مع قرب انقضاء الأيام ال45 وهي المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة الجديدة في تركيا، تتعقد الأمور وتقترب من الحسم ليصبح إجراء انتخابات برلمانية مبكرة أمر شبه حتمي، وهو الأمر الذي ترفضه معظم الأحزاب المعارضة، مؤكدة أن المشاورات التي أجراها رئيس الحكومة التركي المنتهية ولايته "داوود أوغلو" ما هي إلا "مشاورات استعراضية صورية" تهدف إلى "رفع اللوم" عن حكومته. انتخابات برلمانية في نوفمبر لم ينتظر رئيس الحكومة التركي المنتهية ولايته "أحمد داوود أوغلو"، انقضاء الأيام ال45 المحددة من قبل الدستور لتشكيل الحكومة الجديدة، والتي تنتهي في 23 أغسطي الحالي، حيث أعلن "أوغلو" فشله في المشاورات قال "لا إمكانية لتشكيل حكومة ائتلافية ضمن المشهد الحالي"، وانطلاقًا من ذلك قال مسئولون في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، إن اللجنة العليا للانتخابات اقترحت الأول من نوفمبر موعدًا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. مشاورات استعراضية مشاورات تشكيل الحكومة الائتلافيه التي أمضى فيها "أوغلو" أسابيع وأعلن فشلها مؤخرًا، كانت مجرد "مشاورات استعراضية صورية" ليرفع اللوم عنه، وهو ما أكدته أحزاب المعارضة سواء حزب "الشعب الجمهوري" بقيادة "كمال كليتشدار أوغلو"، أو "الحركة القومية" بزعامة "دولت بهشتلي"، ففيما أعلن "كليتشدار أوغلو" أنه لم يتلقّ "عرضاً حقيقيًا لتشكيل حكومة ائتلاف"، كشف "بهشتلي" عن الافتقاد للأرضية المشتركة مع "العدالة والتنمية" لتشكيل حكومة الائتلاف. تخطي الدستور فشل محاولات رئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو" لإيجاد شريك صغير للدخول في ائتلاف من خلال مشاورات استمرت لأسابيع مع أحزاب المعارضة، دفع الرئيس التركي "رجب طيب إردوغان" إلى التلويح بانتخابات برلمانية مبكرة وهو ما يرفضه حزب "الشعب الجمهوري" المعارض الذي حلّ ثانيًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والذي من المفترض وفقًا لأحكام الدستور أن يكلفه "اردوغان" بتشكيل الحكومة. فكرة تكليف "أردوغان" لحزب "الشعب الجمهوري" المعارض بتشكيل الحكومة تبدو مستبعده، خاصة بعد تصريح "أردوغان" الأخير والذي أشار فيه بوضوح إلى أنه "لن يكلف الحزب المعارض بهذه المهمة"، وقال "لا وقت لديّ كي أضيعه مع الذين لا يعرفون عنوان بيشتيبي" في إشارة إلى قصره الرئاسي، وذلك تعليقاً على تصريحات سابقة لزعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال كيليتشدار أوغلو" الذي قال فيها إنه "لن يطأ قصر أردوغان، لأنه ليس شرعيًا". أحزاب المعارضة من جانبه اعتبر نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض التركي "خلوق كوج" عدم تكليف حزبه بتشكيل الحكومة رغم أحقيته الدستورية بذلك هو "اغتصابًا للسلطة"، وأعرب عن استعداد حزبه لتحمل مسئولية تشكيل حكومة في البلاد، مشيرًا إلى أن الحزب مصمم على خلق حلول لمنع التضحية بتركيا في سبيل السلطة، فيما أكد الناطق باسم حزب الشعب الجمهوري "هالوك كوش"، أن الحزب لن يشارك في حكومة انتخابات وينتظر تكليفه بتشكيل الحكومة. من جانبه أعلن حزب "الحركة القومية" أربع نقاط كشرط أساسي للدخول في حكومة ائتلاف، تتلخص في التشبث بالمواد الأربع الأولى من الدستور، والتي تمثلت في إنهاء عملية السلام مع الأكراد بشكل نهائي وليس مؤقت، وإعادة فتح التحقيق في ملفات الفساد التي طالت قياديين في الحزب الحاكم بعد أن أغلقها البرلمان السابق، والأهم من كل ذلك تحديد صلاحيات الرئيس، هذه المطالبات تتعارض بالتأكيد مع حلم "أردوغان" الذي أعلن في مناسبات عدة أنه يهدف إلى تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي. فرصة جديدة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة قد تكون فرصة جديدة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية لإستعادة ما خسره في إنتخابات السابع من يونيو، التي شهدت تجريده من أكثريته ودخوله في هذا النفق المحرج، لكنها أيضًا فرصة لخصوم "أردوغان" للإجتماع مجددًا بعدما أثبتت التجربة السابقة أنه بإمكانهم حجز حصة مؤثرة في الإنتخابات وتغيير مسار البلاد السياسي. توترات أمنية في الوقت نفسه تعاني تركيا من وضع أمني غير مستقر، حيث تتواصل الحملة العسكرية التي تخوضها أنقرة ضد حزب "العمال الكردستاني"، ولاتزال مناطق عدة في تركيا تشهد عمليات ضد قوى الأمن، فقد أعلن الجيش التركي مقتل ثمانية جنود في هجوم على عربتهم، نُسب إلى مسلحين أكراد في إقليم سيرت، وفي وقت لاحق تعرض قصر "دولمه باهجة"، أحد أبرز المعالم السياحية في تركيا ويضم مكتب رئيس الوزراء لهجوم، ما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 11 جندي في يوم واحد، ليرتفع بذلك عدد القتلى الذين سقطوا نتيجة العمليات الإرهابية في تركيا إلى 55 قتيلاً من رجال الأمن، بينهم جنود ورجال شرطة وحراس قرى، و14 مدنيًا، خلال ال44 يومًا الماضيين.