نشأت الجماعة الإسلامية في أسيوط على يد صلاح هاشم، المؤسس الأول لها، وكل ما هو معروف عن تلك النشأة هو أنها كانت بداية حراك طلابي، وسط غموض حول تفاصيل ذلك الحراك، وما تعرض له، ومن هم الأعضاء الأوائل للجماعة الإسلامية، وماذا كان يطلق عليها قبل هذا المسمى، ومتى انضم القيادات البارزة لها. تساؤلات كثيرة كانت أجوبتها في نسخة من مذكرات المؤسس الأول للجماعة الإسلامية صلاح هاشم، والتي حصلت عليها "البديل"، وتحتوي على كافة التفاصيل والأسماء والمراحل التي نشأت من خلالها الجماعة. دخل صلاح هاشم كلية الهندسة بجامعة أسيوط عام 1972، وكان قبل تلك الفترة عضوًا في الجمعية الشرعية، وأنصار السنة، وجماعة التبليغ والدعوة، حيث كانت تلك الجماعات تعمل بنفس النهج دون وجود خلافات، وكانت توجد جماعة دينية في ذلك الوقت يشرف عليها بعض الأساتذة ذوى الميول الصوفية، أمثال الدكتور محمد محروس الأستاذ بكلية الهندسة، والدكتور إبراهيم الدسوقى الأستاذ بكلية العلوم، والطالب على زين العابدين بكلية الطب، والأستاذ عادل توفيق مسئول النشاط الثقافى بالجامعة. البداية من داخل صالة الجمانيزيوم كان هؤلاء يتجمعون أسبوعيًّا في ندوة عقب صلاة الجمعة، داخل جامعة أسيوط، وتحديدًا بصالة الجمانيزيوم هناك، وكان صلاح هاشم حريصًا على حضور تلك الندوة مع صديقه حسين عبد العال طالب بكلية الصيدلة، والدكتور عبد المتعال عبد الواحد معيد بكلية الهندسة، الذي سبق اعتقاله مع جماعة الإخوان. ويروي صلاح هاشم في مذكراته أنهم كانوا يتناولون ما يقال في تلك الندوات بالتحليل ومقارنته بما يتوافق مع أهل السنة و الجماعة كما فهمه السلف، وعندما يجدون خلافاً فى الأمر، كانوا يلجؤون إلى عدد من الشيوخ وقتها، مثل مصطفى درويش، والشيخ عبد الله السخاوي، والشيخ محمد السويفى، وغيرهم من دعاة الإخوان المسلمين. نجح هاشم وأصدقاؤه خلال الأعوام 72-74 في تغيير بعض المفاهيم التى كانت تسيطر على توجه الندوة، خاصة الفتيات اللاتى كن يلبسن الملابس القصيرة، ويظهرن شعورهن، ويحضرن تلك الندوات، وانتشر الحجاب وقتها، وظهرت اللحى بين الشباب بشكل كبير. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استثمر صلاح هاشم ومن معه ذلك التقدم، وبدأ في عمل حلقات في الفقه والسيرة داخل مساجد المدينة الجامعية ومساجد الكليات بالجامعة، بحضور كبار الدعاة، أمثال الشيخ محمد الغزالى، والشيخ محمد متولي الشعراوى، وزكريا البرى، وسيد سابق. سبب التسمية بالجماعة الإسلامية.. وتولي هاشم رئاستها بدأ نشاط صلاح هاشم يتوسع في محافظة أسيوط فى عامي 1974 و1975، حينما حضر لجامعة أسيوط عدد من شباب محافظة المنيا للدراسة بكلية الطب، وهم: أحمد عبد الفتاح، ومحمد صلاح، ومحمد فتحى، ومحمد علي، وجمال عطا الله، وسعد عبد اللطيف، وحمدى الصغير، الذين كانوا حريصين على حضور الحلقات التي يعقدها هاشم داخل المدينة و الكليات. في ذلك الوقت عندما تشعب العمل الدعوي داخل جامعة أسيوط، كان الأمر يحتاج إلى إدارة، ووقتها ظهرت مطالبات بتحديد مسئول عن كل كلية ومسؤل عن كل مبنى بالمدينة، وكذلك مسئول عام عن الجامعة، وحصل صلاح هاشم وقتها على منصب مسئول عام عن الجامعة، وساعده في الأمر محمد محروس، وعادل توفيق. بعد الانتهاء من الشق الإداري، عكف صلاح هاشم على فكرة عمل معسكرات إسلامية فى الإجازة الصيفية بمسجد عمر مكرم بالجامعة، وكان دعمها من خلال الاشتراكات واتحاد الطلبة. وكان عام 1975 بمثابة نقطة التحول، حيث تم في المعسكر الذي عقد في ذلك التوقيت الاتفاق على تغيير اسم المجموعات التي كان يترأسها صلاح هاشم من الجماعة الدينية إلى الجماعة الإسلامية. ويقول "هاشم" في مذكراته إن سبب التسمية يعود إلى الإعجاب بنشاط الجماعة الإسلامية بالهند وباكستان. انضمام كرم زهدي وأسامة حافظ والإسلامبولي بعد