تعاني العلاقات الفنزويلية الأمريكية من التوترات والتصادمات التاريخية، وعلى الرغم من أنها قائمة منذ عشرات السنوات، إلا أن جهود دبلوماسيو البلدين لم تنجح في استقرار العلاقات أو على الأقل التخفيف من حدتها سوى لفترة قصيرة، لتتعقد الأمور وتتشابك من جديد مع عودة التصريحات والانتقادات. انتقد الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو"، إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، لتأخيرها الموافقة على السفير الجديد المقترح لفنزويلا في الولاياتالمتحدة "ماكسيملين سانشيز"، وقال "مادورو"، "طرقت القنوات الدبلوماسية، أرسلت سفيرًا ولكنهم لم يعطوه بعد الموافقة بعد عام ونصف"، وأردف قائلا في التلفزيون الحكومي، "أي علاقات طيبة تريدها إدارة أوباما إذا لم تكن قادرة على إعطاء الموافقة؟ ما الذي ينتظرونه؟". مرت العلاقات الأمريكية الفنزويلية بالعديد من المراحل المتوترة، حيث شهدت العلاقات بين "كراكاس" و"واشنطن" توترات متكررة على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية، تخللتها عمليات طرد متبادلة لدبلوماسيين خلال حكم الزعيم الاشتراكي الراحل "هوجو تشافيز"، حيث أقدم "تشافيز" على طرد السفير الأمريكي في فنزويلا عام 2010، وقال الرئيس الفنزويلي الراحل "هوجو شافيز" أنه لن يسمح بدخول السفير الأمريكي الذي عينته واشنطن في كراكاس "لاري بالمر" إلى البلاد، وأضاف أن "حكومة غير مسئولة مثل حكومة أوباما، حكومة قاتلة، حكومة تخطط لتنفيذ انقلابات، إنها حكومة إمبراطورية الشمال". ردت أمريكا بالمثل، حيث ألغت الولاياتالمتحدة تأشيرة دخول السفير الفنزويلى لدى واشنطن، "بيرناردو الفاريز"، فى 29 ديسمبر 2010، وهو ما أثار تنديد فنزويلا التى وصفت الخطوة فى اليوم التالى بأنها "امبريالية"، وهنا انقطعت العلاقات الدبلوماسية لكن المناوشات والتصريحات والاتهامات المتبادلة بين البلدين استمرت. "هوجو تشافيز" كان دائمًا في علاقات تصادمية مع الإدارة الأمريكية خلال سنوات حكمه ال14 للبلاد، حيث سعى "تشافيز" لاستغلال كل مناسبة لإظهار معاداته للولايات المتحدة وحلفائها، كما أنه وجه كثيرًا الاتهامات للولايات المتحدة بالسعي للانقلاب على نظام حكمه، والتدخل في الشئون الداخلية لبلاده، ومحاولة فرض هيمنتها الاقتصادية والسياسية على دول أمريكا اللاتينية، كما أعلن "تشافيز" بوضوح تعمده التقارب مع أعداء الولاياتالمتحدة، مثل الرئيس الكوبي "فيدل كاسترو"، والرئيس الإيراني حينها "محمود أحمدي نجاد". في المقابل، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية أيضًا تعتبر "تشافيز" عدوها اللدود، وتتهمه بأنه عاملًا في عدم الاستقرار بأمريكا اللاتينية، وتهديدًا لمصالحها الإستراتيجية، وتنتقد الولاياتالمتحدة دائمًا سياسة فنزويلا في مجال حقوق الإنسان. منذ تولي "مادورو" السلطة اتهمت فنزويلاواشنطن بالتآمر لتدبير انقلاب، وطالبتها بتقليص عدد موظفيها الدبلوماسيين، وفرضت على الزائرين الأمريكيين ضرورة الحصول على تأشيرة دخول، وفي المقابل أعلنت الولاياتالمتحدة أن فنزويلا تمثل خطرًا على أمنها القومي، وفرضت عقوبات على سبعة مسئولين اتهمتم بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان، وما زاد التوتر بين البلدين هو رفض واشنطن الاعتراف بانتخاب "مادورو" رئيسًا لفنزويلا. خفف الجانبان من حدة لهجتهما مؤخرًا، ففي يونيو الماضي تناقلت أنباء عن لقاء جمع بين مستشار وزير الخارجية الأمريكي "توماس شانون" الذي برز دوره خلال الأشهر القليلة الماضية كوسيط بين "كراكاس" و"واشنطن"، وزار فنزويلا مرتين، مع رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية "ديوسدادو كابيلو" في هايتي، بغية تطبيع العلاقات بين البلدين، وحينها قالت وكالات الأنباء الفنزويلية، "إن الاجتماع استمر لمدة ساعة ونصف بوساطة الرئيس الهايتي ميشيل مارتلي"، حيث حضرت وزيرة الخارجية الفنزويلية "ديلسي رودريغيز" اللقاء إلى جانب "كابيلو"، الذي يعتبر الرجل الثاني في فنزويلا بعد "مادورو"، وهو ما أعطى مؤشر على تقارب نسبي بين البلدين. ذوبان الجليد بين البلدين اعترف به الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو"، حيث قال إنه يرى أن ثمة فرصة لتحسين العلاقات المتوترة مع الولاياتالمتحدة، وذلك بعد تراجع "أوباما" عن تصريحه بأن "الولاياتالمتحدة تعتبر فنزويلا خطرًا على أمنها القومي"، وهنا أضاف "مادورو"، "تصريحات الرئيس باراك حسين أوباما قد تفتح مؤقتًا نافذة لبدء حقبة جديدة من العلاقات التاريخية مع فنزويلا، وهي دولة حرة ذات سيادة من أمريكا اللاتينية وبين امبراطورية الولاياتالمتحدة".