في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة السودانية عن ارتفاع مستوى المعيشة مؤخراً والحديث عن حالة رخاء تعم البلاد بجانب الحرية التي نتج عنها أحزاب المعارضة، كشف عضو في آلية "7+7″ الخاصة بالحوار الوطني عن اتفاق مع الحكومة السودانية لتهيئة الأجواء للحوار بالتوقف عن الاعتقالات ورفع الرقابة عن الصحف واتاحة الحريات أمام الأحزاب والأفراد. وتعرضت كوادر أحزاب المؤتمر السوداني والبعث وحركة "الإصلاح الآن"، لاعتقالات خلال أغسطس الماضي وسبتمبر الحالي، وكان سبب الاعتقال في الغالب مخاطبات جماهيرية تنظمها قوى المعارضة في الأسواق والأماكن العامة، كما صادر جهاز الأمن والمخابرات نسخ صحيفة "السوداني"، فجر الجمعة، وأفاد صحفيون في الصحيفة بأن المصادرة جأت بسبب تحقيق صحفي حول تلوث مياه النيل الأبيض بالخرطوم، ومقالات خطها رئيس التحرير انتقد فيها طريقة اعتقال الصحفية صاحبة التحقيق. رغم توقف الرقابة القبلية، إلا إن جهاز الأمن دائما ما يعمد إلى مصادرة الصحف من المطبعة والذهاب بالنسخ إلى مكان مجهول، مطبقا عقوبة مذدوجة بالخسائر المادية والمعنوية، وتنهال على السودان إدانات المنظمات الدولية على قمع الحريات الذي زاد مؤخراً وأدانت منظمة صحفيون لحقوق الإنسان "جهر"، الجمعة الماضية، إعتقال الصحفية هبة عبد العظيم التي حررت التحقيق حول تلوث مياه النيل بسبب مصرف لمنشأة عسكرية بالخرطوم. ودافع عضو آلية الحوار، الأمين السياسي في حزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر، عن موقف حزبه المؤيد لمبادرة الحوار الوطني رغم كل العثرات التي ألمت بها وانسحاب بعض القوى السياسية منها، قائلا إن "الحوار هو الحل الوحيد الآن لمشاكل البلد، ونحن اتخذنا خط الحوار بديلا لخط إسقاط النظام لأن الحكومة تراجعت عن مواقفها المتعنتة". وأطلق البشير دعوة للحوار الوطني في يناير 2014، لكن دعوته واجهت تعثرا بعد نفض حزب الأمة يده عنها ورفض الحركات المسلحة وقوى اليسار التجاوب معها من الأساس، إلى جانب انسحاب حركة "الإصلاح الآن". وجدد كمال عمر، خلال المنبر الدوري لحزب المؤتمر الشعبي، الخميس، رفض أي محاولة لنقل الحوار خارج البلاد حتى لا يكون عرضة للاختطاف والتدخلات الأجنبية، واتهم القوى التي تنادي بعقد لقاء تحضيري في الخارج تحت رعاية المجتمع الدولي، بمحاولة إدخال السودان في "استعمار جديد"، لأنها تريد أن يكون الحوار تحت البند السابع. وطالب مجلس السلم والأمن الأفريقي، في أغسطس الماضي، بوقف إطلاق النار في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور، ودعا الحكومة والمعارضة إلى لقاء تحضيري بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا برعاية الآلية الأفريقية تمهيدا لبدء حوار وطني شامل. وحذر عضو آلية "7+7″ من أن المجتمع الدولي تسبب في انفصال جنوب السودان، موضحا أن اللقاء التحضيري في الخارج سيكون فقط من أجل ترتيب الضمانات لقادة الحركات المسلحة حتى يتمكنوا من حضور الحوار في الداخل. وأفاد عمر أن الحركات المسلحة وافقت على وقف العدائيات لمده شهرين وهناك محاولة ليمتد اتفاق وقف اطلاق النار لمدة ستة أشهر، طبقا لمخرجات الاجتماع الأخير لآلية الحوار. وأكد اتفاق آلية الحوار مع الحكومة على "أن يكون جو الحوار هو المسيطر على الساحة السياسية خلال هذه الفترة وأن تتاح الحريات، ولا وجود لاعتقالات بسبب أي نشاط سياسي سواء كان لأفراد أو أحزاب، ليمضي الحوار الى نهاياته ويحقق الأمن والسلام ووحدة البلد". وتابع "عدد كبير من الأحزاب وافق على الحوار لكنهم يريدون ضمانات وستقدمها لهم الآلية ولن تتم أي اعتقالات طيلة فترة الحوار"، لافتاً الى مطالبة آلية الحوار برفع الرقابة على الصحف أثناء فترة الحوار، وزاد "نحن نعرف الحكومة أكثر من أي حزب آخر وقدمنا وحدة البلاد على وحدة الإسلامين". وقررت الأمانة العامة للحوار الوطني، الخميس، ترتيب لقاءات بالجهات المعنية في رئاسة الجمهورية، لتنظيم كل المهام التي يمكن أن يتولاها المسؤولون في الدولة لضمان نجاح الحوار الوطني الشامل .