انطلقت أولى دوراته عام 1989، بغرض إتاحة الفرصة أمام شباب الفنانين المصريين للتجريب والابتكار، حتى أصبح بمثابة جواز المرور لشباب المبدعين نحو الانتشار والتألق، يخرج كل عام من رحم قطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة، ليقدم للحياة الفنية والثقافية وللمجتمع عمومًا هذا الإسهام الفني، باحتضان المبدعين في كافة ربوع مصر، فبات صالون الشباب هدفًا لشباب المبدعين في مجالات الفنون التشكيلية، وساحة للتنافس أيضًا، لاسيما بعض الندوات التي تصاحب فعالياته، ولا يعني ذلك أنه الحدث الفني المثالي، إذ لم يمر في دوراته -السابقة أو الحالية- دون أزمات أو بشكل يستحق الثناء. يوم الأحد الموافق 11 أكتوبر الجاري، شهد انطلاق الدورة السادسة والعشرين لصالون الشباب، وافتتحها وزير الثقافة حلمي النمنم، والدكتور حمدي أبو المعاطي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وكان الافتتاح بجولة داخل قصر الفنون والقاعات الموجود بها المعروضات، مع قوميسير الصالون الفنان خالد زكي. يضم الصالون مجموعة مختلفة من الأعمال الفنية ما بين الرسم والنحت والتصوير، وعددها 166 عملًا فنيًا بمشاركة 149 فنانًا شابًا دون الخامسة والثلاثين، قدموا عصارة عملهم السنوي، لتكون حاضرة بهذا الملتقى الأهم بالنسبة لهم، وتميز الافتتاح بحضور كبير من الشباب المشاركين والجمهور، في مجالات (التصوير، التصوير الضوئي، الجرافيك، الخزف، الرسم، النحت، التجهيز في الفراغ، الكمبيوتر جرافيك، البيرفورمانس، الرسوم المتحركة، الفيديو آرت). وزير الثقافة قال خلال جولته: "إن صالون الشباب يقدم أعمالًا فنية رائعة، تعبر عن طموحات وتطلعات الفنانين الشباب"، مشيرًا إلى أنهم طاقة الأمل نحو المستقبل، بما لكل منهم من شخصية فنية مميزة، مؤكدًا على أهمية الصالون كمتنفس سنوي أمام شباب الفنانين لإظهار وبلورة إبداعاتهم التشكيلية". وقال الدكتور حمدي أبو المعاطي إن "أهمية هذا الحدث الفني تنبع من كونه المعني بتقديم المواهب الشابة، وحدثا استدلاليا يمكن من خلاله استقراء مستقبل الحركة التشكيلية، بما يتم الكشف عنه سنويا من تجارب إبداعية واعدة". مع انطلاق الفعاليات تم الإعلان عن نتيجة جوائز هذه الدورة، والتي كشفت عن حجب الجائزة الكبرى من قبل لجنة التحكيم، وقيمتها 20 ألف جنيه، وفاز بجائزة الصالون (وهي عبارة عن 10 جوائز قيمة كل منها 10 آلاف جنيه)، الفنانين: أحمد القط (تصوير)، مصطفى محمد (نحت)، سلمى أبو زيد (رسم)، هدى أحمد (خزف)، روضة نور الدين (جرافيك)، وفاء سمير (تصوير ضوئي)، في حين حجبت جوائز التجهيز في الفراغ والفيديو آرت والبيرفورمانس والكمبيوتر جرافيك. كما رصدت جائزتين تشجيعيتين قيمة الواحدة 5 آلاف جنية، وحصلت عليهما الفنانتين دعاء عبد الواحد وسمر حسين، وحصلت الفنانة سمر سيد على جائزة الشهيد زياد بكير، وحصل الفنان أحمد خالد على جائزة الشهيد أحمد بسيوني، ونال منحة أسبوع بالأكاديمية المصرية للفنون بروما الفنان محمد زيادة والفنانة هبة صالح، كما حصل الفنانين: منال الجمال ومحمد رشدي وبدوي مبروك ونورهان رفعت، على جوائز شركة سيراميكا رويال. أما جائزة العرض الخاص (التي تمنح لعشرة من أصحاب التجارب الإبداعية المتميزة والواعدة تشجيعا ودعما لهم في بداية مشوارهم الفني) فكانت من نصيب الفنانين: أميرة