تزخر مصر بالعديد من الأماكن والآثار التاريخية التي يجهل الكثير من المصريين تاريخها الحقيقي، في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي.. و"البديل" بدورها تبنت حملة "اعرف تاريخك"؛ لنشر الوعي لدى المواطن المصري بتاريخ بلاده من خلال آثارها، وحديثنا اليوم عن الجامع الأزهر. هو أول جامع أنشئ بمدينة القاهرة، انتهى القائد جوهر الصقلي من بنائه سنة 361ه-972م، بعد عام من فتح الفاطميين لمصر سنة 969م، وأقيمت صلاة الجمعة فيه لأول مرة في 6 رمضان سنة 361ه- 21 يوليو سنة 972، وهو أقدم جامعة إسلامية في مصر. يقول صلاح الناظر الباحث الأثري الحر، إن الصقلي اختار للجامع موقعًا في شرق المدينة باتجاه الجنوب بالقرب من القصر الشرقي الكبير، وعُرف الجامع باسم جامع القاهرة لعدة سنين، ثم تحول اسمه إلى الجامع الأزهر نسبة إلى فاطمة الزهراء، أو نسبة إلى القصور الفاطمية الزاهرة، وقد بنى الجامع ليكون مسجداً جامعاً لقاهرة المعز، وليقوم مقام الجامع الطولوني في القطائع وجامع عمرو بالفسطاط، وأصبح مدرسة يتلقى فيها الطلاب أصول المذهب الشيعي، ولكن صلاح الدين الأيوبي أبطل ذلك في سنة 1171م، وقد أفل نجم الجامع الأزهر في عصر الدولة الأيوبية 1171- 1250م، وعمل صلاح الدين الأيوبي على محاربة الشيعة ونشر المذهب السني، وأبطل خطبة الجمعة بالأزهر اكتفاء بإقامتها في جامع واحد بالمدينة، وهو جامع الحاكم بأمر الله. ثمانية أبواب و380 عمودًا وأضاف "الناظر" أن الجامع الأزهر له ثمانية أبواب، في الجانب الغربي الخارج إلى ميدان الأزهر بابان، باب المزينين، والباب العباسي الذي أنشأته وزارة الأوقاف في عهد الخديوِ عباس حلمي الثاني، وفي الجانب الجنوبي باب المغاربة، وباب الصعايدة، وباب الشوام، وفي الجانب الشمالي باب الجوهرية، وفي الجانب الشرقي باب الحرمين، وباب الشوربة. وتابع "ينقسم الأزهر إلى رواقين: الرواق الكبير، وهو القديم، ويلي الصحن، ويمتد من باب الشوام إلى رواق الشراقوة والرواق الجديد، ويلي القديم، ويرتفع عنه بمقدار درجتين، وسقف الرواقين من الخشب، والمنبر الحالي للجامع من الخشب الخرط، وهو حديث، أما المنبر الأصلي فقد نقل الى جامع الحاكم، وفي الرواق الجديد محرابان، وفي الرواق القديم محراب واحد يُعرف بالقبلة القديمة. ويقع الجامع بشارع الأزهر، قسم الدرب الأحمر، ويتبع منطقة آثار شمال القاهرة". وأكد "الناظر" أن الأزهر به أكثر من 380 عموداً، وهي من الرخام، وفي شهر صفر عام 365ه جلس ابن النعمان القاضي يدرس الفقه الفاطمي على مذهب الشيعة على جمع من الطلبة، ويملي مختصر أبيه في الفقه عن أهل البيت، ويعرف هذا المختصر بالاقتصار، حتى جاء صلاح الدين الأيوبي إلى مصر، وأبطل التدريس بالأزهر. تجديدات لا تتوقف على مر العصور وأوضح الباحث الأثري أنه من الصعب الوصول إلى التخطيط الأصلي لجامع الأزهر؛ بسبب الزيادات والتجديدات التي أدخلها الخلفاء الفاطميون عليه، وأيضًا بسبب إعادة تجديد أجزاء منه والإضافة إليه على امتداد عدة قرون تالية، ويحتوى الجامع على بقايا ضئيلة من الأفاريز الأصلية المشتملة على كتابات كوفية ترجع إلى العصر الفاطمي. وقال إن الخليفة الحاكم بأمر الله جدد الأزهر سنة 1010م، وبقى من أعمال التجديد باب ضخم من الخشب ذو مصراعين ارتفاعه 3.20م عليه اسم الحاكم، والباب معروض حاليًّا بمتحف الفن الإسلامي، وفي سنة 1125م أمر الخليفة الآمر بأحكام الله بعمل محراب متنقل من الخشب يوضع في جامع الأزهر، والمحراب تعلوه لوحة من الخشب عليها كتابة بالخط الكوفي المزهر يسجل اسم الآمر وسنة 519 ه، والمحراب معروض حاليًّا بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة. وكشف أن مساحة الجامع الأولى تكاد تقترب من نصف مساحته الحالية، ويتوسطه صحن مغطىتحيطه أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، وعقود الأروقة ترتكز على أعمدة من الرخام مختلفة الطرز، والصحن المكشوف تحيط به عقود مدببة ترجع في معظمها إلى أواخر العصر الفاطمي، أما باقي العقود فقد تجددت عدة مرات، وليس بجامع الأزهر حاليًّا مئذنة ترجع إلى العصر الفاطمي، والمآذن الحالية بناها السلطان قايتباى سنة 1468، والسلطان قنصوه الغوري سنة 1510، وهي مزدوجة الرأس، وبنى عبد الرحمن كتخدا ثلاث مآذن على الطراز العثماني سنة 1753 منها واحدة بجانب باب الصعايدة، والثانية عند باب الشوربة، والثالثة عند المدرسة الأقبغاوية، وهذه المئذنة أزالتها لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1897، وأعادت بناءها على الطراز المملوكي. وأشار "الناظر" إلى أن الأمير عبد الرحمن كتخدا قام بأعمال إصلاح وتجديد وزيادة شاملة في الأزهر سنة 1753، فزاد في سعة الجامع بمقدار النصف تقريباً، وأنشأ في الزيادة منبراً ومحراباً، وأنشأ بابًا كبيراً هو باب الصعايدة، وأعلاه كتاب لتعليم الأيتام، كما أنشأ الباب المعروف باسم باب الشوربة، وجدد المدرسة الطيبرسية، وأدخلها في المدرسة الأقبغارية المقابلة لها، وأنشأ بخارجها باب المزينين الكبير في الوجهة الغربية، وهو مؤلف من بابين عظيمين. ويمثل الجامع الأزهر بتصميمه المعماري الحالي مجموعة من المنشآت المعمارية، والزيادات تمت في عصور متوالية، وجعلت مساحة الجامع تصل إلى حوالي 12000م2 حاليًّا، ولفظة الأزهر تؤدى عدة معانٍ، منها: يوم الجمعة، القمر، الوجه المشرق.