الاستقرار على المسمى الجديد، بدأ خلال عامي 75- 1976 انضمام معظم قادة الجماعة الإسلامية الحاليين إليها، مثل الشيخ كرم زهد، وحمدى عبد الرحمن، وأسامة حافظ، وعلى الشريف، ورفاعى طه، وأبو بكر عثمان، ومحمد تيسير، وأحمد عبده سليم، ومحمد شوقى الإسلامبولى. وقتها كان للجماعة الإسلامية شأن كبير داخل جامعة أسيوط، حيث إنه في عام 1977 وبعد انضمام هؤلاء القادة للجماعة، أصبح لها كلمة مسموعة، وتوسع نشاط الجامعة بعمل معارض للكتاب الإسلامى، والقيام بتفصيل زى إسلامى وبيعه بسعر التكلفة. يقول صلاح هاشم إنه خلال هذه الفترة من 72 – 1977 كان الشيوعيون والناصريون لهم نشاط واضح داخل الجامعة، فكانوا يعلقون مجلات الحائط، ويبثون فيها أفكارهم، وحاولوا عام 1977 فى انتفاضة 18 و19 يناير أن يسيطروا على الجامعة، وحاولوا كذلك أن يسيطروا على "النادى السياسي" الذى دعا إليه الطلبة بالجامعة، وكانت فكرته أن الاتجاه الذى يفوز فى انتخابات هذا النادى يقوم بنشر فكره من خلال اللجنة الثقافية باتحاد الطلبة بالجامعة. وتابع "وفى ساعة الانتخابات، وكانت بصالة الجمانيزيوم، قمت بدعوة معظم إخواننا بالمدينة للمشاركة والإدلاء بأصواتهم، وحصلنا على جميع المقاعد، واستمر هذا النادى لفترة دراسية واحدة، ثم ألغي. وردًّا على النشاط الإعلامى لمجلاتهم، قمت بمساعدة أسامة حافظ بإعداد ما يقرب من خمسين مجلة حائط ذات المقال الواحد والتى تفند فكرهم السياسي والاقتصادى، وترد على الناصريين والشيوعيين". 12 شهرًا على تنصيب وعزل الرئيس الجديد للجماعة الإسلامية تخرج صلاح هاشم في الجامعة عام 1977، وفى المعسكر الصيفى لهذا العام اجتمع أعضاء الجماعة الإسلامية؛ لاختيار مسئول آخر يخلفه داخل حرم الجامعة، إلا أن كرم زهدى وأسامة حافظ وحمدى عبد الرحمن رفضوا منصب المسئول العام. كان يشترط للحصول على المنصب، أن يكون الشخص من أبناء أسيوط؛ حتى يستمر العمل فى الإجازة الصيفية، وكانت هذه الشروط تنطبق على أسامة سيد عبد الحميد الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الطب، وكان والده من قادة جماعة الإخوان، لذا تم اختياره، إلا أن فترة تولي أسامة سيد لم تكن بالطويلة، ففى بداية العام الدراسى 1978 حاول الشيوعيون أن ينشطوا، فقاموا بتعليق عدد كبير من المجلات التى تهاجم الجماعة الإسلامية وبعض قادة الحركات الإسلامية بمصر، وقتها اجتمع أعضاء الجماعة مع أسامة عبد الحميد، وحضر اللقاء صلاح هاشم رغم تخرجه؛ لاتخاذ موقف من الشيوعيين الذين كان قائدهم في ذلك الوقت شاب يدعى صلاح يوسف بكلية الهندسة. وانتهى الاجتماع باتخاذ موقف من الشيوعيين وتمزيق المجلات ومنعهم من تعليقها، ولكن رئيس الجماعة وقتها أسامة سيد عبد الحميد رفض ذلك، فلم يستجب له أحد، وعارضوه، وقاموا بتمزيق المجلات، وحدثت مشادة ومصادمات. وقام أعضاء الجماعة بعد تلك الواقعة بعزل أسامة من رئاسة الجماعة، وتعين ناجح إبراهيم الذى انضم للجماعة فى نفس العام. ناجح إبراهيم يخرج الجماعة عن نطاق الجامعة كانت رئاسة ناجح إبراهيم للجماعة الإسلامية في ذلك التوقيت بمثابة النقلة النوعية، حيث استطاع أن يخرج بدعوة الجماعة الإسلامية خارج نطاق الجامعة، وبدأ يعقد الحلقات فى مساجد مدينة أسيوط، ومنها إلى مراكز أسيوط، واستطاع أن يرسل قوافل للدعوة فى محافظات الصعيد، حتى عمت الندوات والمؤتمرات الإسلامية معظم المراكز، وانضم للجماعة فئات كثيرة من المجتمع، ولم تعد الجماعة مقصورة على طلاب الجامعة. وفى عام 1978 استطاعت الجماعة أن تخوض انتخابات اتحاد الطلبة، وحصلت على جميع المقاعد، وأصبح المهندس عادل الخياط رئيساً لاتحاد طلاب جامعة أسيوط، والمهندس أبو العلا ماضى رئيساً لاتحاد طلاب جامعة المنيا، وبهذا سيطرت الجماعة في تلك الفترة على الجامعتين، إضافة إلى انتشارها وتوسعها في محافظة أسيوط.