تتوالى تصريحات المسؤولين التي تفيد البدء في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة التي أعلن عنها في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري يوم 13 مارس الماضي، دون خطوات جدية على أرض الواقع. في سبتمبر من العام الحالي، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الانتهاء من تخطيط المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية بمساحة 10 آلاف و500 فدان، وأنه جار الانتهاء من الدراسات الخاصة بالمرافق والطرق. وأضاف مدبولي أن مدة تنفيذ المرحلة الأولى لن تتخطى عامين، وأن الوزارة ستعتمد علي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وعدد من الجهات الأخرى في تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، مؤكدا البدء في تنفيذ المشروع بشكل رسمي قبل نهاية العام الجاري، وتتكلف المرحلة الأولى حوالي 45 مليار جنيه، منها 18 مليارا للمرافق، والتفاصيل سيعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي قريبًا، بحسب الوزير. وأوضح وزير الإسكان أن الاستعانة بشركة مقاولات عالمية لن يؤثر على نظيرتها المصرية؛ خاصة أنها ستلتزم بقوانين العمل الوطنية بألا تتجاوز نسبة العمالة الخارجية التي ستستعين بها عن 15% وباقي النسبة من خلال العمالة وشركات المقاولات المصرية. وفي أكتوبر من العام الحالي، عرض مدبولي الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في اجتماع مجلس الوزراء لتنفيذ مشروع العاصمة الإدارية، مؤكدا أن المشروع لن يكلف خزانة الدولة أية أعباء، بل سيحقق أرباحا في المرحلة الأولى التي تقام على مساحة 10 آلاف و500 فدان لن تقل عن 10 إلى 12 مليار جنيه. وأكد الوزير أن المشروع سيحقق عائدات استثمارية ضخمة خلال 30 سنة، وسيمثل تنمية عمرانية وامتدادا طبيعيا للقاهرة جهة الشرق، كما يتميز بموقعه القريب من مشروع تنمية قناة السويس. وفي نفس الشهر، أعلن اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بدء تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع على مساحة 10500 فدان، مؤكدا أن المشروع سيحقق أعلى المستويات العالمية، سواء في مجال التعليم أو الإسكان أو خدمات المواطنين، لتكون نموذجا يحتذى به وخطوة مهمة نحو مصر الحديثة. وأضاف رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أن العاصمة الجديدة ستشمل مناطق سكنية متعددة المستويات لكل شرائح المجتمع، منها إسكان اجتماعي، ومدينة الحكم، ومدينة طبية عالمية، ومدينة رياضية، وقرية ذكية، وقاعات مؤتمرات دولية، ومدينة معارض، ومناطق خدمية وتعليمية، ومناطق للمال والأعمال، وطرق حضارية بعرض 120 متر، ومحور أخضر بمساحة 7200 فدان بعرض 300 كيلو متر مربع. ومنذ أيام، أوضحت وكالة رويترز للأنباء، أن مصر سوف تتولى تنفيذ خطط بناء العاصمة الإدارية الجديدة اختصارًا للوقت والحصول على نتائج سريعة، مشيرة إلي أن الحكومة المصرية، تعاني ضائقة مالية، واتخذت القرار بعد عدم قدرتها على إتمام اتفاق مع المستثمر الإماراتي، محمد العبار. وتابعت الوكالة، أن تكلفة المشروع، أعلن عنها في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي مارس الماضي، وقد تصل إلى 300 مليار دولار أمريكي، لافتةً إلى رفض العبار الرد على تخليه عن المشروع بسبب خلافات على الموارد المالية. يقول عمرو علي، مهندس استشاري، إن كثرة التصريحات التي تخرج علينا من وزير الإسكان الذي يتحدث بأي كلام دون أن يضع خطة واضحة أو دراسة، تغضب الكثيرين، واصفا مشروع العاصمة الإدارية ب«الفنكوش». وأضاف علي أن الشركة الصينية انسحبت من المشروع، كما انسحبت الإمارات واضطرت مصر الآن لتمول المشروع، مطالبا وزير الإسكان بدراسة جيدة للمشروع أولا قبل التصريحات المتكررة. ومن جانبه، قال الدكتور جودة عبد الخالق، الخبير الاقتصادي ووزير التضامن الاجتماعي الأسبق، إن تصريحات المسؤولين عن العاصمة الجديدة لا تنقطع، مؤكدا أن المشروع لم يكن مطروحا على أجندة التخطيط العمراني حتى مؤتمر شرم الشيخ لدعم وتنمية الاقتصاد المصري مارس الماضي. وأوضح جودة أنه راجع وثيقة التنمية المستدامة لمصر 2030 الصادرة عن وزارة التخطيط، فلم يجد للمشروع ذكرا، بالإضافة إلي التنقيب في المخطط الإستراتيجي القومي للتنمية العمرانية 2052، الصادر عن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة العام الماضي.