تزخر مصر بالعديد من الأماكن والآثار التاريخية التي يجهل الكثير من المصريين تاريخها الحقيقي، في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي.. و"البديل" بدورها تبنت حملة "اعرف تاريخك"؛ لنشر الوعي لدى المواطن المصري بتاريخ بلاده من خلال آثارها، وحديثنا اليوم عن جامع آق سنقر "الأزرق". يقع جامع آق سنقر "الأزرق" بشارع باب الوزير في اتجاه شارع سكة المحجر بقسم الدرب الأحمر، ويتبع منطقة آثار جنوبالقاهرة، وهو ومسجل كأثر رقم 123، تاريخ إنشائه 747 -748 ه ( 1347 – 1348م، على يد الأمير آق سنقر السلاري. معنى "آق سنقر" "آق" لفظة تعنى في لغة أتراك وسط آسيا "أبيض"، وإذا أضفتها إلى الاسم العام، وحولته إلى اسم علو، فإنها تؤدى معنى: كبير – عظيم – قوي – جليل. أما "سنقر" فهو اسم للصقر الذي كان يستخدمه الملوك والأمراء في الصيد، ويعيش في مناطق القوقاز وتركستان، و"آق سنقر" تعني الصقر الكبير. من هو الأمير آق سنقر السلاري؟ يقول صلاح الناظر، الباحث الأثري الحر، إن الأمير آق سنقر السلاري الناصري كان في الأصل من مماليك السلطان قلاوون، وترقى في البلاط السلطاني حتى قربه السلطان الناصر محمد وزوجه إحدى بناته، ثم ولاه نيابة صفد، ثم تولى نيابة غزة، وفي أيام السلطان الناصر أحمد بن الناصر محمد تقلد وظيفة نائب السلطان بمصر 1342م، ولما تولى السلطنة الصالح إسماعيل بن الناصر محمد 1342 – 1345م، عينه أمير أخور (المشرف على إسطبلات السلطان)، ثم ولاه نيابة طرابلس، وما لبث أن غضب عليه السلطان حاجي بن الناصر سنة 1347م، وقبض عليه، وحبسه، ومات في نفس السنة، ودفن في جامعه. ملكية الجامع وتصميمه المعماري وأضاف "الناظر" أن ملكية الجامع انتقلت إلى الأمير سيف الدين سلاري عندما كان نائباً للسلطان كتبغا المنصوري 1294 – 1296م، وانتقلت ملكيته بعد ذلك إلى السلطان الناصر محمد، فنُسِب إليه. يتكون الجامع من أربعة إيوانات، في وسطها صحن مكشوف، أكبرها إيوان القبلة، ويتكون من رواقين. أما الإيوانات الثلاثة الأخرى فيتكون كل منها من رواق واحد، وكانت جميعهامحمولة على أكتاف مثمنة من الحجر، وما زال الرواق أمام المحراب محتفظًا بأصله. أما الرواق الثانيالمطل على الصحن فاستبدلت عقوده، بسقف من الخشب، وأبدلت بدعائمه أعمدة من الرخام وأكتاف مربعة من الحجر، فقد احتفظ الإيوان الغربي بكثير من تفاصيله الأصلية. مداخل ومحراب الجامع وتابع "للجامع ثلاثة مداخل في واجهاته الغربية والشمالية والجنوبية، ويوجد الباب الرئيسي للجامع في الواجهة الغربية، وفي الطرف الجنوبي للواجهة الرئيسية الغربية مئذنة مكونة من ثلاث دورات، ومحراب الجامع كبير مكسو بأشرطة دقيقة من الرخام والصدف، ويعلو المحراب قبة كبيرة، وإلى جانب المحراب منبر من الرخام الملون، وإلى جانب الباب الجنوبي مقبرة آق سنقر التي دُفن بها سنة 1347م، وإلى يسار الباب الرئيسي للجامع مقبرة تعلوها قبة بُنِيَت قبل إنشاء الجامع، دفن فيها السلطان علاء الدين كجك عند وفاته سنة 1345م". التجديدات وأشار "الناظر" إلى أنه تم عمل تجديد وإصلاح شامل للجامع سنة 1651م، عقب زلزال قوي تعرضت له القاهرة، وأحدث التجديد الذي قام به إبراهيم أغا تغييراً في عمارة المسجد، خاصة في الأروقة، وكُسِيَ الجدار الشرقي حتى السقف بالقاشاني الأزرق الذي عمل خصيصاً لهذا الجامع ولذلك عرف عند عامة الناس والزوار الأجانب باسم الجامع الأزرق، والفن القاشاني هو من الفنون الزخرفية الفارسية، شاع استخدامه في إيران في القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر ميلادي وحل محل الفسيفساء. وأكد "الناظر" أنه في سنة 1889 وفي عهد الخديوِ توفيقتم ترميم وإصلاح مئذنة الجامع، وأنشئت في أعلاها خوذة مغلفة بالرصاص، ثم توالت أعمال التجديد التي قامت بها لجنة حفظ الآثار العربية، فأزالت المباني التي كانت تحجب الواجهات، وأصلحت العقود والمنبر، وأعادت تثبيت كسوة القاشاني الأزرق على جدار القبلة.