ماهر، كريم مجدي، سهى الموصلي، محمد صبري، محمود أشرف، هاجر رجب، جيلان حسين، إسلام الريحاني، هادية محمود، أماني علي. سبق وأعلن الفنان خالد زكى، عن منحه جائزة تشجيعية للشباب بالصالون، تحمل اسم الفنانة الراحلة عايدة عبد الكريم، رائدة فن نحت الزجاج؛ تكريما لدورها الرائد فى مساعدة شباب الفنانين، ودعمها المستمر لهم خاصة فى مجال النحت. وذهبت جائزتها للفنانين: شرين البارودي، تامر سيد، عمرو عز الدين، ومي إبراهيم وسارة محمد "عمل مشترك"، هذا بجانب جوائز الاقتناء التي يُقدمها بنك CIB. لجنة تحكيم هذه الدورة ضمت الدكتور أحمد رجب صقر (رئيسا)، وعضوية: الدكتور محمد إسحق، الدكتور خالد سرور، الدكتورة هويدا السباعي، الدكتور فتحي عبد الوهاب، الدكتورة وئام المصري، الفنان إسلام عبد الله، الفنان بسام الزغبي، الناقدة الدكتورة هبة عزت الهواري. الفنانة هبة صالح، التي حصدت جائزة صالون الشباب التشجيعية، كانت من أبرز الوجوه في الصالون، وحرص الوزير ورئيس القطاع والقوميسير على التقاط الصور معها في الافتتاح، بعدما ظهرت وسط العرض (تخرط ملوخية). عملها الفني جاء في مجال البيرفورمانس، بعنوان "ملوخية خضرا"، يعتمد على التجربة الذاتية للمجتمع، وضم العمل بعض العبارات مثل "الرؤية: تنمية المواطن وتقديم خدمات تيسر استدامة تنمية الملوخية، نلتزم بتوفير حرية التعبير والإبداع للملوخية، نلتزم بالحفاظ على تراث وهوية الملوخية، نلتزم بتعيين كوادر لتنمية الملوخية". على هامش الصالون قالت هبة لوسائل الإعلام: تتمثل الفكرة فى ثقافتنا التى أصبحت ممزقة، ولاحظت ذلك من خلال احتكاكى بإحدى مؤسسات وزارة الثقافة التى أعمل بها. وأشارت إلى تصدر الوساطة والشللية، فى حين يتم تجاهل الكوادر الثقافية الحقيقية، أو يتم إنهاكها، واستنزاف طاقتها، حتى تصبح مثل الملوخية الذى تؤول إلى "المخرطة"، لتتحول لمجرد فتات. سبق وفازت هبة العام الماضي بجائزة الصالون في يوبيله الفضي، عن عمل "قابل للخدش" الذي كان يتحدث عن المفاهيم الاجتماعية عن الأنثى، ويشير للجوارب النسائية وتأثيرها الداعم لإحساس الأنوثة. الفنان التشكيلي أحمد القط، الحائز على جائزة التصوير، عن عمله الفني "اتصال مؤقت"، قال أيضًا للصحافة: نشاهد في حياتنا اليومية مظاهر من العنف، أحيانا تكون لها أسباب، وأحيانا تكون بلا أسباب، الإنسان بطبيعته متقلب المزاج، بين المحبة والكراهية والمشاركة والتسامح والانتقام والهدوء. يُذكر أن "القط" من مواليد البحيرة عام 1991، ويعد حاليا للماجستير بقسم الرسم والتصوير، وحصل على جائزة سيراميكا رويال في مجال الرسم (الصالون ال22)، وجائزة الشهيد زياد بكير في التصوير (الدورة ال23)، وجائزة معرض الطلائع بدورتيه ال54 وال55. صحيح قدم صالون الشباب في دورته الحالية مجموعة من الأعمال المتميزة، إلا أنه -في مجمله- لم يخرج بشكل يفوق المتوقع وخرج بعض المتخصصين من أساتذة الفن في مصر يؤكدون أنهم لم يجدوا أي مفاجآت فيه، لم يجدوا عملًا يكسر التقليدي أو المألوف، وأنه تكرار للصالونات السابقة، ولا يحتوى على جديد، ولا يوجد فيه قفزة فنية. لن يغلق الصالون أبوابه أمام الجمهور إلا في 11 نوفمبر المقبل، وهو مفتوح للجميع بدار الأوبرا المصرية، يوميا من العاشرة صباحا حتى الثانية ظهرا، ومن الخامسة حتى التاسعة مساء، ما عدا يوم الجمعة.
