تعد الثروة السمكية أحد الحلول السريعة للقضاء على الفجوة الغذائية في البروتين الحيواني؛ خاصة أن إنتاج كيلو جرام من لحوم الأسماك يحتاج إلى كمية غذاء ووقت أقل مما يحتاجه إنتاج كيلو جرام من الدواجن أو اللحوم، ومن هنا تكمن أهمية زيادة الثروة السمكية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال وغزو الصحراء لزيادة الكميات المتاحة من الأسماك حتى يقل تدريجيا الاعتماد على اللحوم الحمراء والدواجن كعنصر أساسي على المائدة المصرية، بالإضافة إلى تغيير ثقافة الطعام لدي المستهلك. يقول ياسر الشاذلي، مدير الإدارة الاقتصادية بالغرف التجارية، عبر دراسة أجراها بعنوان "منظومة الأسماك وإمكانيات تحقيق الأمن الغذائي"، إن الأسباب الحقيقية وراء انخفاض إنتاجية الأسماك في المصايد البحرية المصرية، ضعف الخصوبة في البحر المتوسط، والتى تبلغ نصف خصوبة المحيط، كما أنه بحر مغلق ويستقبل العديد من الملوثات من الدول المطلة عليه. وعن البحر الأحمر، أشار إلى الاستغلال السيئ للاستثمارات السياحية التي تستغل الخلجان الشاطئية في إقامة قرى سياحية يقوم روادها بعمليات للغوص والصيد بدلا من استخدامها كمرابي طبيعية لإنتاج الأسماك، كما أن دورة تقليب المياه فيه تنتهي عند سواحله الشرقية، حيث شواطئ المملكة العربية السعودية واليمن، ما يقلل فرص الصيد من شواطئه المصرية. وكشفت الدراسة عن بعض المشاكل التى تواجه صيد الأسماك، متمثلة في عدم إجراء مسح دقيق وشامل لتحديد مناطق الصيد في البحرين الأبيض والأحمر وهى مناطق تجمع وتكاثر ونمو الأسماك، وبالتالي عدم وجود خرائط سمكية لكل نوع منها يحدد عليه طبيعة القاع وأماكن تجمعات الأسماك ومواسمها ونوعيتها واقتصادياتها، والتي يجب أن تكون في متناول الصياد العادي الذي يعتمد على خبرته فقط، والإضرار بالمخزون السمكي نتيجة للصيد طوال العام وبوسائل الصيد المخالفة وعلى مسافات قريبه من السواحل دون اعتراضات من حرس الحدود، بجانب عدم وجود مراكب صيد بالأعداد الكافية في البحار وخارج المياه الإقليمية من حيث صغر قوة موتورها وعدم وجود وسائل تبريد وتجميد حديثه وعدم وجود أجهزة تحديد أعماق أو تجمعات الأسماك والتي لا تتواجد إلا في المراكب الكبيرة. وأشارت الدراسة إلى مصادر تلوث الأسماك المحلية، وعلى رأسها مياه الصرف الصحي، حيث تحتوى تلك المخلفات على ميكروبات التسمم الغذائي، التى لها القدرة على التكاثر والتلوث بالمعادن الثقيلة وأهمها الكادميوم والرصاص والزئبق، وحسب المواصفات القياسية المصرية، فإن الأسماك الطازجة والمجمدة يجب ألا تحتوى على أكثر من 0.1 رصاص، 0.1 كادميوم بالملليجرام/كجم، بينما تكون خالية تماماً من الزئبق، بالإضافة إلى التلوث بالمبيدات الحشرية التي تنزل مع ماء الصرف وتتركز في الأعشاب البحرية والأحياء الدقيقة. وقدمت الدراسة مقترحات للتغلب علي المشاكل التي تواجه الثروة السمكية في مصر، كالاستخدام الأمثل للمصادر الطبيعية للمياه الداخلية "البحر المتوسط- البحر الأحمر" ونهر النيل بروافده والبحيرات الطبيعية، وإزالة آثار التلوث الزراعي والمائي، وإنشاء المرابي السمكية المتطورة والمزارع النموذجية، واستحداث مناطق جديدة للاستزراع السمكي في الأراضي غير الصالحة للزراعة والتي بها مصادر دائمة للمياه والصرف، والاهتمام باختيار أفضل الأنواع من الأسماك ملائمة لطرق جديدة في التكنولوجيا الحيوية لإنتاج سلالات من الأسماك عالية الإنتاج، والبدأ في وضع خطة للتحديث في أساليب الصيد واستخدام التكنولوجيا المتقدمة وصولاً إلى زيادة الإنتاج من الأسماك بما يتناسب مع ما تمتلكه مصر من بحار وأنهار. واقترحت الدراسة تدريب الصيادين على الأجهزة الحديثة والصيانة الميكانيكية للسفن المستخدمة في الصيد؛ للحد من استيراد الأسماك وتوفيرها بأسعار تناسب كل الدخلول، بخلاف محاولة إنتاج أسماك للتصدير التي تعتبر معركة حياة أو موت للاقتصاد المصري، بجانب تغطية احتياجات السوق خاصة فنادق الدرجة الأولى من الأسماك الفاخرة، واتباع أساليب جديدة لتفعيل التصدير للخارج ودعم دور القطاع الخاص للاستثمار في مجال الاستزراع السمكي، مطالبة الجهات البحثية بتشجيع القطاع الخاص وإعطائه الإرشادات الفنية من أجل تحقيق دورة في تنمية الثروة السمكية، وضرورة تدعيم جهاز تنمية الثروة السمكية بالكراكات والمعدات والآلات التي تكفى لتطهير البحيرات، والدفع بكميات كبيرة من زريعة الأسماك واستنباط سلالات جديدة منها، مع ضرورة تكثيف الحملات الأمنية لشرطة المسطحات المائية لتوفير البعد الأمني لحماية الصيادين من جبروت كبار الصيادين وإتاحة فرصة الصيد الحر لجميع الصيادين والقضاء على ظاهرة فرض النفوذ داخل البحيرات. ووضعت الدراسة توصيات لحل مشكلة منظومة الأسماك في مصر كتشجيع هيئة الثروة السمكية القطاع الخاص وإعطائه الإرشادات الفنية من أجل الحصول على دورة في تنمية الثروة السمكية، وتقديم دعم أكبر للمزارع السمكية التي يجب أن يتعاظم دورها وحماية هذا القطاع من الدخلاء أو التجار الذين يتحكمون في أصحاب المزارع، وأيضا محاربة أصحاب المزارع الذين يستخدمون أغذية غير تقنية ورديئة تتسبب في تلويث المياه كاستخدام الفراخ الميتة أو الحيوانات النافقة وفرمها لتغذية الأسماك وخلاف ذلك من طرق مخالفة، بجانب إنتاج أعلاف سمكية رخيصة باعتبارها ركيزة يمكن من خلالها زيادة الإنتاج السمكي، واستخدام بدائل بروتينية رخيصة الثمن في مكونات الأعلاف يعتبر أحد الوسائل الهامة لخفض سعر العلف، مما يترتب عليه انخفاض أسعار الأسماك، فيمكن استخدام مسحوق فول الصويا ومسحوق الدم والعظم ومخلفات الدواجن ومسحوق الأرز كبدائل بروتينية يمكن أن تلعب دورا جيدا في تنمية الثروة السمكية، وإعفاء مكونات العلائق المستوردة من كافة الرسوم الجمركية تدعيما للمزارع السمكية، وإنشاء مدرسة تكنولوجيا الصناعات البحرية تضم أقسام بناء السفن والمحركات والمصايد.