مع تصاعد النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، والتفاف دول العالم حول الدب الروسي والسعي إلى التعاون معه، وتزامنًا مع تصريحات وزير الدفاع الأمريكي "آشتون كارتر"، بأن روسيا والصين تشكلان تهديدًا محتملا للنظام العالمي، وأن المؤسسة الدفاعية الأمريكية تدرس طرقًا مبتكرة لردع العدوان الروسي وحماية حلفاء الولاياتالمتحدة وشركائها، يتبادل الطرفان الرسائل السياسية من خلال المناورات العسكرية أو الصفقات التسليحية، وهو ما يدفع إلى القول بأن المشهد السياسي في كواليس البلدين مشتعل. انطلقت مناورات بحرية روسية في شرق البحر المتوسط عند مثلث بحري يقع بين سوريا ولبنان من جهة الشرق، وقبرص من جهة الغرب، السبت، وتستمر المناورات ثلاثة أيام، وتشارك فيها ست قطع بحرية بقيادة الطراد الصاروخي الثقيل "موسكفا" الذي يقود التشكيلة البحرية الروسية في المتوسط. المناورات البحرية الروسية جاءت بتنسيق كامل مع السلطات اللبنانية، حيث تلقت السلطات المختصة في مطار بيروت الدولي برقية من البحرية الروسية، تطلب فيها عدم استخدام المجال الجوي المقابل للأراضي اللبنانية ضمن مساحة وارتفاع محددين ابتداء من منتصف ليل الجمعة ولمدة ثلاثة أيام، بهدف القيام بالمناورات ما يؤثر مباشرة على مسارات جوية معتمدة في حركة الطيران من مطار بيروت الدولي وإليه. بناء على الطلب الروسي، أعلنت الخطوط الجوية الكويتية إلغاء رحلتين من وإلى مطار بيروت، السبت، كإجراء أمني احترازي حفاظًا على سلامة الركاب، بناء على معلومات أمنية بوجود حظر على بعض المسارات الجوية المؤدية إلى مطار بيروت. المناورات الروسية يمكن من خلالها قراءة العديد من الرسائل السياسية التي حرصت روسيا على إرسالها إلى حلفائها الإقليميين وأعدائها أيضًا، ويمكن أيضًا التوافق حول أن هدفها ليس عسكريا بالدرجة الأولى بل سياسي، كما أن روسيا ترسل رسالة واضحة أنها جادة في اتخاذ كل التدابير الآيلة إلى متابعة حربها ضد الارهاب بشكل عام، وليس "داعش" فقط، كما أنها تقول لأمريكا وأعدائها الأوروبيين أن صوتها في منطقة الشرق الأوسط هو المسموع فقط. المناورات الروسية تعتبر رد على رسالة أطلقتها أمريكا في 7 نوفمبر الجاري، لكنها لم تكن رسالة مباشرة، بل كانت مناورة أو اختبار كما يسميها البعض، لكن باختلاف المسميات يبقى الهدف واحد، ويبدو أن الدب الروسي قد وصلته الرسالة وأدركها جيدًا وحضر سريعًا للرد عليها بنفس الطريقة. أطلقت البحرية الأمريكية صاروخًا بالستيًا من نوع "ترايدنت-2″ من غواصة في مياه الساحل الغربي للولايات المتحدة، 7 نوفمبر الحالي، وهو ما اعتبرته صحيفة "اليابان بيزنيس برس" لم يكن صدفة، حيث قالت الصحيفة إن توقيت إطلاق واشنطن صاروخها البالستي من سواحلها الغربية لم يكن صدفة، لاسيما وأنه تزامن مع إشارة وزير الدفاع الأمريكي إلى ضرورة مواجهة الخطر الروسي والصيني، ولفتت الصحيفة إلى أن اختبار الصواريخ البالستية أمر اعتيادي في حد ذاته، إلا أن توقيت التجربة لم يكن اعتباطيًا، حيث تزامن مع محاضرة ألقاها وزير الدفاع الأمريكي "أشتون كارتر" في مكتبة بكاليفورنيا، أشار فيها إلى ضرورة التصدي للخطر النابع من روسيا والصين. وأبرزت الصحيفة أن الوزير الأمريكي توقف مرارًا في كلمته عند ما وصفه "بالخطر الروسي" على بلاده، حيث قال "لقد مر 14 عامًا على اعتداءات ال11 من سبتمبر، ولابد من إعادة هيكلة منظومة الدفاع الأمريكية، ونحن اليوم نسير بهذه الخطى، والمستقبل يعتمد على الإجراءات التي سنتخذها في مواجهة الأزمات"، وأضاف "نحن بحاجة إلى إصلاحات تخولنا احتواء الخطر الروسي، والقوات الأمريكية تعكف على تعديل التكتيكات الرئيسية لخطواتها". من جانبه، يرى الخبير العسكري الأمريكي "يواحيم أغوبيان"، أن إطلاق القوات البحرية الأمريكية صاروخًا بالستيًا يمثل رسالة تبعث بها واشنطن إلى العالم بأسره، وإلى موسكو وبكين على وجه التحديد، وأضاف: الغاية من إطلاق الصاروخ البالستي ليلا من منطقة ساحلية، تكمن في أن يرى الناس بأم العين لهب الصاروخ وسير تحليقه، بما يخدم كذلك إيصال نبأ الإطلاق إلى العامة في روسيا والصين.