بعد أن خطفت روسيا الأنظار وأصبحت محور اهتمام العالم عقب تدخلها العسكري المباشر في سوريا، وتمكنها من تحقيق إنجازات عبر دعمها للجيش السوري، مقابل فشل التحالف الدولي الذي تتزعمه أمريكا في تحقيق نصف هذه الإنجازات في وقت مُضاعف، انطلقت في العراق دعوات ترحيب بالتدخل الروسي في هذا البلد الذي يعاني هو الآخر من هجمات إرهابية شرسة وفوضى أمنية أودت بحياة الكثير من أبناء شعبه، ليبدأ الحديث عن سحب الدب الروسي البساط من تحت أقدام واشنطن، ولكن هذه المرة في العراق. أعدت لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية مسودة بعدة توصيات لرفعها إلى الحكومة، تطالب خلالها بدعوة روسيا لضرب عصابات "داعش" في العراق، وتندرج المسودة ضمن توصيات عدة اتفقت اللجنة على رفعها إلى رئاستي البرلمان والحكومة العراقية، بتوسيع التعاون مع روسيا الاتحادية. كشف عضو اللجنة "علي المتيوتي"، عقب اجتماع تشاوري جرى الأربعاء الماضي مع أعضاء لجنة الأمن النيابية الذين أنهوا زيارة لموسكو الاثنين الماضي، أن "وفد اللجنة طلب من المسئولين الروس توجيه ضربات جوية ضد أوكار عصابات داعش في شمال البلاد وغربها"، مشيرًا إلى "ترحيب الجانب الروسي، الذي اشترط طلبًا رسميًا من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي"، وأضاف أن "اللجنة أوصت الحكومة العراقية بتوطيد العلاقات مع روسيا". ونصّت توصيات لجنة الأمن البرلمانية على أن "على الحكومة العراقية والبرلمان، فتح آفاق للتعاون مع مجلس الدوما الروسي، وتحديداً مع لجنة الدفاع الروسية، لتذليل كل الصعاب التي ترافق عقود التسليح والمتعلقة بالمؤسسات الأمنية"، وأكد "المتيوتي" أن "التوصيات ركزت على ضرورة انفتاح لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، للتواصل مع نظيرتها في مجلس الدوما الروسي، لتبني رؤية واضحة تلبي طموح العراقيين في مكافحة التطرف والإرهاب"، وشددت على "ضرورة تبادل العمل الاستخباري، من خلال مركز المعلومات المشترك في بغداد، مع روسياوسوريا وإيران". هذه ليست أول الدعوات العراقية للتعاون مع روسيا في ضرب التنظيمات الإرهابية بالبلاد، حيث سبق وأن حث أعضاء في الائتلاف الحاكم في العراق، بالإضافة إلى ممثلين عن الحشد الشعبي، رئيس الوزراء "حيدر العبادي" على التوجه لروسيا بطلب توجيه ضربات جوية ل"داعش". وقال عضوان في البرلمان العراقي إن رئيس الوزراء يتعرض "لضغوط هائلة" من الائتلاف الوطني الحاكم لطلب التدخل الروسي، حيث قدم أعضاء في البرلمان وفي الائتلاف الحاكم طلبًا رسميًا للعبادي للموافقه على التدخل الروسي هناك، حيث أكدت النائبة عن كتلة بدر النيابية "أمل عطية"، أن التحالف الرباعي بقيادة روسيا كشف زيف ادعاءات الولاياتالمتحدةالأمريكية بشأن تنظيم "داعش" الإجرامي وعدم استطاعتها القضاء عليه خلال سنوات، وقالت العطية إن "العراق يسعى من أجل إشراك التحالف الرباعي في ضرب مواقع تنظيم داعش الإجرامي"، مؤكدة أن "روسيا صادقة في حربها ضد الإرهاب"، وأضافت أن "الرئيس الروسي بشار الأسد أحسن الاختيار عندما طلب من موسكو الاشتراك في ضرب مواقع داعش"، مشددة على "حاجة العراق لمثل تلك الضربات"، وأوضحت العطية أن "الضربات الروسية مؤثرة وتمكنت من ضرب البنية الأساسية لداعش خلال أيام، بعكس التحالف الدولي بقيادة أمريكا الذي يعطي التنظيم أكثر من حجمه ويزعم أنه لا يمكن القضاء عليه إلا بعد 10 سنوات". من جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي"، أنه سيرحب بضربات جوية حال وجهتها روسيا لتنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، موضحًا أنه لم يناقش مع روسيا توجيه ضربات جوية ل"داعش" في بلاده حتى الآن، لكنه ذكر أن ذلك محتملًا، وبغداد ستدرس مثل هذا العرض إذا قدم إليها وسترحب به. تعالي الأصوات العراقية المنادية بالتحالف مع روسيا بدلًا من أمريكا التي ثبت فشلها، يضع رئيس الوزراء العراقي في مأزق شديد، حيث يواجه طلب أمريكي ببقائه ضمن التحالف الدولي بعيدًا عن روسيا، وآخر من التحالف الوطني الذي ينتمي إليه "العبادي" يطالبه بالتوجه إلى روسيا، وهما نقيضين يصعب معهما أن يكون محايدًا. لا شك أن أمريكا التي سبق أن لعبت دورا تخريبيا كبيرا في الشرق الأوسط وسيطرت سياسيًا على مجمل الأمور هناك، لا يروق لها أن تلعب روسيا دورها أو أن تكون أكثر فاعلية منها مُعلنة هزيمة أمريكا في العالم فضلًا عن الشرق الأوسط، وهو ما سيجعل الأيام القادمة تحمل الكثير من التصعيد في العراق من قبل التحالف الأمريكي، بعد أن تخطت العراق كيانه الغير جاد في مكافحة الإرهاب، لتبحث عن تحالف جديد يخلصها من الإرهاب من خلال التعاون مع عدوه اللدود، فالتدخل الروسي في العراق بات قاب قوسين أو أدني، فالمقاتلات الروسية تتأهب وتنتظر فقط إشارة من رئيس الحكومة العراقية "حيدر العبادي" لتنطلق مُعلنة الفشل الأمريكي وانتهاء هيمنتها على الشرق الأوسط.