لا شك أننا نعيش اليوم حربا باردة بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا، لا سيما وأن تطورات المشهد الراهن في سوريا تؤكد أن موسكو اتخذت قرارا لا رجعة فيه يقضي بأنها ستواصل الحرب والدفاع عن مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط مهما كانت التكلفة، خاصة في سوريا التي تعتبر بوابتها الرئيسية لاستعادة نفوذها في المنطقة، لذا لم يكن مفاجئنا الموقف الروسي الأخير الذي دفع بكل ثقله من أجل القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا، حتى وصل الأمر إلى صدور تصريح عن رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الروسي فلاديمير كوميدوف، بأنه ربما ستظهر قريبا وحدة من المتطوعين الروس وقدامى المحاربين في صفوف الجيش السوري. يؤكد واقع التنافس الاستراتيجي الراهن بين واشنطنوموسكو أن روسيا انتصرت في العديد من جولات الحرب الباردة القائمة بينها وبين أمريكا، حيث استطاعت ضم شبه جزيرة القرم إليها، فضلا عن أن ميزان القوى في أوكرانيا ما زال يميل إلى صالحها حتى الآن، هذا بجانب توسع نفوذها وتحركاتها الواسعة داخل منطقة دول البلطيق، وبخلاف هذا وذاك فإن المرحلة الراهنة تؤكد سير موسكو نحو استعادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط عبر تحقيق انتصار قوي في سوريا والتصدي لسياسات الإدارة الأمريكية وأذرعها المختلفة في المنطقة. وعلى ضوء هذا الموقف الروسي، فإن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما، أصبحت تواجه مأزقا كبيرا في التحرك بمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وسوريا على وجه التحديد، وهو الأمر الذي دفع بعض الصحف العالمية للبحث عن الرد المتاح من قبل واشنطن على كل هذه القرارات الروسية، حيث رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أنه يوجد 3 سيناريوهات محتملة للرد على قرارات فلاديمير بوتين، وسياساته نحو سوريا، وجاء في صدارة هذه السيناريوهات أن تغض أمريكا الطرف عن سياسات موسكو تجاه سوريا وتتجنب الدخول في صدام مع إدارة بوتين، واعتبرت الصحيفة أنه حال اتباع هذا الخيار فإن ذلك يعني خسارة أمريكا لجولة جديدة من الحرب الباردة القائمة بين واشنطنوموسكو. السيناريو الثاني كما طرحته فورين بوليسي، تمثل في قبول الإدارة الأمريكية الدعوة التي وجهها لها الرئيس الروسي الخاصة بالانضمام إلى التحالف الذي تقوده موسكو الآن لمواجهة تنظيم داعش في سوريا، لافتة إلى أن انضمام واشنطن إلى هذا التحالف يعني احتضان الرئيس الأمريكي لمجموعة من الدول هي الأكثر بغضا لدى الإدارة الأمريكية، أما السيناريو الثالث والأخير فكان مواجهة بوتين، وتحديه بالقوة، لكن تبعات هذا القرار حال اتخاذه من قبل الإدارة الأمريكية غير محسومة حتى الآن. وفي نهاية تقريرها، توقعت المجلة أن يستمر أوباما في التصرف من منطلق الضعف، وأن يقتصر الأمر على توبيخ الرئيس الروسي وكيل بعض الاتهامات إليه، مضيفة أن الرئيس الأمريكي ما زال يجهل واقع العالم الراهن الذي يؤكد أن القوة هي التي تحكم العالم وليست السياسات الهشة. وعلى صعيد متصل، أكد موقع جلوبال ريسيرش البحثي، أن الغارات الجوية التي تشنها روسيا ضد تنظيم داعش في سوريا كشفت أكاذيب التحالف الذي أعلنت عنها أمريكا منذ أكثر من عام لمحاربة داعش في العراقوسوريا، مضيفا أن النتائج التي حققتها ضربات روسيا خلال أيام قليلة تعتبر أكثر من تلك التي حققها التحالف الأمريكي خلال نحو 14 شهرا.