"التربية" غابت.. فحضر التحرش والتاتو والسجائر.. ووكيل الوزارة: المسؤولية مشتركة " اللي عايز يأخذ درس عندي ده رقمي" هكذا يستقبل المعلم تلامذة المرحلة الإعدادية داخل المدرسة، بالتسويق لاسمه طمعًا في الحصول على أكبر نسبة من الطلاب، أما في حال تغيير مواعيد الدروس فإن التنسيق أيضًا يحدث داخل الفصول- بحسب ما قالت بوسي علاء الدين، الطالبة بالمرحلة الإعدادية، لتتوسط المعلمة الفصل وتقول: "اللي بيأخذ عندي درس يوم الأحد يقوم يقف" لتقتطع جزءا من الحصة للتنسيق بينهم. وتضيف أن الطالبات اللاتي لا يحصلن لدى معلم الفصل على دروس خصوصية يطالبهن بالاشتراك من أجل الحصول على مجموعة مدرسية قيمتها 25 جنيه شهريًا بحجة ضعف مستواهن، وذلك ليس إلا لتحقيق أكبر نفع ممكن من أولياء الأمور، مشيرة إلى أن بعضهن يخفض من درجات الطالب الذي لا يستجيب لمحاولاتهم المستميتة في الحصول على دروس خصوصية. وتعتبر علاء الدين أن من ضمن الأمور التي تهتم بها المدرسة، تزيين الفصل من خلال أوراق الحائط والبالونات التي تشترك الطالبات في شرائها، فتظل في انتظار المشرفة التي تمنح الفصل الأجمل هدية متمثلة في كتاب سلاح التلميذ أو مسطرة أو مصحف، وذلك يقتصر فقط على "الزينة". غياب "التربية" كشق أول في دور الوزارة إلى جانب إهمالها من بعض الأسر أدى إلى تدني السلوك الأخلاقي، وتشير علاء الدين إلى بعض الفتيات اللاتي يدخن السجائر داخل المدارس وبين جدران الفصول دون علم من الإدارة أو المعلمين لكثرة النوافذ والتهوية، وعلى مرأى ومسمع من زميلاتهن اللاتي يتعرضن إلى الضرب أو السب بألفاظ خارجة خارج أسوار المدرسة في حال الإفصاح عن تلك الأفعال المشينة. وأضافت: "بروح وبرجع كل يوم بتاكسي بسبب الأولاد اللي بيقفوا عند المدرسة "محملة بعض الفتيات في تلك المرحلة جانب كبير من انتشار ظاهرة التحرش بينهن، فبحسب شهادتها قالت إن طالبة حرضت صديقتها على دفعها نحو أحد الصبية المصطفين أمام المدرسة، ولكنه لم يتجاوب معها وأبدى استنكاره، ثم سبها، وبالرغم من شدة تمسكها بعدم الرحيل إلا بحصولها على رقم هاتفه. أما هؤلاء الصبية فتقول عنهم علاء الدين إن بعضهم يستخدم الثعابين الجلدية لترويع الفتيات، وفي أحيان أخرى يعرضون عليهن السجائر، ويلقين في بعض الأحيان تجاوب وفي أخرى سباب وتوبيخ شديد ممن ترفضن الاختلاط بهم. وتشير أيضًا إلى أن بعض الطالبات في المدرسة الإعدادية التجارية المجاورة للمدرسة التي تتبعها يضعن الماكياج و"التاتو" قبل الذهاب للمدرسة دون إبداء أي اعتراض من قبل المعلمات أو مدير المدرسة. وحمل مصطفى بكري، طالب بالمرحلة الثانوية، المدارس الحكومية سبب فشله، قائلا: "السنوات الثلاثة التي قضيتها في المدرسة الحكومية بالمرحلة الإعدادية دمرتني، كانوا يأخذوا منا فلوس، ولو أخذنا دروس بننجح من غير ما نذاكر ومن غير ما يشرحوا ويدخلوا يغششونا" مشيرًا إلى أن من بين أسباب عدم انتظامه في المدرسة أيضًا انتشار السلوكيات الخاطئة بين الطلاب، فالمجتهد ذو الخلق الحميد إذا وجد من يشاركونه في الفصل جميعهم يدخنون السجائر ويهربون من المدرسة فإنه حتى وإن قاوم لفترة لكنه سيرضخ لهم في النهاية ويتبعهم في سلوكياتهم. واقترح بكري زيادة أعداد الرحلات التي تقوم بها المدرسة من أجل التنفيس عن الطلاب وإتاحة الفرصة لهم لمقابلة أصدقائهم في الفصول الأخرى، مضيفًا: "عشان بعد المدرسة عندنا دروس". من جانبها قالت نور الهدى، إحدى أولياء الأمور، إن وزارة التربية والتعليم في حاجة إلى إعادة هيكلة للحد من كثافة الطلاب داخل الفصول، والتخلص من أسلوب "حشو المناهج" والاعتماد على الحفظ فقط، أما فيما يتعلق بالمعلم فإن ما يحصل عليه من دخل يجعله يعيش في مستوى أدنى من أن يحقق له حياة كريمة، ما يضطره إلى الدروس الخصوصية. وفيما يتعلق بالأمطار الغزيرة التي شهدتها الإسكندرية خلال الأسابيع الماضية، قالت نور إنها أدت إلى الغياب وتأخر المناهج الدراسية، خاصة وأن امتحانات الفصل الدراسي الأول أشرفت على الاقتراب، فضلاً عن خطورة المياه المتخلفة عن الأمطار في تعريض حياة الطلاب للخطر، معتبرة أن الحل أبسط ما يمكن وهو تغيير شبكة الصرف الصحي. واستنكر أحمد فيتو، عدم تغيير المناهج منذ ما يزيد عن 15 سنة، بالإضافة إلى غياب الدور الثقافي والتربوي عن المدارس، ما يسفر عن جيل يفتقد للثقافة الحقيقية. من جانبه قال جمعة ذكري، وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، إنه يتم التخلص من المياه التي أغرقت المدارس، وذلك من خلال مدرائها أو لجنة إدارة الأزمات المشكلة داخل كل مدرسة على حدى، أو من خلال الأحياء، ولجان الصيانة بالمدارس، كما تباشر هيئات الأغذية بالمدارس دورها في متابعة سير الأمور بها. وأضاف في تصريح ل"البديل" إن وكالة الوزارة تجري استعداداتها، فقد منحت الطلاب إجازة خلال اليومين الماضيين وهو ما ستتبعه في حال تشكيل خطورة عليهم. وفيما يتعلق بتدني المستوى التعليمي، قال ذكري، إن المشكلة ليست في جانب وزارة التربية والتعليم وحدها، لكن المسؤولية تقع على المدارس التابعة لها، والمناهج التعليمية، والمجتمع، وثقافة أولياء الأمور، والإعلام، وقوانين القبول للجامعات. وتابع وكيل الوزارة: ولي الأمر بيحجز لابنه الدروس قبل الدراسة بسنة، ومن غير ما يعرف مين هيدرس له أو عنده كثافة طلابية في الفصل أو لا، وبيجعل المدرسين يتوسطوا للمدارس من أجل قبولهم، لو الطالب غايب والدنيا مشروحة هيروح المدرسة ليه؟ هيروح يعمل شغب". وأوضح أن عدد مدارس الإسكندرية بمراحل التعليم المختلفة بلغت 2300 مدرسة، موضحًا أن المناهج شهدت العام الجاري تغييرا في المناهج الدراسية بنسبة 30% ومن المقرر أن تشهد تطوير كامل في كافة المناهج مع حلول عام 2017.