم. الانفراجة جاءت بعد وفاة ابن باز، حيث تمّ تعيينه وزيرا للحج لدورة وزارية واحدة، قبل أن يبادل حقيبة الحجّ بحقيبة وزارة الثقافة والإعلام في العام 2003. وصفته جهات محسوبة على المحافظين السعوديين ب"العلماني" الذي تجاوز خطوط السياسة العامة للدولة فأسرف في توظيف النساء وظهورهن كمذيعات، كما خصص لهن برامج تهتمّ بالأسرة والطفل بأصوات وصفوها بالناعمة، وظهور وردي لهن، فضلاً عن اتهامات بمحاولته السعي إلى تقليل ساعات بث البرامج الدينية، وعلى صعيد الإعلام ناله اتهام بأنه كان رمزاً لتجاوزات مالية ظل المدني صامتاً عنها. منظمة التعاون الإسلامي والحياد عن الهدف ترحيب منظمة التعاون الإسلامي بالإعلان عن تشكيل التحالف الإسلامي لمحاربة "الإرهاب"، يفتح الباب حول مجموعة من التساؤلات حول مدى دقة المنظمة في تحقيق أهدافها التي أنشأت من أجلها تكريس الطائفية منظمة التعاون الإسلامي نجحت في بداية انطلاقتها بلورة هدف تجتمع حوله جميع الدول الإسلامية وهو القضية الفلسطينية فكانت القاسم المشترك بينهم، في الآونة الأخيرة وبعد تشكيل ما يسمى بالتحالف الإسلامي العسكري بدأت المنظمة تحيد عن هدفها المعلن في تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية، فبعض المراقبون وصفوا هذا التحالف "بالناتو السني" على خلفية استبعاد كل من إيران والعراق الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وترحيب المنظمة بالتحالف سابقة يجب التوقف عندها، فعليها أن تنأى بنفسها عن التحالفات ذات الطابع السياسي المشبوه وإلا سيؤدي هذا إلى مزيد من الخلافات بين الدول العربية والإسلامية على خلفيات سياسية وليست دينية. عدم جدية المنظمة في التعامل مع القضية الفلسطينية دعم منظمة التعاون الإسلامي للتحالف الإسلامي العسكري الذي لم يأتي لا من قريب ولا من بعيد على ذكر الإرهاب الصهيوني الذي يمارس بحق الفلسطينيين، يشكل منعطفاً خطيراً لبوصلة المنظمة، وخصوصاً أن بعض الباحثين السعوديين اعتبروا أن التحالف الإسلامي العسكري الذي أسسته المملكة العربية السعودية هو الذراع العسكري لمنظمة التعاون الإسلامي. وعلى ما يبدو أن المنظمة قد أخفقت في صياغة رؤية تنفيذية تطبق على أرض الواقع، فالمنظمة تلجأ للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأطراف دولية كأمريكا، لمحاولة إيجاد حلول للمسائل تخص الدول الإسلامية كالقضية الفلسطينية، وبالتالي الحلول الأمريكية المقترحة لن تخدم مصالحهم فالولاياتالمتحدة الحليف الأكبر للعدو الصهيوني. ففي سبتمبر الماضي 2015 أكد الأمين العام للمنظمة إياد بن أمين مدني أن الأمانة تنسق عن قرب مع الدول الأعضاء، ليتم عقد الاجتماع في نيويورك، خلال فترة انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة. فقدان الموضوعية المتتبع لقرارات المنظمة يجد أن منظمة التعاون الإسلامي تتأثر بشكل كبير بطبيعة الأمين العام لها، فعندما كان أمين المنظمة تركي وهو أكمل الدين إحسان أوغلو تم تعليق عضوية سوريا في 15 أغسطس 2012، ومن المعروف أن هناك خلاف كبير بين الحكومة التركية والسورية على خلفية الأحداث الدائرة في الأخيرة، وعندما جاء السعودي إياد بن أمين مدني أميناً عاما للمنظمة استطاعت السعودية الحصول على مباركة المنظمة على التحالف العسكري الذي دعت إليه. فقدان الدور المؤثر للمنظمة على الرغم من الجهود المبذولة للمنظمة إلا أنها لم ترتقى إلى المستوى المرغوب، فالمنظمة لم تخرج من إطار التوصيات، رغم ما تعانيه الدول الأعضاء فيها من أزمات متفاقمة ومخططات الاستنزاف والتهميش والتجزئة والتقسيم والنزاعات الإقليمية والمذهبية. ففي يوليو 2012 أعرب إحسان أوغلو عن عميق قلقه إزاء العنف المتواصل ضد حقوق الروهينجا المسلمين في ميانمار، حيث قتل وجرح وشرد الآلاف من أبناء هذه الأقلية إلى داخل وخارج ميانمار، مشددا على موقف منظمة التعاون الإسلامي الثابت في متابعتها لقضية الروهينجا، موقف لا يتناسب مع المجازر التي تعرضوا لها المسلمين حيث نفذ البوذيون مجازر وحشية ضد المسلمين في بورما، وتعرّض أكثر من 20 ألفا للذبح في أبشع عملية تصفية عرقية يشهدها التاريخ الحديث. وفي أكتوبر الماضي اكتفت منظمة التعاون بالإدانة للأحداث الجارية في فلسطينالمحتلة، حيث دان أمين عام «منظمة التعاون الإسلامي»، «إياد مدني» تصاعد عمليات الإعدام والقتل الميداني التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في أنحاء الأرض الفلسطينيةالمحتلة كافة خاصة في مدينة القدسالمحتلة، كما أدان تكثيف أعمال الإرهاب التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد المدنيين الفلسطينيين والتي أدت إلى استشهاد 29 فلسطينيا وجرح حوالي 1400 بينهم نساء وأطفال منذ بداية مطلع أكتوبر الماضي، معتبرا أن هذه الجرائم تشكل انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني. وتشير المعلومات التي أفادها المركز الفلسطيني للإعلام نقلاً عن قسم الإعلام في الوزارة أن حصيلة الشهداء وصلت إلى 131، بينهم 26 طفلاً وطفلة و6 سيدات، إضافة إلى إصابة أكثر من 15 ألف مواطن حتى تاريخ 23 ديسمبر الحالي.