هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    بعد انخفاضه الأخير.. سعر الذهب اليوم الأحد 22 يونيو 2025 وعيار 21 بالمصنعية (آخر تحديث)    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون المشترك مع وزير زراعة صربيا    مصر الخير: المؤسسة شريك أساسي في تنفيذ مبادرات الدولة    وزير الإسكان: تخصيص قطع أراضي لمن تم توفيق أوضاعهم بقرعتين بالعبور الجديدة    كامل الوزير: تطبيق حلول جذرية لكافة المشكلات والتحديات المتعلقة بالترفيق    اعتماد الموازنة التخطيطية «التقديرية» للغرفة التجارية بالجيزة عن العام المالي 2025    250 جنيهًا مؤقتًا| مشروع قانون الإيجار القديم يقر قيمة إيجارية موحدة لحين انتهاء الحصر والتصنيف    عراقجي: الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية ستكون لها تداعيات دائمة    رئيس النواب الأمريكي: الهجوم على إيران يثبت جدية ترامب في تهديداته    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    أطلق لأول مرة.. ماذا نعرف عن صاروخ خيبر الذي استخدمته إيران لضرب إسرائيل بعد قصف منشآتها النووية؟    كرة يد.. مواعيد مباريات منتخب مصر في الدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب    شوبير يكشف موقف الأهلي من عودة محمد شريف    الأهلي يرد على رسالة عبد القادر وُيبلغ زميله بالرحيل.. شوبير يكشف    بايرن ميونخ يتمسك بمحاولة التعاقد مع ويليامز رغم اقترابه من برشلونة    ضبط 56.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    «أمن المنافذ» يشن حملات أمنية لضبط قضايا التهريب والهجرة غير الشرعية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو احتجاز فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة في دمياط    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    مسؤول بالبيت الأبيض: ترامب قال إن قصف إيران هو الشىء الصحيح الذي ينبغي فعله    شاهد.. نموذج تمثال مجدي يعقوب فى دار الأوبرا قبل تدشينه    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    نائب وزير الإسكان يشارك في ورشة عمل بعنوان "تعزيز إعادة استخدام المياه.."    كريم سرور: أول معالجة لفيلم "في عز الضهر" كانت 2018 ولم أتوقع موافقة مينا مسعود    منهم أحمد عز.. 5 نجوم في بلاتوهات التصوير    الفن فى وسط الحطام: غزة تطلق أول مهرجان دولى لسينما المرأة    فى ذكرى رحيلها ال24: سعاد حسني بين المجد والغياب    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    السيطرة على حريق داخل جامعة عين شمس    تعرف علي اوائل الشهادة الإعدادية بالشرقية    وزير التعليم العالي يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة أسوان ومؤسسة مجدي يعقوب لأبحاث القلب    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    «البسوا الكمامات».. تحذير من حالة الطقس اليوم: نشاط للرياح المُحملة بالأتربة    مدرب العين: سنقدم كل ما لدينا ضد السيتي    حبس وغرامة، عقوبة امتناع مقدم الخدمة عن تنفيذ قرار حجب المواقع    فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد مادة لغة إنجليزية    "يبقى انت لسه بتتعرف عليها".. رد ناري من سيد عبد الحفيظ على أحمد حسام ميدو    وزير الخارجية الإيراني: واشنطن انتهكت القانون الدولي وإيران تحتفظ بحق الرد    في بداية فصل الصيف، نصائح لضمان بقاء الجسم رطبا    منظمة الطاقة الذرية الإيرانية :لن نسمح بوقف التطوير النووي    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    مدرب يوفنتوس يحذر من قوة الوداد ويؤكد: المفاجآت واردة بمونديال الأندية    أزمة مخدرات وإيقاف.. أبرز المعلومات عن يوسف البلايلي نجم الجزائر والترجي التونسي    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟.. أمين الفتوى يجيب    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    محسن صالح يطالب بعدم إشراك زيزو في مباراة بورتو بكأس العالم للأندية    ترامب: موقع فوردو النووى انتهى تماما    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    30 يونيو.. تأكيد وحدة مصر    ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان.. على درب المقاومة سائرون
نشر في البديل يوم 10 - 09 - 2015

في الوقت الذي اعتمدت فيه المقاومة الفلسطينية خلال ستينات القرن الماضي على الكفاح المسلح لاسترجاع الأراضي المحتلة، كانت لبنان أولى الدول التي احتضنت منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تعبر عن المقاومة، والتي اتخذت من أرض لبنان منطلقًا للبدء بحرب المقاومة والانتصار، وبدأ الفدائيون بهجومين مسلحين من الأراضي اللبنانية في عام 1967، وكان يقيم في لبنان خلال نهاية الستينات ما لا يقل عن 235 ألف فلسطيني، ما مكن حركة المقاومة من تجنيد المزيد من المقاتلين يوما بعد يوم.
