في ظل ما يشهده المحيط الخارجي من أحداث متتالية ومتسارعة في ملفات مهمة كالأزمة السورية والملف الليبي، فضلًا عن إجراء الانتخابات البرلمانية، شهدت الدبلوماسية المصرية تحركات متزامنة مع هذه التطورات، بدءًا من مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة المناح بالعاصمة الفرنسية باريس، مرورًا باجتماع دول الجوار الليبي في الجزائر، وصولًا إلى تنظيم الانتخابات البرلمانية المصرية بالخارج. قمة المناخ على الرغم من أن انعقاد قمة المناخ هدفها هو مناقشة الأضرار البيئية ومحاولة الحد منها، إلا أن الأعمال الإرهابية التي ضربت عدة دول في الفترة الأخيرة، فضلًا عن ملفات منطقة الشرق الأوسط الملحة كان لها أولوية قصوى في هذه القمة، وهو ما أكدته لقاءات السيسي عى هامش القمة، حيث التقى بالرئيس العراقي والفرنسي وكذلك الأمير القطري، وأكد خبراء العلاقات الدولية أن مشاركة السيسي في فعاليات قمة الأممالمتحدة للتغيرات المناخية، يأتي من منطلق حرص مصر على التواجد في كل المحافل الدولية، عقب فترة غياب دولية طويلة. في الوقت ذاته التقي الرئيس "عبد الفتاح السيسي" بنظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في أول لقاء بينهما منذ سقوط الطائرة المدنية الروسية في سيناء، وهو الحادث الذي ترتب عليه إلغاء الرحلات الروسية إلى القاهرة، وانتشرت حوله تكهنات بتراجع العلاقات الدبلوماسية المصرية الروسية، لكن أعقب هذا اللقاء أعلنت موسكو عن بحث عودة الطيران إلى مصر مرة أخرى، وأكدا الجانبان متانة العلاقات، في أعقاب التوقيع رسميًا على اتفاق الضبعة النووي قبل أسبوعين، للتأكيد على استمرار العلاقات التاريخية بين البلدين. وقال السفير مصطفى عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية الأسبق إن السيسي استغل الحدث للحصول على المزيد من دعم الدول الأوروبية والأمريكية لمواجهة الإرهاب، سواء في صورة مشروعات أو استثمارات أو أسلحة تقليدية، ومن جانبه، قال السفير المصري في فرنسا، إيهاب بدوي، إن زيارة السيسي لفرنسا تتضمن أهدافاً أخرى اقتصادية وسياسية، وقال إن مصر تتطلع في الفترة المقبلة إلى مساهمة فرنسا في تطوير محور تنمية قناة السويس، لامتلاكها طاقات متعددة في عدد من المجالات مثل التشييد والبناء وصناعة السيارات، بالإضافة إلى الشركات الفرنسية التي تستثمر في مصر، منوهاً إلى أن أحد رؤساء الشركات الفرنسية قال إن شركته تنمو بمعدل 35٪ سنويًا، وأن ما يحققه في مصر من عائد لم يحققه في أي مكان آخر، مؤكدًا أن استثماراته تدر عائدًا كبيرًا، قائلاً: "في المستقبل القريب سنشهد إقبالاً". وفي ما يخص الأزمة السورية، أوضح بدوي، أن الموقف الفرنسي تجاه القضية السورية اختلف خاصة بعد اجتماع فيينا، والأحداث الإرهابية التي تعرضت لها باريس مؤخراً، وقال: "كان هناك تصريح من رئيس الوزراء الفرنسي، الذي أبدى استعداد الجانب الفرنسي إلى إمكانية التنسيق مع القوات السورية على الأرض في إطار الضربات"، وأشار إلى أن فرنسا كان لها موقف شهير يطلق عليه "ني ني" ويعني أنها لم تكن مع أي طرف في السابق، سواء كان يتبع نظام بشار الأسد أو المعارضة، أما الآن وبعد هذه الأحداث التي شهدتها فرنسا مؤخراً، حدث تحول ملحوظ وتغيير في الرؤى للطرفين والنظر إلى داعش التي قتلت الفرنسيين الأبرياء، لاسيما أن تلك الأحداث أصابت الفرنسيين بصدمة شديدة. وعلى هامش القمة أكدت مصادر حدوث حوار سريع لدقائق بين الرئيس السيسي والأمير القطري، فيما قالت مصادر أخرى إن اللقاء لم يزد عن المصافحة وتبادل كلمات الترحيب العربية، ثم جاء بيان رئاسة الجمهورية المصرية ليحسم الأمور بتأكيد اللقاء بينهما رغم عدم الإفصاح عن أي تفاصيل، لكن يشير اللقاء النادر إلى إمكانية ذوبان الجليد بين البلدين والذي حدث عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وما تبعه من توتر العلاقات بين الجانبين. اجتماع الجوار الليبي استضافت الجزائر الاجتماع الوزارى السابع لدول جوار ليبيا (مصر وتونس والنيجر وتشاد والسودان والجزائر)، إلى جانب المبعوث الأممى الجديد