أزمة دبلوماسية بين المغرب والسويد تلوح في الأفق، بعد اعتراف برلمان الأخيرة رسمياً بالبوليساريو التي تطالب باستقلال إقليم الصحراء الغربية عن الرباط، الأمر الذي أغضب كثيرًا المغرب حكومة وشعبًا وأحزاب سياسية أخرى، وردًا على هذا الاعتراف ألغت السلطات المغربية تدشين مركز تجاري لشركة ايكيا السويدية بالمغرب. من جهته، سارع عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة، إلى عقد اجتماعات في الرباط، مع زعماء الأحزاب السياسية والنقابات، للإعداد لخطة عمل للتحرك الدبلوماسي، للرد على ما صدر من السويد، وتعتبره الرباط "يعادي" مصالحها العميقة في نزاع الصحراء الغربية، وتشير الأخبار المتوالية، إلى اتجاه النقابات والأحزاب في المغرب إلى إجراء تحركات دبلوماسية إزاء السويد، للقاء الحكومة والبرلمان في هذا البلد الأوروبي، لعرض وجهة نظر المغرب، حيال أقدم نزاع في القارة الإفريقية. وفي أول رد عملي من السلطات المغربية على قرار البرلمان السويدي في نزاع الصحراء الغربية، أعلنت مدينة الدار البيضاء عن "إلغاء تدشين المركز التجاري لشركة إيكيا" السويدية، الذي كان "مقرراً الثلاثاء 29 سبتمبر الماضي"، في أول استثمار للشركة السويدية في داخل المغرب. وجدد الدبلوماسية المغربية من نيويورك، التشديد على التزامها بالتوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه ونهائي في نزاع الصحراء الغربية، انطلاقاً من مقترح الرباط لمنح الإقليم حكماً ذاتياً وموسعاً"، ففي محادثات رسمية جمعت صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي، ببان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، توقف رئيس دبلوماسية الرباط عند المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي حصلت على "اعتراف دولي بجديتها ومصداقيتها". ويرى مراقبون أن نزاع الصحراء الغربية، بالنسبة إلى المغرب، هو "خط أحمر" و"قضية قومية"، لا تقبل الرباط فيها أي تنازلات،ويعود النزاع إلى سبعينيات القرن الماضي، وهو أقدم نزاع في إفريقيا. وتخشى السلطات المغربية أن يكون هذا القرار مشجعا لدول أخرى شمال القارة الأوروبية للذهاب بالاتجاه نفسه،وقال رئيس الحكومة السويدية، ستيفن لوفين، ان حكومته تدرس سبل إيجاد حل سلمي ودائم لنزاع الصحراء، مبرزا موقف بلاده «الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بكل حرية»، وتحدثت تقارير إن الحكومة السويدية لن تكتف بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية، بل ستذهب إلى مجلس الأمن، الذي تطمح لاحتلال مقعد غير دائم فيه، لمطالبة الأممالمتحدة بهذا الاعتراف بالترويج لمشروع القرار داخل الجمعية العام للأمم المتحدة على شاكلة قرار الاعتراف في دولة فلسطين، وستدافع عن مشروعها بدعوى أن القضيتين متشابهتان. قرار الحكومة السويدية لم يكن مفاجئا، والبرلمان السويدي صادق نهاية سنة 2012، على قرار الاعتراف إلا أن الحكومة السابقة لم تنفذه ومع وصول الحزب الاجتماعي الاشتراكي السويدي، إلى الحكم، والمعروف بتعاطفه مع «جبهة البوليساريو» بات القرار قابلا للتنفيذ بعد أن كانت الدبلوماسية المغربية تستبعد نجاح «الحزب الاشتراكي» السويدي بالانتخابات، من جهة ومن جهة ثانية عدم وجود تطورات بالنزاع وتسويته المجمدة، تحفز على إيلاء النزاع الصحراوي اهتماما استثنائيا، بل أكثر من ذلك فإن منصب سفير المغرب في السويد ما زال شاغرا منذ أكثر من عامين. والجديد في اعتراف السويد هو أنه يصدر عن دولة تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن السويد قد كسرت لأول مرة الإجماع الذي كان بين الدول الأعضاء في القرارات الخارجية، وخاصة مع دولة تتمتع بنوع من الاهتمام للاتحاد، وهي دولة المغرب، وسبق للاتحاد الأوروبي أن سمح للكثير من أعضائه الاعتراف بكوسوفو كدولة، لكنه في ملف الصحراء الغربية كان يراهن ويلتزم بدعم قرارات الأممالمتحدة. ونتيجة هذا التطور، قد يدفع قرار السويد بدول أخرى وسط الاتحاد الأوروبي مثل فلندا والدنمارك وأيرلندا علاوة على النرويج غير العضو إلى الاعتراف بالبوليساريو إذا لم يتم التقدم في مسار تقرير المصير، واعتادت هذه الدول التنسيق في مواقفها وتبني مبادرة كل دولة أخرى في القضايا الدولية. وقرار من هذا الحجم يعني تكسير سياسة الإجماع للاتحاد الأوروبي تجاه العلاقات مع المغرب، فضلًا عن أنه يشكل تشجيعا لدول أخرى قامت برلماناتها بالاعتراف بالصحراء الغربية كدولة، وهذه الدول هي البرازيل والتشيلي وإيطاليا في حين هناك محاولات أخرى في دول مثل الدنمارك، إلا أن أكثر الدول المتعرضة للضغوطات قوية هي البرازيل من طرف برلمانها الذي صادق بالإجماع صيف السنة الماضية على الاعتراف بالبوليساريو.