سلطت الاتنخابات البرلمانية وقرب انعقاد مجلس النواب، الضوء على اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق وابن محافظة دمياط، الذي طالته يد الغدر والإرهاب، من قبل الجماعة الإسلامية التى قررت الانتقام من رجال الدولة، بعد واقعة مقتل علاء محيي الدين عاشور، الناطق الرسمي باسم الجماعة، أمام منزله في ترسا بالهرم. مقتل متحدث الجماعة يفجر نزعة الانتقام يقول منتصر الزيات، محامي الجماعة الإسلامية، إنه في مساء اليوم الذي قتل فيه محيي الدين، اتصل به صفوت عبد الغني، أحد قيادات الجماعة، وكان فاراً من قرار باعتقاله، وأبلغه بأن متحدث الجماعة ربما اغتيل وطلب منه التأكد، فعلى الفور، اصطحب المحامي إبراهيم علام، إلى شارع ترسا، وعلموا من بعض الموجودين أن الجثة نقلت إلى مستشفى أم المصريين، فتوجهوا إلى مشرحة المستشفى وتأكدوا أن جثة الشخص المجهول لمحيي الدين. ويضيف الزيات: «استشعرت أن شيئاً ما يدبر في الخفاء؛ بعدما أدركت أن العامل في مشرحة المستشفى لا يعرف شيئاً عن صاحب الجثة، فتوجهت فوراً مع علام إلى نيابة الهرم، والتقينا بوكيلها، أيسر فؤاد، وتقدمت بطلب رسمي لإثبات أن الجثة المذكورة للدكتور علاء محيي الدين، وألمحت في أقوالي إلى شكوك قوية بتورط أجهزة أمنية في الاغتيال». ويوضح محامي الجماعة: «بينما كنا نتابع الإجراءات في نيابة الهرم، اتصل بي أحد الزملاء المحامين الإسلاميين، الذين توافدوا إلى المستشفى بعد علمهم بالحادث، وأبلغني أن أشخاصاً حضروا لاستلام الجثة بزعم أنها لابنهم، فطلبت منه الحؤول دون ذلك حتى وصولي، واتصلت بالمحامي سامح عاشور، ابن عم الدكتور علاء محيي الدين؛ ليتوجه إلى المستشفى من أجل إتمام الإجراءات، وبمجرد وصله وإثبات صلته بالمتوفي انطلقوا هاربين». ومن جانبه، قال وليد البرش، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، إن واقعة اغتيال محيي الدين كانت بداية استعراض عضلات الجماعة وإظهار جناحها المسلح للعلن، وقررت اغتيال اللواء محمد عبد الحليم موسى، وزير الداخلية آنذاك، أثناء توجهه إلى مكتبه، مضيفا: «شكّل ممدوح على يوسف وصفوت أحمد عبد الغنى، قادة الجناح العسكرى للجماعة، مجموعة إيواء وإعاشة لأفراد الجناح، ورصد بعضهم تحركات موكب وزير الداخلية من مسكنه بالدقى إلى مكتبه بمبنى الوزارة؛ للوقوف على تشكيلة وعدد أفراد الحراسة وخط سيره المعتاد، واختاروا مكان الحادث مسرحاَ لعملياتهم، وأعدوا الأسلحة والذخائر والمفرقعات لتنفيذ مخططهم وتوزيع الأدوار». 24 ألف دولار.. ثمن عملية الاغتيال واستطرد البرش أن العملية كانت تحتاج إلى تمويل، وبالفعل جاء من الخارج، فاستلم ممدوح على يوسف وصفوت عبد الغني مبالغ، مجموعها أربعة وعشرين ألف دولار من قيادات الجماعة الموجودين خارج البلاد، متابعا: «الأموال كانت عبارة عن شيك بمبلغ عشرة آلاف دولار باسم محمد حزين إسماعيل، صرفه وسلم قيمته لصفوت عبد الغني، خلال شهر سبتمبر 1990، وشيك آخر باسم علاء الدين أبو العلا، صرفه وسلم قيمته إلى صفوت، بالإضافة إلى ثلاثة آلاف دولار وألف ريال سعودي». وتابع أن الجماعة قررت اغتيال وزير الداخلية، محاولين ارتكاب الحادث يومى 9 و10 / 10 / 1990، إلا أن عدم مرور موكبه فى هذين اليومين حال دون تنفيذ المهمة، وعندما قرأ ممدوح على يوسف ما نشر في الصحف أن موسى سيتوجه يوم 12 / 10 / 1990 إلى مكتبه لإعلان نتيجة الاستفتاء على حل مجلس الشعب، اختار منفذو العملية مكان الحادث أمام فندق سمراميس على نيل القاهرة مسرحاَ لعمليتهم، وأعدوا الأسلحة والذخائر والمفرقعات؛ لتنفيذ مخططهم وتوزيع الأدوار بينهم، بأن يقف محمد عبد الفتاح أحمد محمود فى منتصف كوبرى قصر النيل لإعطاء إشارة إلى لزملائه بمجرد مرور موكب الوزير للانقضاض عليه، وعلى محمد صلاح وحامد عبد العال، إطلاق النار على السيارة التي تقل الوزير، ويتولى علاء أبو النصر ، وعصام عبد الجواد إطلاق النار على سيارة الحراسة، ويكون محمد النجار وياسر عبد الحكيم على أهبة الاستعداد بالدراجتين البخاريتين لالتقاط المنفذين والهروب بهم من مكان الحادث، ويقف صفوت عبد الغنى فى الطرف الآخر من كوبرى قصر النيل للاطمئنان على تنفيذ العملية. وأكد القيادي السابق فى الجماعة: «تصادف مرور موكب الدكتور رفعت المحجوب، فى طريقه إلى فندق المريديان للقاء وفد البرلمان السورى، فاعتقد محمد عبد الفتاح، الذى يقف فى منتصف كوبرى قصر النيل أنه ركب وزير الداخلية؛ لتماثل تشكيل الموكبين، فأعطى الإشارة المتفق عليها، وهى التلويح ببنطال رياضة أصفر اللون، فالتقطتها مجموعة التنفيذ، وما إن وصل الموكب حتى أطلق محمد صلاح وحامد أحمد عبد العال الأعيرة النارية من بندقيتين آليتين على سيارة رئيس مجلس الشعب وقتل من فيها، وعندما حاول قائدها شحاته محمد أحمد، الفرار تعقبه حامد عبد العال واستمر فى إطلاق النار عليه ونقل إلى المستشفى حيث توفى بها، بينما لقى الدكتور رفعت المحجوب والمقدم عمرو الشربينى والحارس عبد العال على رمضان مصرعهم داخل السيارة، وفى ذات الوقت، أطلق علاء أبو النصر وعصام محمد عبد الجواد أعيرة نارية من بندقيتين آليتين على سيارة الحراسة، فقتل سائقها، كمال أحمد عبد المطلب».