بعد خروج ياسر عرفات، من الأردن وانتقاله إلى لبنان في أعقاب أحداث أيلول الأسود مع النظام الأردني، حدثت بعض التوترات في البداية، بعد محاولات لعملاء الكيان الصهيوني بضرب علاقات المقاومة الفلسطينية بالجيش اللبناني، حيث نشرت تقارير أن هناك اشتباكا بين دوريات الجيش اللبناني ومجموعة من الفدائيين، إلا أنه سرعان ما نفت القيادة اللبنانية أي علاقة لها بالحادث، وأصدرت الأحزاب اللبنانية بيانًا حول هذه الاشتباكات طالبت فيه بالكشف عن الأيادي التي دبرت هذه الفتنة.
جنبلاط، وزير الداخلية اللبناني، كان يعي هذه المؤامرات، فأكد في تصريحات له أن لبنان دائمًا ما تقف بجانب فلسطين، وأن العملية المسلحة ضد الفلسطينين هي بلا شك مؤامرة مدبرة وفاضحة، ومع تكرار فشل هذه العمليات، تسلل ليلا بضع عشرات وربما مئات من اللبنانيين المسلحين، وأخذوا يطلقون النار على الفلسطينيين، كما وجد أيضا في إحدى البنايات أشخاص يطلقون النار على الفلسطينيين وأحيانا على اللبنانيين، لخلق جو من الفتنة في المنطقة بين الفلسطينيين واللبنانيين، في ظل تأكيدات رسمية أن هناك مخططا من مخابرات أجنبية وراء هذا الحادث، وأن الفلسطينيين ضبطوا أنفسهم وكانوا يتعرضون للهجوم ولا يردون.
وبالتزامن مع نقل مقراتها إلى بيروت، جندت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية أعضاء جددا من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وكان جنوب لبنان يلقب ب"أرض فتح"، نظرا لهيمنة حركة فتح هناك والتي ينتمي إليها ياسر عرفات، مع عمل جيشها الخاص بحُرية في لبنان.
استخدمت الفصائل الفلسطينية جنوب لبنان كقاعدة عمليات لشن هجمات على الكيان الصهيوني، وضد مصالحه في جميع أنحاء العالم، بدأت منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الأخرى المسلحة تنفيذ سلسلة من عمليات خطف الطائرات، والتي تستهدف رحلات جوية إسرائيلية ودولية، على متنها إسرائيليون ويهود.
واختلف الوجود المسلح في المخيمات في لبنان عن غيره من الدول المضيفة، واستفاد الفلسطينيون من وجودهم في لبنان كمنبر سياسي ومنصة عسكرية لخدمة قضيتهم التي كاد أن يلفها النسيان في سياق العجز العربي عن مواجهة إسرائيل.
تعززت علاقة المقاومة الفلسطينية بلبنان في أواخر الثمانيات وحتى الآن، من منطلق أن لبنان تعتبر الأكثر خبرة في مقاومة الاحتلال من بين جميع البلدان العربية في نصف القرن الأخير بعد المقاومة الفلسطينية، فهي في دائرة استهداف عسكري إسرائيلي لم ينقطع منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، حينما كانت القرى الحدودية اللبنانية تتعرض باستمرار إلى اعتداءات إسرائيلية.
بعض اللبنانيين يفخرون بأن الاعتداءات الصهيونية كانت ضريبة دفعتها لبنان نتيجة استضافة المقاومة الفلسطينية التي أقر اتفاق القاهرة عام 1969 وجودها على الأراضي اللبنانية، وهو ما تعزز عقب أحداث سبتمبر 1970 في الأردن، لكن هذا الوجود الفلسطيني العسكري والسياسي والفكري كان في الوقت نفسه حاضنا مناسبا لبذور فكرة المقاومة في لبنان التي غذتها الانتهاكات الإسرائيلية.
استهدف العدوان الإسرائيلي عام 1978 تحديدا ضرب قوات المقاومة الفلسطينية واللبنانية ومنعها من استخدام أراضي الجنوب لضرب مناطق شمال الكيان الصهيوني، لكن حدثت خلال هذا العام عمليات مقاومة شارك فيها متطوعون عرب قدموا من دول عربية مختلفة، وتم إنشاء كيانات سياسية وعسكرية لمقاومة لبنانية من مختلف القوى اليسارية والقومية والإسلامية تعمل خارج إطار المقاومة الفلسطينية وإن استمرت بالتعاون معها، فالهدف الجديد بات تحرير لبنان وفلسطين معا إلى جانب الاستمرار بمهاجمة الاحتلال في العمق، ومن هنا تعتبر المقاومة عام 1978 أساس المقاومة التي خاضت المواجهة مع العدو الصهيوني في عام 1982.
في يونيو من ذلك العام شن العدو الصهيوني عدوانا شاملا على لبنان، ولم يكتف هذه المرة بجنوبه، بل تقدم إلى العاصمة بيروت واحتلها لتحقيق هدف مباشر هو إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان، وقد تجسدت مقاومة الغزو الإسرائيلي بتحالف يضم مقاتلين فلسطينيين ولبنانيين تحت اسم القوات المشتركة للحركة الوطنية اللبنانية والثورة الفلسطينية، أو القوات المشتركة للثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وحركة أمل، لكن هذا التحالف الذي قاتل القوات الإسرائيلية خلال تقدمها في الجنوب وضم مقاتلين من الحزب القومي السوري الاجتماعي، ومن الحزب الشيوعي اللبناني، ومن حزب البعث، ومن الناصريين، ومن حركة أمل، إلى جانب المقاتلين الفلسطينيين ما لبث أن تحول إلى مقاومة لبنانية صرفة بعد احتلال بيروت في سبتمبر من ذلك العام، بعد خروج قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان.
