لم يستطيعوا المطالبة بحقوقهم كفئات الشعب كافة، ولم ينظموا وقفات احتجاجية يرفعون فيها شعارات العدالة الاجتماعية وغيرها، لعدم أدراكهم الذهني ومقدرتهم البدنية. هم الأيتام المعاقون ذهنيا وبدنيًّا، التي وعدت الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير بإقامة العدالة الاجتماعية، خاصة للفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة، إلَّا أن هذه الفئة الضعيفة لم يلتفت إليها أي من المسؤولين حتى الآن. تقول الدكتورة هدية السعيد، رئيس مجلس إدارة جمعية زهور الحياة للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة بالإسكندرية المشهرة برقم 1448 لسنة 2002: هذه الفئة من المعاقين الأيتام يعيشون مأساة حقيقية، أولًا لإعاقتهم، وثانيًا لأنهم أيتام لا يجدون من يقوم على رعايتهم وخدمتهم، وتقيم الدولة دور رعاية للمعاقين في كل محافظات مصر، لكن القانون العقيم يجعلهم يغادرون هذه الدور بعد بلوغهم سن الثامنة عشرة عامًا، فيجدون نفسهم في الشارع عرضة للتحرش والاغتصاب وسرقة الأعضاء. توقف "الأرض الطيبة" لقلة الإمكانيات وأضافت هدية: فكرت الجمعية في إنشاء القرية الطيبة لإقامة المعاقين الأيتام من الشباب والفتيات والمسنين بالإسكندرية، وتم الحصول على قطعة أرض مساحتها 3 آلاف و200 متر من محافظ الإسكندرية بمدينة برج العرب عام 2004، وفي 2007 أنشأنا من خلال جمع التبرعات المبني المكون من بدروم ويضم مطعمًا ومطبخًا ومغسلة ومستوصفًا وغرفًا للعلاج الطبيعي ودورًا أرضيًّا، ويضم الإدارة وفصول الأنشطة التعليمية والتأهيلية والمكتبة، وغرفًا للموسيقى وقاعة احتفالات، وثلاثة أدوار لإقامة الفتيات والشباب والمسنين، وتم الانتهاء من تشطيب الدور الأول فقط من تبرعات أهل الخير، لكن توقفنا وننتظر مساعدة الحكومة في تشطيب بقية المبنى وجلب المعدات الطبية والأثاث، حتى يتم افتتاحه كأول نموذج على مستوى الجمهورية يخرج من الإسكندرية ليأوي 400 معاق يتيم من الإسكندرية. "دار الملائكة" تستغيث شقة صغيرة بالدور الثاني في برج بمنطقة ميدان الساعة شرق الإسكندرية، تمثل نموذجًا مصغرًا لتهميش الدولة لذوي الاحتياجات الخاصة وإسقاطهم من ذاكرة وزارات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، 21 يعانون إعاقة بدنية وذهنية، يزيدها مرارة اليتم. ورغم بذل مرفت فرج، مديرة جمعية دار الملائكة للأيتام المعاقين، الغالي والنفيس لتمر بهم إلى بر الأمان، إلَّا أن ما يحدث يؤكد أن احتفالات الدولة باليوم العالمي للمعاقين 3 ديسمبر شو إعلامي. تؤكد مرفت فرج، مدير الجمعية، أنها وزوجها كانا يعملان بمجال التدريس لذوي الاحتياجات الخاصة بإحدى الدول العربية، وعندما عادت إلى مصر عملت كمديرة لعدد من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الخيرية الخاصة برعاية الأيتام، لكنها وجدت أن هناك حالات ترفضها هذه الدور، وهم الأيتام المعاقون، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس جمعية "دار الملائكة"؛ حتى لا يضيع هؤلاء المعاقون ذهنيًّا وبدنيًّا، خاصة أنهم لا يجدون