المالية تعلن تخفيضها 10 مليارات جنيه لزيادة إيرادات الموازنة أعلنت وزارة المالية عبر موازنة المواطن للسنة المالية 2015/2016 الحالية، عن نيتها ضخ ما يقرب من 98.5 مليار جنيه كإيرادات إضافية للموازنة العامة، من ضمنها تخصيص 10 مليارات جنيه من استقطاعات "تخفيض" الأجور بتلك الموازنة وسط محاولات كل من وزارتي المالية والتخطيط تطبيق قانون الخدمة المدنية على موظفي الدولة ومن ثم تقليص حجم الأجور. لكن الطريف في الأمر أن موازنة العام المالي الجاري أعلنت عن زيادة الأجور بمعدل 10.9 مليار جنيه عن السنة المالية السابقة، وخصص 207.243 مليار جنيه لهذا الغرض، في الوقت نفسه لم تعلن "المالية" عن كيفية تطبيق خطتها لخفض الأجور أو ترشيدها، بالتزامن مع تجميد سريان قرار الحد الأدنى والأقصى للأجور منذ إقراره في يوليو 2013. وأكد خبراء الاقتصاد أن الحكومة لا تستطيع تخفيض حجم الأجور التي تتزايد سنويًّا بنحو 10 مليارات جنيه في ظل ارتفاع الأسعار، معتبرين أن ذلك الملف يعد سياسيًّا أكثر من كونه اقتصاديًّا، مؤكدين أن الحل الأمثل إعادة هيكلة ملف الأجور والعمل على زيادة الإيرادات العامة والاستثمار كحل لمشكلة تفاقم نفقات الأجور بدون عائد جديدة لخزانة الدولة.. وقال الدكتور عمرو عادلي، الباحث الاقتصادي غير المقيم بمعهد كارينجي للدراسات الاقتصادية: قانون الخدمة المدنية لن يطبق على كل الموظفين البالغ عددهم نحو 6.2 مليون موظف في الدولة، لكن بنسبة تصل ل60% فقط؛ لأن الجزء الآخر يسري عليه قوانين الكادر الخاص كالأطباء والمدرسين والقضاة وغيرهم. وأضاف أن وضع هيكل الأجور في مصر يعد مشكلة معقدة، خصوصًا أنه لا يتلاءم مع زيادات الأسعار في ظل عدم قدرة الحكومة السيطرة على معدلات التضخم فمعظم الزيادات التي تجريها سنويًّا على زيادات الأجور بالموازنة تعد شكلية، في ظل وجود فجوة تمويلية مزمنة لدى تلك الموازنة التي تستقطع جزءًا كبيرًا من الإنتاج. وأوضح عدلي أن تقليص حجم الأجور يرجع لأسباب سياسية، فالسياسيات المالية والاقتصادية الراهنة لا تحقق العدالة الاجتماعية، ولم يشعر المواطن بأي تغيير ملموس في مستوى معيشته، حتى وإن زاد دخله بوضع شكلي لا يجاري الزيادات الأساسية في أسعار السلع الضرورية، فلا توجد وسيلة لربط الأجور إلَّا بالتفاوض السياسي في ظل التباطؤ الاقتصادي الراهن، معتبرًا أن تلك السياسيات متبعة منذ فترة التسعينيات، وعليه فإن فاتورة التخفيض لن تطال إلَّا العاملين في القطاع الاقتصادي غير الرسمي وغير المؤمن عليهم. وذكر عدلي أن التهديد بتقليص أجور موظفي الدولة من شأنه أن يسبب حربًا أهلية؛ لأن هيكل الأجور ينقسم لأجر ثابت، وهو لا يطرأ عليه أي تغيير، بالإضافة لأجر متغير ويتضمن المكافآت والبدالات والحوافز وغيرها، ومعنى اختزال الراتب في أجر أساسي ثابت سيؤدي لعواقب وخيمة، مؤكدًا أن الحكومة تقوم بذلك حاليا كضريبة السلام الاجتماعي الذي تصرح به دومًا، معتبرا أن مسألة خفض الأجر لترشيد النفقات يعد أمرًا مستبعدًا. وأشار عدلي إلى أن الحكومة يمكنها زيادة الموارد عن طريق الإيرادات الضريبية على الثروة والعقارات، باعتبارها من ضرائب الممتلكات، خصوصًا أنه في فترات الركود الاقتصادي يمكن أن يحقق هذا النوع من الضرائب الحصيلة، بعيدًا عن اقتطاعه من الأجور أو فرض ضرائب على الأرباح وتعاملات البورصة. وأوضح عدلي أن أقصى تستطيع وزارة المالية فعله تقليل فاتورة الدعم على المحروقات، ولم يحقق أكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، ليعد مبررًا لدى الحكومة في تطبيق العدالة الاجتماعية المصرح بها دومًا، مشيرًا إلى أن أزمة الأجور لا تتوقف على خفضها، وإنما على إعادة هيكلتها، وحل تلك الإشكالية في توفير إيرادات من الموازنة لدعمها وتمويل نفقات استثمارية تزيد من فاتورة الأجور، وتقلل معدلات البطالة وترفع من نسب التشغيل، في ظل غياب استراتيجية للتخطيط الحالي لتحسين الاقتصاد. من جانبها قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية: هناك حالة من الارتباك داخل القطاع الحكومي، في ظل تلويح عدد من مرشحي مجلس النواب برفض تطبيق قانون الخدمة المدنية حال تقديمه للمجلس النيابي، سواء بالتعديل أو بالإقرار. وأضافت فهمي أن الحكومة لا تمتلك خيار خفض الأجور، فهناك تضاربا في البيانات التي تصرح بها دومًا داخل الجهاز الحكومي الواحد، في ظل وجود انخفاض بحجم الدخل الحقيقي للموظف وعدم ارتباط عائد الأجر بزيادات الأسعار. وأوضحت فهمي أن تلك التصريحات كلمات للاستهلاك الإعلامي، ومعظم تجارب الحكومة لا تتلاءم دائما مع النموذج الاقتصادي المصري، مضيفة أن الحكومة ستلجأ خلال الفترات المقبلة لطباعة النقود بدون غطاء نقدي في ظل حالة الركود الذي تشهده البلاد اقتصاديًّا، مما يزيد من معدلات التضخم.