بعد أيام قليلة من إلغاء تركيا صفقة تسليحية مع الصين خلال قمة العشرين التي عقدت منذ أيام في أنطاليا، اتجهت بكين إلى حليفتها الأساسية موسكو، من خلال عقد صفقة تسليحية ضخمة، في خطوة تحمل رسائل سياسية هامة لتركيا مفادها أن الصينوروسيا حليفتان قويتان في وجه التحالف التركي الأمريكي، وأن العلاقات بين الدولتين في تعزيز مستمر تجاريًا وسياسيًا وعسكريًا. وقعت روسياوالصين اتفاقية شراء 24 مقاتلة متعددة المهام من طراز "سو-35″، ويقدر سعر الصفقة بملياري دولار، وصرح مدير عام شركة روستيخ "سيرغي تشيميزوف" قائلا إن "المحادثات الطويلة في موضوع توريد مقاتلات "سو- 35″ إلى الصين قد انتهت بتوقيع الاتفاقية"، وبمقتضى العقد ستتسلم القوات الجوية الصينية 24 طائرة مقاتلة بقيمة تبلغ حوالي 2 مليار دولار، وأضاف قائلا إن "الصين أصبحت أول بلد أجنبي اشترى مقاتلات سو-35، وهذه الصفقة لا مثيل لها في تاريخ صفقات توريد الطائرات الحربية". طائرة "سو-35″، هي مقاتلة للجيل "4″ ذات مدى العمل الكبير، وبوسعها بلوغ سرعة 2.5 ألف كيلومتر في الساعة، ويبلغ المدى الأقصى لطيرانها 3.4 آلاف كيلومتر، ومدى عملها القتالي نحو 1.6 ألف كيلومتر، وتزود المقاتلة بمدفع 30 ميليمترًا، ولديها 12 نقطة يمكن أن تعلق عليها أسلحة خارجية، بما فيها صواريخ وقنابل، وتلك المقاتلات لا تتوفر حاليًا إلا في حوزة الجيش الروسي. الخطوة الروسية الصينية يبدو أنها موجهه إلى تركيا حيث أنها تأتي بعد أيام من قرار تركيا إلغاء عقد شراء صواريخ من الصين والبالغ قيمته أربعة مليارات دولار، حيث قررت اللجنة التنفيذية للصناعات الحربية بتركيا إلغاء عقد شراء صواريخ من الصين والبالغ قيمته أربعة مليارات دولار، وعدم شراء صواريخ مماثلة من الشركات المنافسة للصين أيضًا. جاءت الخطوة التركية فى ظل اعتراضات شديدة من قبل منظمة حلف شمال الأطلسى "ناتو" والولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث اعترضا على توجه تركيا للاستعانة بتقنية عسكرية من خارج الدول الأعضاء في الحلف، حيث أبدى حلف شمال الأطلنطي "الناتو"، مخاوفه من الصفقة التركية الصينية، حيث أكد الأمين العام للحلف "أندرس راسموسن"، "استحالة موافقة الحلف على ترك أسلحته الموجودة في تركيا بجانب منظومة الصواريخ الصينية"، وأشار الأمين العام لحلف "الناتو" إلى عدم ترحيب الأعضاء بالمباحثات التي شرعت فيها تركيا مع الشركة الصينية، معرباً عن انزعاجها منها، وأضاف "يجب أن تتحد الدول الأعضاء في حلف الناتو تحت لواء واحد، وأن يقيموا منظوماتهم العسكرية تحت إشراف القوات المتحدة". من جانبها؛ رفضت أمريكا شراء تركيا صواريخ من الصين التي تعتبر الشريك والحليف الاستراتيجي لروسيا، وهو ما جاء متزامنًا مع تقارب الرئيسين التركي "رجب طيب أردوغان" و"باراك أوباما" بخصوص الحرب على "داعش" خلال قمة العشرين، حيث تبنت تركيا قرار إلغاء الصفقة على سياسات ومصالح جديدة توطد من العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتركيا، ففي مواجهة التحالف الصيني الروسي الإيراني والتقارب بين الأطراف الثلاثة في الشأن السياسي والعسكري والقضايا الإقليمية وعلى رأسها الأزمة السورية، بدأت تركيا تعود إلى الأحضان الأمريكية من جديد في محاولة لتعزيز وضع المعارضة السورية، مقابل تعزيز روسياوالصين وإيران وضع الرئيس السوري "بشار الأسد". التقارب الأمريكي التركي أيضًا يفسره وجود معدات عسكرية أمريكية على الأراضي التركية بعدد غير مسبوق منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، فالأمريكيون بحاجة لشريك إقليمي في احتواء الروس بالبحر الأسود وشرق أوروبا شمالًا، والبحر المتوسط والشرق الأوسط جنوبًا، وهو أمر تراه واشنطن متوفر في تركيا أكثر من سواها.