من يرعاهم بعد فقدان ذويهم، وتم إشهار الجمعية عام 2009 برقم 2406. وأضافت فرج أنها استأجرت شقة قانون حديث بألفين جنيه شهريًّا، ومساحتها لا تسع سوى 21 حالة فقط، ورغم ذلك معاقو دار الملائكة معرضون للضياع؛ لانتهاء مدة عقد مقر الدار، ويساومنا صاحبه بالبقاء مقابل رفع الإيجار، ونحن مواردنا بسيطة للغاية. وتابعت فرج: ذهبت مرارًا وتكرارًا إلى محافظ الإسكندرية السابق اللواء طارق المهدي والحالي الدكتور هاني المسيري، لتخصيص مقر لهؤلاء الأيتام المعاقين، وأضافت أن الشؤون الاجتماعية عندما نتوجه إليها بطلب مساعدة للأيتام، لا حياة لمن تنادي وتكتفي بصرف 300 جنيه معاش الشؤون للمعاقين فقط. وقالت فرج: الآن أبحث عن مقر آخر لهؤلاء الأيتام يكون لائقًا بهم، وتقدمت لجمعية رجال الأعمال بطلب قرض حسن؛ حتى أستطيع توفير مقرين الأول للمتواجدين حاليًا، والثاني للفتيات، لحيث توجد فتيات كثيرات معاقات ويتيمات لا يجدن من يرعاهن ويعالجهن، وأطالب مسؤولي وزارة الصحة بالتأمين الصحي للأيتام المعاقين، فمعظمهم يعانون أمراضًا خطيرة، ويحتاجون لعلاج مكلف جدًّا جدًّا، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لتأهيلهم. الأقزام المعاقون يطالبون بتفعيل المادة 81 من الدستور «لا ترانا الحكومة.. لا توجد هيئة أو مصلحة حكومية تعاملنا كأسوياء.. ليس لنا تأمين صحي.. نتعرض للاستهزاء والسخرية يوميًّا» بهذه الكلمات بدأ عدد من قصار القامة «الأقزام» الحديث عن معاناتهم الحياتية التي يتقبلوها ببشاشة وجه كما اعتادوا، لكن قلوبهم تعتصر حسرة وألمًا لتهميشهم من المجتمع المصري، متمنين من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تقديم أبسط حقوقهم بمناسبة اليوم العالمي للمعاقين، بإصدار قرار جمهوري بتفعيل المادة 81 من الدستور، التي تنص على التزام الدولة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. يقول عصام شحاتة، رئيس جمعية رعاية الأقزام بالإسكندرية: أشهرت أول جمعية تتحدث بلسان 75 ألف قزم على مستوى مصر منذ عامين؛ لرفض الحكومة الاعتراف بهم كمعاقين، ولا تضمهم ضمن ال5% إعاقة في الوظائف، ولا تقبلهم كقصار قامة في الوظائف التي يتم الإعلان عنها، وتابع: أصبح قصير القامة فاقدًا الحياة على أرض مصر. وطالب شحاتة، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإصدار قرار بتفعيل المادة 81 من الدستور ولا ينتظر مجلس الشعب، وإخطار كل المديريات كالصحة والقوى العاملة والتضامن الاجتماعي؛ لاستخراج شهاد ال5%؛ للحصول على وظائف وفرص عمل حقيقية دون عقبات، واستخراج كارنيهات التأهيل المهني التي توفر لهم ركوب وسائل مواصلات هيئة النقل العام مجانًا. كما طالب شحاتة وزير التربية والتعليم، بتخصيص صفحة إرشادية بالكتب المدرسية؛ لحث التلاميذ وتنشئتهم على عدم الاستهزاء والسخرية من قصار القامة، وضرورة حث الفنانين على عدم تناول الأقزام بالسخرية في أعمالهم، مشددًا على ضرورة تمثيل 75 ألف قزم، بمجلس الشعب المقبل، وأن يكون هذا العضو بالتعيين؛ لأنهم لا يملكون أموالًا للدعاية الانتخابية.