تزامنا مع اشتعال الصراع بين روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية على خلفية الأزمة الأوكرانية العام الماضي والمتعلقة بضم موسكو لشبه جزيرة القرم، وبعد أقل من ثلاثة أشهر على بدء الأزمة عن سقوط طائرة مدنية تابعة للخطوط الماليزية "MH17″ في شرق أوكرانيا، وهو ما أسفر عن مقتل جميع من كان على متنها وعددهم 298 شخصاً، بعدها توالت الاتهامات بين روسيا و الولاياتالمتحدةالأمريكية وتحميل كل طرف الآخر مسئولية إسقاط هذه الطائرة. حينها سيناريوهات كثيرة لإسقاط الطائرة الماليزية شغلت الرأي العام، حيث اتهم "مارك دوغتن" المدير التنفيذي لشركة "بيتريوس" للطيران، الأمريكيين بإسقاط الطائرة الماليزية بصاروخ أطلق من القاعدة العسكرية الأمريكية الموجودة في جزيرة ديغو غارسيا البريطانية التي تبعد عن أستراليا ثلاثة آلاف ميل، فيما أرجع تقرير تابع لمجلس السلامة الهولندي مسئولية تحطيم الطائرة إلى إصابتها بصاروخ روسي الصنع من طراز 9 إم 38. بعض المراقبين؛ ربطوا بين سقوط الطائرة الماليزية واستثمارها في الأزمة الأوكرانية، وأشار بعضهم بأنه قد يكون للولايات المتحدةالأمريكية يداً خفيه في إسقاطها، وذلك لتأليب الرأي العام العالمي ضد روسيا وإظهارها بمظهر الدولة التي لا تحترم حقوق الإنسان وتستهدف الطائرات المدنية في صراعها الدائر بأوكرانيا، وبالتالي كسب مزيد من التعاطف الدولي والغربي لموقف الولاياتالمتحدة وتدعيم صفها ضد روسيا، فيما قال البعض الآخر إن إسقاط الطائرة الماليزية كان من الممكن أن يكون بوابة للتدخل في الشأن الداخلي الروسي، وذلك بعد أن صوت مجلس الأمن الدولي في 29 يوليو الماضي على مشروع قرار لإنشاء محكمة دولية لمحاكمة المشتبه في إسقاطهم الطائرة، ما اضطر الروس إلى استخدام حق النقض ضد هذا القرار. الطائرة الماليزية لم تكن وحدها التي أثارت الشكوك حول إمكانية استخدام الطائرات المدنية في تصفية الحسابات إما بصورة مباشرة كما حدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية 11 سبتمبر، أو بصورة غير مباشرة كما حدث مع الرحلة رقم 990 التابعة لشركة مصر للطيران، في 31 أكتوبر 1999 التي قتل فيها 217 شخصا في تحطم طائرة بوينج، قبالة السواحل الأمريكية بعد نحو ساعة من إقلاعها، ولم ينج أي من الركاب، قال وقتها " وليد " وهو إبن شقيقة البطوطي أحد طواقم الطائرة المصرية المنكوبة: إن الطائرة المصرية كانت "مستهدفة" لوجود وفد عسكري "هام" مؤلف من 33 شخصا على متنها وكذلك "ثلاثة خبراء في الذرة" وغيرهم، وأضاف وليد في تصريحات صحفية: إن "سبعة" خبراء في مجال النفط كانوا أيضا على متن الطائرة المنكوبة، والتي لقي جميع ركابها البالغ عددهم 217 مصرعهم، وهنا يشير البعض بأصابع الاتهام إلى الكيان الصهيوني أكثر منه للولايات المتحدة لأن الطائرة كان على متنها جنسيات أمريكية، كما أن طائرة كهذه تحمل كل هذه الكفاءات العسكرية والعلمية ستكون صيد ثمين بالنسبة للعدو الصهيوني. تقرير هيئة السلامة الأمريكية زعم أن مساعد الطيار جميل البطوطي تعمد إسقاط الطائرة والانتحار بسبب جملة قالها وهي " توكلت على الله " وهي جملة لا يقولها منتحر، كما أن شهادة أحد الطيارين الألمان الذي كان على خط ملاحي قريب من الطائرة المصرية وقت وقوع الكارثة تقول غير ذلك، فقد شاهد جسماً غريباً يمر بالقرب منه قبل وقوع الكارثة بثوان، ويتجه إلى الطائرة المصرية، مما أدى إلى سقوطها في مياه المحيط وانفجارها لتتحول إلى أجزاء متناثرة. الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الموضوع بدأت تتزايد، وخصوصاً بعد سقوط الطائرة الروسية خلال الأيام الماضية في سيناء، فتوقيت سقوط الطائرة ومكان السقوط يثيران مجموعة من الشكوك، خاصة وأن توقيت سقوطها لم يكن بعيداً عن القرار الروسي بالتدخل المباشر في سوريا الذي لا تباركه الولاياتالمتحدة، ومكان سقوطها بدولة بدأت في التقارب مع روسيا، وفي نفس الوقت رحبت مصر بالتدخل الروسي في سوريا. ويشير محللون إلى أن سقوط الطائرة الروسية إن كان عملاً إرهابياً كما تدعي داعش تبنيه، فكلنا يعرف الدول التي تمول داعش، سواء التركية كحليف أمريكي في الناتو أو السعودية كحليف إقليمي لأمريكا، وإذا كانت داعش هي التي نفذت هذه العملية كما تدعي، فالقصد منها تعكير العلاقات الروسية المصرية، خاصة أن السيناريو الأمريكي يحاول التلميح إلى أن المتفجرات التي كانت على متن الطائرة "في حال صحة نظرية العمل الإرهابي بالفعل"، قد مرت عبر المطار المصري، وبالتالي تحميل النظام في القاهرة تبعات هذا الخلل الأمني، وإغفال دور الفاعل الحقيقي داعش الذي تدعمه الولاياتالمتحده بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذه القضية. حال لم يكن سقوطها عملاً إرهابياً وكانت نتيجة عطل فني، فإن الدول الغربيةوالولاياتالمتحدةالأمريكية باتت تصر على أنه عمل إرهابي، حتى تسيس بذلك الموضوع وتستفيد منه كورقة ضغط على الأطراف المعنية معها بخصومة أو اختلاف في وجهات النظر، فإصرار أمريكا على أن سقوط الطائرة الروسية نتيجة عمل إرهابي مع عدم وجود أدلة حتى اللحظة سيؤثر بشكل حقيقي على السياحة المتضررة بالأساس في مصر، وبالتالي تحاول استثمار الموضوع لممارسة أي شكل من أشكال الضغط على القاهرة لتعود بشكل كلي للحظيرة الأمريكية، وبالنسبة لبريطانيا يبقى احتمال سقوط الطائرة بعمل إرهابي أفضل بكثير من سقوطها نتيجة خلل فني أو عيب في الصناعة أو الصيانة، ما قد يؤثر سلباً على سمعة الإيرباص فخر الصناعة الأوروبية بشراكة بريطانية في سوق بيع الطائرات، وخاصةً عندما قررت الشركات الصينية المنافسة في هذا السوق طرح طائرتها c919. حوادث كثيرة لسقوط طائرات مدنية أصبح الربط بين سقوطها والأحداث السياسية متشابكاً ومتداخلاً، ما يشير إلى أن الطائرات المدينة، قد تتحول إلى ساحة لمجازر بشرية تصفي الدول خلافتها من خلالها وهذا ما ينذر بالخطر الكبير.