في خضم المواجهات العسكرية والسياسية، وفي الوقت الذي تزدحم فيه السماء السورية بالمقاتلات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والروسية، وفي إطار المحاولات الدولية لإنهاء الأزمة السورية، تتكثف الاتصالات والمناقشات حول اجتماع المعارضة السورية المقرر في الرياض، وهو المؤتمر الذي يرى فيه البعض "خارج عن إطار مؤتمر فيينا"، والبعض الأخر يرى فيه الفرصة لتوحيد فصائل المعارضة السورية في كيان واحد لبدء حل سياسي جدي للأزمة السورية. وجهت السعودية دعوة رسمية إلى 65 شخصية سورية معارضة لحضور المؤتمر المزمع عقده في الرياض في الفترة الممتدة بين 11 و13 ديسمبر، وقال عضو الائتلاف الوطني "أحمد رمضان"، إن "الخارجية السعودية لم توجه الدعوات لأشخاص بأسمائهم، إنما تقرر دعوة 20 شخصية من الائتلاف، و7 من هيئة التنسيق الوطنية وما بين 10 و15 من القيادة العسكرية، وما بين 20 و25 من المستقلين ورجال الأعمال ورجال الدين، على أن يتم تشكيل الوفد الذي سيحاور النظام من 25 شخصية". تعهد قادة في المعارضة السورية بالعمل لإنجاح مؤتمر الرياض، ل"الخروج بوثيقة توافقية بين فصائل المعارضة المعتدلة حول مكوّنات المرحلة الانتقالية"، حيث قال "الائتلاف السوري المعارض" إنه سيعمل على توحيد قوى المعارضة السياسية والعسكرية والمدنية، وأكد المنسق العام لهيئة التنسيق "حسن عبدالعظيم"، أن مؤتمر الرياض "مهم جدًا وسنعمل على نجاحه"، فيما قال رئيس الاتحاد الديموقراطي الكردي "صالح مسلم"، "من الأهمية أن يكون وفد المعارضة متوازنًا ويمثّل الجميع، لذلك هناك أهمية أن يمثّل الأكراد"، وبدوره قال رئيس تيار بناء الدولة "لؤي حسين"، إنه تلقى دعوة مع إمكان دعوة خمسة آخرين، مؤكدًا أنه سيشارك "في كل الفعاليات التي تساهم في حل الأزمة السورية لكن على الأغلب أننا لن نشارك في أي حكومة جديدة، في المقابل نحن سندعم أي حكومة أو هيئة انتقالية كيفما كانت وبغض النظر عمن يكون فيها". يبدو أن تعهدات فصائل المعارضة السورية ببذل كافة الجهود لإنجاح المفاوضات لم تكن جدية بالشكل الكافي، فمع بداية التحضير للمفاوضات ظهرت الخلافات سريعًا بين أعضاء الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض ورئيسه "خالد خوجة"، حول اختيار قائمة بأسماء الوفد الذي سيشارك في اجتماعات الرياض لتشكيل وفد يشارك في مؤتمر فيينا القادم، للتفاوض مع النظام لحل الأزمة السورية. قالت مصادر من داخل الائتلاف السوري المعارض، إن رئيس الائتلاف "خالد خوجة" أرسل قائمة بالأسماء التي ستشارك في اجتماعات الرياض دون العودة للهيئة السياسية للائتلاف، وهو ما اعترض عليه أعضاء الائتلاف، حيث قال المعارض السياسي "ميشيل كيلو" إن "النظام الداخلي للائتلاف يعطي الهيئة السياسية الحق بممارسة كل الأنشطة السياسية، ويلزم الرئيس بالتنسيق معها بما في ذلك تسمية الوفود"، مضيفًا أن "خوجة لم يعجبه الميل الموجود داخل الهيئة لاختيار الأسماء، وشارك في اجتماعات الهيئة مرتين إلا أن أحد الأشخاص أبلغ الهيئة أن الرئيس أرسل القائمة إلى الرياض"، واستطرد "كيلو" أن "خوجة" بهذا العمل يسعى إلى "إفشال اجتماعات الرياض"، حيث أنه وضع أغلب أعضاء كتلته في الائتلاف، وقال إن "خوجة لا يتعاون مع أحد ولا يستشير أحدًا ويتعامل مع الائتلاف باعتباره مزرعة". من المفترض أن تضم القائمة التي أرسلها "خوجة" إلى الرياض، "فاروق طيفور، أنس العبدة، هادي البحرة، مصطفى الصباغ، رياض سيف، نغم الغادري، مصطفى أوسو، سهير أتاسي، فؤاد عليكو، هيثم رحمة، محمد قداح، عبد الأحد اصطيفو، سالم المسلط، سمير النشار، عالية منصور، أحمد تيناوي، يوسف محلي، نورا الجيزاوي، وعبد الإله فهد". على صعيد متصل؛ هددت "الكتلة الديمقراطية" بعدم حضور اجتماعات الرياض، ما لم توجه لهم دعوات اعتبارية وليست شخصية، وقال "أحمد الجربا"، "لن نحضر إلا بدعوة رسمية لتجمع مؤتمر القاهرة كجسم سياسي"، فيما طالبت هيئة التنسيق الوطنية بعشرة أعضاء لحضور اجتماعات الرياض عوضًا عن ستة. دوليًا، حذرت إيران من مؤتمر "توحيد المعارضة" المزمع عقده في الرياض، حيث قال مساعد وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان"، إن السعي إلى تنظيم لقاءات جانبية بشأن سوريا في السعودية والأردن هو خارج بيان فيينا، ويحرف الجهود السياسية عن مسارها الطبيعي ويؤدي إلى إفشال مساعي الحل، وإيران لا توافق على أية أعمال خارج هذا البيان"، وأضاف "لقد تقرر في فيينا أن يعمل مبعوث الأممالمتحدة في سوريا على إعداد قائمة بالمعارضين بعد إجراء مشاورات على نطاق واسع"، وأكد "عبد اللهيان" أن الشعب السوري هو من يملك الحق في تقرير مصير بلاده، مشددًا على أن محاربة الإرهاب في سوريا والمنطقة تتطلب إرادة دولية جدية.