لليبيا مارتن كوبلر وممثلين عن الاتحاد الأوروبى والإتحاد الأفريقى والجامعة العربية، وتم خلال الاجتماعات بحث التطورات الأخيرة فى ليبيا وتحليلها بهدف مساندة هذا البلد على اجتياز الأزمة التى يعيشها منذ سنوات ومساعدته على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتمكينه من تجاوز المرحلة الانتقالية وبناء مؤسسات الدولة. وتزامن مع الاجتماع الأخير تطور جديد في الأزمة الليبية بحسب ما صرح وزير الخارجية سامح شكرى الذي أكد أن هناك تطورات مقلقة تمثلت فى إعلان تنظيم داعش الاستيلاء على مدينة سرت الليبية مما يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة كفيلة بتفعيل اتفاق الصخيرات. ويعتبر الهاجس الأمنى فى ليبيا الأهم من بين هواجس أخرى فى الأزمة بالنسبة لدول الجوار، خاصة مع النظر إلى تفشي الإرهاب وعمليات تهريب الأسلحة والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية مما يستوجب سرعة التوصل إلى حل سياسى توافقي لمواجهة هذه التحديات، وكان المتحث باسم الداخلية الليبية طارق الخراز، أكد أن مدينة "سرت" أصبحت خارج إطار الشرطة والسلطة التشريعية، وأعلنها "داعش" عاصمة للتنظيم الإرهابي، مؤكدا وصول أعداد من مقاتلين كانوا في العراق وجاءوا إلى سرت، عبر المتوسط، من الحدود التركية. وفى كلمته أمام الاجتماع ، أعرب وزير الخارجية سامح شكرى عن القلق الجماعى إزاء استشراء الإرهاب على أرض ليبيا ممثلاً فى تنظيم داعش الإرهابي الدموي الغاشم وغيره من التنظيمات، لكون محاربة الإرهاب من أهم وأعقد التحديات أمام أى حكومة ليبية قادمة، لأنه لن يكون هناك استقرار سياسى أو تنمية ورخاء إقتصادى لليبيين في ظل انعدام الأمن . وأضاف أنه على الرغم من أن الحكومة الليبية ممثلة في أجهزة الجيش والأمن الليبية، تقوم بمحاربة الإرهاب وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي، فإن المعادلة غير متوازنة وتصب في مصلحة التنظيمات الإرهابية التي تتلقى كافة أشكال الدعم وعلى رأسها تهريب السلاح دون تعاون أو جهد دولي فعال لمكافحة ذلك التهريب. وفي هذا السياق يقول محللون إنه لابد أن يكون التحرك المصري ذو ثقل وله مردود إيجابي، لاسيما وأن التنظيمات الإرهاببية بدأت تستشري بشكل كبير في ليبيا، مما يمثل دعماً للجماعات الإرهابية في مصر مؤكدين على ضرورة ضرب المعقل الرئيسي للإرهاب في ليبيا، وذلك من خلال الوصول سريعًا إلى حل سياسي هناك. عزوف المصريين بالخارج جرت عملية الاقتراع لمدة يومين فى 139 سفارة وقنصلية بالعالم، بجولة الاعادة بالانتخابات البرلمانية في المرحلة الثانية في 13 محافظة هى القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء. قال السفير حمدى لوزا، نائب وزير الخارجية والمسئول عن انتخابات المصريين فى الخارج إن عملية التصويت في الجولة الثانية من المرحلة الثانية جرت بصورة طبيعية ولم تٌبلغ غرف عمليات وزارة الخارجية بأي عقبة، موضحًا أن جميع اللجان الانتخابية فتحت أبوابها فى التاسعة صباحاً، وفق توقيت كل دولة، إلا أنه كان هناك عزوف واضح للمصريين بالخارج عن التوجه إلى صناديق الاقتراع بالقنصليات والسفارات، وأرجع البعض إلى تقصير الجاليات في تحمل مسئولياتها بتكثيف التوعية بأهمية المشاركة بالعملية الانتخابية، وأيضاً عدم تنظيم لقاءات واجتماعات دورية لشرح آلية التصويت، خاصة بعد ضعف الإقبال فى المرحلة الأولى، وبطلان 1865 صوتاً من إجمالى 30531، توجهوا للإدلاء بأصواتهم وبنسبة تعدت ال6%. وقال أيمن نصرى، المدير التنفيذى للمنظمة المسكونية بجنيف، إن المنظمة المسكونية بصدد عمل دراسة ميدانية بالتعاون مع بعض الجاليات بالخارج وبعض الأحزاب بالداخل بهدف تحديد أسباب عدم الإقبال، ومحاولات إيجاد حلول لها لضمان مشاركة أفضل فى الاستحقاقات المقبلة، وأشار «نصرى» أن حجم المصريين بأوروبا وأمريكا يتراوح ما بين 8 إلى 12 مليوناً، مسجل منهم بكشوف اللجنة العليا للانتخابات 693 ألفاً فقط، وهو الرقم الذى لا يتخطى نسبة 1%، ومع هذا لم يشارك سوى 4% فقط من إجمالى المسجلين بالكشوف الانتخابية.