أصدر المركز العربي للنزاهة والشفافية، الأحد الماضي، تقريره السنوي للعام الخامس على التوالى، لمقياس الرشوة، من خلال مؤشرات وإحصائيات توضح مدى تفشى الرشوة داخل الجهات الحكومية. بالنسبة لكبار الموظفين، كشف التقرير أن مقياس الرشوة لعام 2015 شهد دخول مؤسسات جديدة لم يسبق تصنيفها ضمن الجهات الفاسدة، فكانت وزارة الزراعة وشركات القطاع العام وأقسام الشرطة، على رأس الجهات الأكثر فسادًا وتلقيًا للرشوة، كما شهد التقرير تذيل وزارتي الاستثمار والنقل للتصنيف. وبالنسبة للصغار، أوضح «مقياس الرشوة المصري» أن وحدات المرور وموظفي النيابات والمحاكم وأقسام الشرطة وموظفي الجمارك وأجهزة المدن الجديدة والأحياء والتموين والأوقاف ودواوين المحافظات، الأكثر حصولا على الرشوة. وقال شحاتة محمد شحاتة، رئيس المركز العربي للنزاهة والشفافية، إنه استند في تقريره السنوي على الاستبيان المباشر في خمس المحافظات، اثنان من وجه بحري، ومثلهما من الوجه القبلي، بالإضافة إلى محافظة القاهرة، مؤكدا أن المنظمة بدأت في إصدار تلك التقارير منذ خمسة سنوات، على غرار منظمة الشفافية الدولية؛ بهدف تصنيف الجهات الحكومية فيما يتعلق بالرشوة. وأضاف شحاتة أن بعض الوزارات التي تقع تحت ولايتها الأراضي التابعة للدولة، احتلت المراكز الأولى في التصنيف، مثل وزارات الزراعة والإسكان والأوقاف، واقتصرت قضايا الرشوة فيها على كبار موظفيها؛ لارتفاع قيمة المبالغ لكبر حجم الخدمة. أوضح رئيس المركز العربي للنزاهة والشفافية، أن الجهات التي تتعامل مع المواطن بشكل يومي، يتلقي الرشوة فيها صغار الموظفين، مثل ما يأخذه رجل المرور للتغاضي عن مخالفة سير أو انتهاء مدة الرخصة وما شابه ذلك من ممارسات يومية، مؤكدا أن تجهيز التقرير استغرق ما يزيد على عشرة أشهر لتحري الدقة في مطابقة نتائج استبيان المركز، وما يتم إعلانه على شبكات الإنترنت من بيانات خاصة بقضايا الرشاوى والشكاوي التي تقدم من قبل المواطنين للجهات المعنية بمثل هذا الشأن. ومن جانبه، طالب إسلام أبو المجد، الباحث في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، الحكومة بضرورة أن تضع تلك الدراسات والتقارير في رؤيتها للنزاهة والشفافية لدى الوزارات المختلفة، وأن يكون هناك تعاون بينها وبين المراكز العاملة في قياس الفساد بشكل عام؛ لأنه سيكون في النهاية لصالح المواطن، ووقتها سيصبح المجتمع أكثر شفافية ونزاهة، ما يقل من تكلفة الخدمة سواء المباشرة أو غير المباشرة، لافتا إلى وجود 6.5 مليون موظف داخل الجهاز الحكومي، يكون الفساد معهم تبادلي بين كبار الموظفين وصغارهم، وخير دليل، التقارير الإدارية التي أقرت بأن الجهاز غير كفؤ ومترهل وغير جدير بتقديم الخدمات للمواطنين بالشكل الأمثل، ما يترتب عليه زيادة نسب فساده. أكد أبو المجد على ضرورة إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة من أجل القضاء على الفساد بجميع أشكاله، وأن تكون هناك جهة رقابية غير ذاتية على الجهاز تسمح بإنشاء كيانات شعبية مستقلة تتولى عملية الرقابة على المستوى المحلي والوطني وتقدم تقاريرها للبرلمان، كما نصت اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد؛ لأن الفساد ليس فقط في الجهاز الحكومي، بل يشمل أيضا القطاع الخاص، مطالبا باتباع ثلاثة أركان في مصر لمكافحة الفساد، تتمثل في وضع إطار قانوني شامل يكون رادعا، وإطار مؤسسي فاعل عبر مجالس ومفوضيات مستقلة، ووجود إرادة سياسية على المستوى الوطني والمحلي، بالتعاون بين الجهات التشريعية والقضائية والتنفيذية.