انصب هجوم تيار الإسلام السياسي والمتحالفين معه في الداخل والخارج وكذلك الذين يتبنون مواقف كارهة ومعارضة لنظام ما بعد ثورة 30 يونيو على الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، وذلك نتيجة لأن أفكار «النمنم» وتصرفاته السابقة تشير إلى أن لديه اعتقاداً راسخاً بأن الإخوان وتيار الإسلام السياسي بشكل عام فصيلا إرهابيا، وأن الجماعة لم تكن أبداً مجرد جماعة دينية أو حتى تنظيماً سياسياً. بمجرد تولي «النمنم» حقيبة «الثقافة» أعادت صفحات الإخوان نشر مقطع فيديو يضم «النمنم» والمستشارة تهانى الجبالى وآخرين فى ندوة الهيئة الإنجيلية لمنافشة ما بعد دستور الإخوان، يقول فيه «النمنم»: «إحنا بنكذب وبنقول مصر دولة متدينة بالفطرة، وأنا بقول مصر دولة علمانية بالفطرة»، وبالرغم من أنه عرّف العلمانية بأنها تعني أن يعيش اليهودي والمسيحي والمسلم معًا، وأن المجتمع المصري مجتمع متعدد الثقافات والديانات، ومن ثم فالعلمانية أنسب له ولطبيعته، فإن البعض يتخذ تصريحه ذريعة للنيل منه، وتكفيره أحيانًا. فيما دعا الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، إلى مقاطعة الأنشطة الثقافية المتبادلة مع مصر، مدعيًا أن «النمنم» كان ينقد الوهابية، وكتب في تغريدة له على تويتر: «للعلم، لمن يخطط لمناشط ثقافية متبادلة مع الأشقاء بمصر، وزير الثقافة الجديد حلمي النمنم ليس بناقد للوهابية فقط إنه يمقتها ويحملها كل مصائب بلده». رد «النمنم» فى احدى اللقاءات التليفزيونية على «خاشقجي» قائلا إنه سيواصل انتقاد الفكر الوهابي، مستنكرا تدخل «خاشقجي» في الشأن المصري، مشيرا إلى أن علاقات مصر بالسعودية عميقة ولن يهزها مقال هنا أو هناك، مطالبا «خاشقجي» بالابتعاد عن التدخل في الشأن المصري والتوقف عن «الهراء» –على حد وصفه. وأضاف وزير الثقافة «أنا ضد الإرهاب فإذا كنت أنت مع الإرهاب، فأنا ضدك»، وسبق أن انتقد «النمنم» الفكر الوهابي بقوله: «لم تهبط علينا الوهابية من السماء، ولا جاء بها وحي، لكنها نتاج عوامل وتفاعلات عدة في مجتمعنا، جاءتنا في البداية وافدة أو غازية ثم قام السلفيون منا والمنبهرون بالثراء النفطي بالعمل على تمصيرها، وأوغلوا فيها، وحاولوا أن يصبغوا المجتمع بصبغتها، وما ظاهرة النقاب في المجتمع المصري، إلا واحدا من تجليات الوهابية المصرية». تبنى «النمنم׃منذ سنوات رأياً يقوم على أن الإخوان إرهابيون وله كتب وأبحاث مهمة في هذا الاتجاه، وهو استمر لسنوات يرصد أفكار حسن البنا وسيد قطب ورموز آخرين من الإخوان ويعرضها على الناس معتبراً أنها تحض على العنف والإرهاب والقتل، وقال في تصريحات صحفية مؤخرا عقب توليه الوزارة: «نحن نرد على كتب الإخوان التي تدعو للتطرف والإرهاب بالفكر، فالكل يعلم جيداً أن حسن البنا أبو الإرهاب فى العالم كله، وسيد قطب أبو التكفير فى العالم كله، ووزارة الثقافة لا تحظر نشر أى كتاب، ولكنها ترد بالفكر». حيث أنه قدم في كتابه «حسن البنا الذي لا يعرفه أحد»، قراءة مغايرة لشخصية حسن البنا، بجوانبها المختلفة، كاشفًا الوجه الآخر لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين، محاولًا التجرد من أيّ مشاعر تحمل تعاطفًا أو انحيازًا مع مسيرة الإخوان التي مرت بتحولات تاريخية، كشف في كتابه، عن العلاقة بين حسن البنا والمملكة العربية السعودية، تلك العلاقة التي كان ينكرها «البنا». فيما نشر عصام تليمة، الداعية والباحث الإسلامي وأحد تلامذة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مقالا بعنوان «هل حلمي النمنم وزير الثقافة ملحد؟!»، وقال: «أعرف الكاتب الصحفي حلمي النمنم -الذي تم اختياره وزيرا للثقافة منذ سنوات عدة، وجمعتني به لقاءات واتصالات عدة، وعرفته عن طريق الكاتب الصحفي حمدي رزق، وقد كانا معا في مؤسسة دار الهلال، في مجلة «المصور»، حينما كان رئيس مجلس إدارتها الأستاذ مكرم محمد أحمد. اتصل بي حمدي رزق لإجراء حوار مع الشيخ يوسف القرضاوي، وقال إنه سيكون حوارا على غرار ما كان مع مرشد الإخوان الراحل الأستاذ عمر التلمساني، وسيكون غلاف المجلة عناوين حوار القرضاوي. وافق الشيخ، وحضرنا في الموعد المتفق عليه، وحضر معنا الحوار ضيفان: الأستاذين محمد عبد القدوس، وصلاح عبد المقصود (وزير الإعلام في ما بعد)، وكان يدير دفة الحوار: مكرم محمد أحمد، وحمدي رزق، وانضم إليهما: حلمي النمنم. لاحظت أن كل أسئلة «النمنم׃هجوم على الوهابية السعودية تحديدا، بشكل مستفز، وكان مكرم محمد أحمد يرفض هذه الأسئلة، ويقول: لا، بلاش يا حلمي ده، والقرضاوي لا يرفض سؤالا، فكل ما طرح عليه أجاب عنه، ولم تستبعد إلا معظم أسئلة النمنم التي كانت كلها في خط واحد. كان قد علق الداعية الإسلامي محمد الصغير، على قرار اختيار «النمنم» بالتشكيل الوزراي الجديد بقوله إن «النمم» رجل صاحب تصريحات معادية للإسلام قد تصل إلى الإلحاد، وقال «الصغير» في تغريدة متحديًا فيها حزب النور السلفي: «وزير الثقافة حلمي نمنم ملحد، يظهر عداءه للإسلام ولا يخفيه، ويرى أن حزب النور يمثل العهر السياسي، هل يملك «برهامي» وحزبه نفي كلامي أو الاعتراض على «النمنم». فيما قال الكاتب الصحفي «حمدي رزق» من يحب أن يسأل عن «النمنم» فليسأل الإمام الأكبر أحمد الطيب، وهو من اصطفاه ضمن نخبة من المثقفين لصياغة وثيقة الأزهر الشهيرة حول الهوية المصرية، وكان «النمنم» خير معين لإنجاز هذه الوثيقة المطمورة عمداً فى أضابير المشيخة الأزهرية، أما شهادتى فمجروحة، أخى الكبير حلمى النمنم صار وزيراً، أعانه الله على طموحات المثقفين أما الإخوان والسلفيون فهو كفيل بهم. رد وزير الثقافة على الهجوم الذي تعرض له قائلا: إنه كان يتوقع هجوم البعض ضده بعد توليه الوزارة، وهذا وضع طبيعى، لأن فى كل زمان ومكان هناك معارض ومؤيد.