يعيش أهالي سوهاج وقرى الصعيد بشكل عام حالة من المعاناة المستمرة التي تتجدد بين الحين والآخر، فما إن تسألهم عن أمانيهم وأحلامهم، حتى يخبروك أنها فقط "الذهاب والعودة من سوهاج إلى القاهرة دون أن يموت أحد". فالخميس الماضي اصطدم أتوبيس قادم من القاهرة إلى سوهاج بسيارة ملاكي، وتوفي 9 أشخاص، وأصيب 48. وعلى الرغم من ذلك لم تعلن وسائل الإعلام هذا الخبر، وكأن أرواح المواطنين هباءً، وأمس الجمعة تكررت المأساة بطريق "سوهاج – البحر الأحمر"، وتوفي 5 أشخاص، لتشيع سوهاج يوميًّا ابنًا من أبنائها فداءً لطرق مصر المنكوبة. جرجس سامح لامي جاء إلى القاهرة، بعد أن فقد ابنه في تلك الحوادث، متوجهًا إلى قسم قصر النيل؛ لتحرير محضر ضد وزارة النقل؛ بسبب الإهمال في طرق الصعيد، وبالفعل حرر محضرًا يحمل رقم 72519/ 20 أغسطس / قصر النيل، يتهم فيه وزير النقل ورئيس هيئة الطرق والكباري بإهدار دماء مئات من شباب الصعيد؛ بسبب انعدام الخدمات على طرق الصعيد. يقول جرجس ل "البديل": "نحن الصعايدة في سوهاج نعاني من انعدام كل شيء في المحافظة، ليس الطرق والكباري فقط التي لا تواجد لها، ولكن أيضًا المستشفيات"، مشيرًا إلى أنه على الكيلو 65 بطريق "أسيوط – الغردقة" انقلب أتوبيس تابع لسوهاج، ومات 9 من قرية المنشاة، وذلك بسبب عدم تواجد أي خدمات على ذلك الطريق، سواء كان بنزينات لتموين السيارات، أو حتى خدمات أو إشارات أو حارات لتقسيم الطرق". وتابع أن "كافة الطرق الجديدة هي طرق للموت، صممت خصيصًا لمضايقة الأهالي وليس لمساعدتهم"، وذلك على حد قوله، مشيرًا إلى أن هناك طريقًا يدعى "الكوامل" أنشئ منذ عام، ويوميًّا تتجدد عليه الحوادث. وأكد أن أهالي سوهاج والصعيد بأكمله أرسلوا عددًا من الشكاوى عبر البريد إلى وزارة النقل، لكن لا أحد يرد عليهم. وفي شهر يونيو الماضي احتفل الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمشروعات التي نفذتها وزارة النقل والهيئة العامة للطرق والكباري في توقيت قياسي، وشملت إنشاء ثمانية كباري وسبعة طرق رئيسية بإجمالي أطوال 280 كم، بمختلف محافظات الوجهين القبلي والبحري، بما يمثل محاور وشرايين جديدة تتدفق من خلالها مشاريع التنمية لكافة ربوع الوطن. وخلال ذلك العرض أعطى السيسي إشارة استكمال تطوير طرق الصعيد، والتي شملت طريق "القاهرةأسوان" الزراعي والممتد إلى طريق القاهرةأسيوطسوهاج الصحراوي، ويشمل ذلك كوبري على النيل وكوبري ثانيًا على السكة الحديد أعلى الطريق الزراعي وكوبري ثالثًا على طريق "القاهرة الصعيد" الصحراوي، وكذلك أعمال رصف المداخل والربط بين الكباري وطرق الصعيد وفقًا للمواصفات العالمية للطرق. وعلى الرغم من ذلك فإن طرق الصعيد ما زالت تعاني من نقص الخدمات بشكل واضح، الأمر الذي يتسبب في حوادث يروح ضحيتها يوميًّا أهالي الصعيد. وقال الدكتور هيثم عاكف، أستاذ النقل بجامعة القاهرة، إن المشكلة التي تقع في كافة الطرق بالصعيد هي إن الطرق هناك تسمى "طرق غير رحيمة"، فهي صممت وفقًا للمواصفات العالمية للطرق التي لا تراعي أخطاء السائقين، وهذا أمر يستحيل تطبيقه في مصر، لأن قواعد القيادة غير مطبقة في مصر بالشكل الصحيح، مما يتسبب في كثرة حوادث الطرق، لافتًا إلى أن طرق الصعيد بما فيها طريق الكريمات وسوهاج الرزاعي هي طرق تفتقر إلى الخدمات بشكل كامل، وحتى الإنارة على الطرق تكاد تكون معدومة. وتابع "عاكف" أن الطرق ال "غير رحيمة" تلك لا بد من وضعها في عين الاعتبار خلال الفترة القادمة، فبدلًا من إنشاء مشروعات جديدة لا بد من تطوير تلك الطرق. في الوقت الذي أكد فيه المهندس محمد سامي، بقطاع التطوير بوزارة النقل، أن هناك هيكلة كاملة للطرق سيتم الإعلان عنها خلال الشهر الحالي، وفقًا لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأن تلك الطرق تتضمن الصعيد، لافتًا إلى أن الحوادث التي تقع في تلك الطرق هي أخطاء السائقين قبل أن تكون نقص الخدمات. وأوضح "سامي" أن المسئول عن الإنارة وتوفير الخدمات في الطرق ليس وزارة النقل، بل المحافظة التابعة لطريق وهيئة المرور.