بعد أكثر من 20 شهراً من المعارك الشرسة والمستمرة بين رئيس جنوب السودان «سلفا كير» وزعيم المتمردين «مشار» في جوبا، توصل الفريقين إلى اتفاق سلام تدعمه القوى الدولية، لكن يراه محللون أنه هش لاسيما بعد تجدد الاشتباكات أكثر من مرة بين الفريقين، بالإضافة إلى أنه قد يكون عاملا أساسيا في خلق بعض الخلافات في فريق سلفاكير على خلفية اعتراض البعض عليه وقولهم إنه اتفاق يقسم الجنوب إلى دولتين. ودعا رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت شعبه إلى القبول باتفاق السلام من أجل إنهاء الصراع الذي تعيشه البلاد منذ حوالي السنتين، وتحدث سلفاكير مجددا، عن مبعث قلقه من الاتفاق، وقال إن بعض النقاط تحتاج إعادة التفاوض عليها وانتقد، على سبيل المثال، الاتفاق لإعلانه العاصمة وأماكن أخرى مناطق منزوعة السلاح. وقال "إنني أدعوكم جميعا للاتحاد معي خلال الفترة الانتقالية إلى حين الانتخابات العامة في 2018 إلى أن نجلب السلام إلى بلدنا"، مشددا على أنه ملتزم بالسلام وبتنفيذ الاتفاق. ويري محللون أن الأسباب التي دفعت سلفا كير لتوقيع الاتفاق بالرغم من الاعتراض على أغلب بنوده هي الدعوات التي تنادي بفرض عقوبات جديدة من الأممالمتحدة على قائد جيش جنوب السودان وقائد المتمردين بسبب دوريهما في الصراع المستمر في البلاد، بالإضافة إلى سببًا أخر وهو التخوف الحكومي من انفتاح رياك مشار زعيم المتمردين على العديد من الدول خاصة منظمة الإيقاد التي تتمركز في إثيوبيا، لاسيما بعد الإعلان عن زيارة في هذا الأسبوع إلى الخرطوم عاصمة السودان التي تعد مركز مهم للظهور الإعلامي والخارجي لمتمردين، بالإضافة إلى أن السودان لها ثقل في الصراع الدائر بالجنوب. وأفاد الناطق الرسمي لمشار جيمس قاديت داك أن " رياك مشار ،غادر أثيوبيا إلى العاصمة السودانية الخرطوم، وأوضح أن زعيم المعارضة المسلحة سيجتمع مع الرئيس عمر حسن البشير، متوقعًا أن يلتقي مشار مع الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى في العاصمة السودانية، وذلك بعد وصول الأخير إلى الخرطوم في زيارة تمتد يومين، موضحًا أن المحادثات ستتطرق للقضايا المتعلقة بتنفيذ اتفاق السلام الموقع بين مشار والرئيس سلفا كير في أغسطس وتعزيز العلاقات المتبادلة بين حزبيهما. واندلع الصراع في جنوب السودان في ديسمبر عام 2013 بعدما تسببت أزمة سياسية في نشوب قتال بين قوات موالية للرئيس سلفا كير ومتمردين متحالفين مع نائبه السابق ريك مشار، وأعاد القتال فتح نزاع على أساس عرقي بين قبيلة الدنكا التي ينتمي إليها كير وقبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار. وعزز مراقبون أسباب هشاشة الاتفاق إلى عدة أمور أولها عدم سيطرة الأطراف الموقعة على الاتفاق على وقف إطلاق النار والذي امتد في الفترات السابقة بالرغم من التوقيع على اتفاق السلام، كما ذهب البعض أيضًا أن هناك خلافات في الحزب الحاكم والذي يقوده سلفا كير بشأن توقيعه على الاتفاق، على خلفية الاعتراض على بنود واردة في الاتفاق قد تعزز سيطره المتمردين وتمنحهم سلطات واسعة في ثلاث ولايات هي جونقلي وأعالي النيل والوحدة وهو ما ذهب به البعض بالقول إنها تكريس وتعزيز لتقسيم دولة جنوب السودان إلى دولتين برعاية أمريكية بعد انفصالها حديثًا عن الشمال، كما اعترض أخرين على عدة فقرات تتعلق بسلطات اللجنة المشتركة لمراقبة الاتفاق وتقييمه، والتي سوف تترأسها "شخصية إفريقية"، التي قال عنها المعترضون أنها "تجعل وصاية أجنبية في جنوب السودان.