كانت بيروت العاصمة العربية الثانية بعد القدس التي يحتلها العدو، في ذلك الوقت كانت الأوضاع تشير إلى انهيار الجبهة اللبنانية– الفلسطينية، وانقلاب موازين القوى الداخلية بانتخاب بشير الجميل، رئيسا للجمهورية، فيما مثلت أيضًا زيارة ياسر عرفات إلى مصر، إشارة صريحة إلى الخيارات الجديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
يبدو أن التوأمة التي ظهرت جليا بين فصائل المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية كان لها من الآثار الحسنة على تشكيل وعي المقاومة اللبنانية، بالرغم من المحاولات التي خاض الموساد الصهيوني غمارها لإفساد العلاقة بين الفصائل الفلسطينية وعموم الشعب اللبناني بتحميل أسباب الحرب الأهلية اللبنانية على ظهر المقاومة، لكن الإدراك الذي حكم عقولهم انعكس جليا على أرض الواقع مؤكدا من جديد أن الصراع مع الاحتلال الصهيوني لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم بل هو صراع عربي– صهيوني خالص.
وفي ذلك الوقت انقسم الوضع الفلسطيني على نفسه، ولكن المتغير الأكثر بروزا بعد حرب 1982 كان، انتقال مركز ثقل المقاومة الفلسطينية إلى داخل فلسطين، ونشأة السلطة الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو، ونشوء المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله في مرحلة شديدة الخطورة، وتفاوت ميزان القوى، ما دفع المشهد إلى معادلات جديدة وتحالفات موضوعية بين القوى السياسية.
وخلال مرحلة التسعينات تعزز دور حزب الله بالمقاومة في الجنوب، وتمكن من القيام بعمليات نوعية واستخدم أساليب قتالية متطورة وأسلحة متقدمة، فيما كان العدو الصهيوني يرد بقصف الأراضي اللبنانية لاسيما في الجنوب، والقيام باجتياحات محدودة يعوض بها فشله عسكريا.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها عقب الاجتياح الصهيوني للضفة الغربية كان من الواضح بحسب أغلب المحللين أن السلطة الفلسطينية والتي كانت قد وضعت سلاحها جانبا وتمسكت بالمفاوضات والمشاورات، لم تدرك مطلقا أن النهج السياسي ما هو إلا طريق يسلك لدعم المقاومة المسلحة تحت وطأة الاحتلال الصهيوني، أما العمل السياسي لا يمكن أن ينعزل عن القتال المسلح، لذا وبعد أن وصلت حركة فتح إلى هذا الحال، كانت حماس والجهاد حركات متبقية من المقاومة الفلسطينية بالإضافة إلى رتوش من الفصائل الأخرى بعد أن تفرقت باقي القوى الوطنية المسلحة لأسباب عدة، ومنذ ذلك الحين بدأت حركات المقاومة اللبنانية في التعاون مع نظائرها في فلسطين لإسقاط المشروع الصهيوني واقتلاعه من الجذور.
جاء ظهور المقاومة الفلسطينية كقوة لا يستهان بها في العدوان الأخير على قطاع غزة، بحسب الخبير والمحلل العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، وامتدادا لانتصارات المقاومة اللبنانية عام 2000 و2006، موضحًا أن انتصارات المقاومة اللبنانية والفلسطينية تكاملية من ناحية إرادة الصمود والمواجهة وتبادل الخبرات والدروس المستفادة.
وأضاف أن العلاقة بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية تكاملية واستراتجية من ناحية تبادل الخبرات "حزب الله يقر بأنه استفاد من المقاومة الفلسطينية في لبنان، والمقاومة الفلسطينية الحالية أقرت بشكل واضح أنها استفادت من الخبرات والدروس من حروب حزب الله مع العدو الصهيوني واستخلصت العبر العسكرية والسياسية في التعامل مع المحتل".
تكفي نظرة واحدة إلى سير العمليات العسكرية الهجومية والدفاعية خلال حرب غزة الأخيرة التي استمرت نحو 51 يوما بين الفصائل الفلسطينية والعدو الصهيوني، ليظهر جليا أن التعاون بين المقاومة الفلسطينية وحزب الله أثمر عن استنساخ النموذج العسكري مع مراعاة الفروق في الجغرافيا والخصوصية الفلسطينية، وهو ما يصفه البعض بأنه "غيرة المقاومة من المقاومة".
وبخلاف التعاون العسكري بين حركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله، فإن الحزب يحرص على وجود علاقات قوية مع كبار قيادات الحركات الفلسطينية التي تواجه الاحتلال وتتصدى لانتهاكاته، وهو الأمر الذي ينعكس جليا خلال زيارات وفود الحركات الفلسطينية إلى لبنان واللقاءات التي تجمع هؤلاء القيادات بمسؤولي حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.