40 دولة أوروبية ترفض استيراد البطاطس من مصر.. و"الزراعة" تنفي انتشرت خلال الأيام الماضية تحذيرات بعدم تناول البطاطس خلال فصل الصيف، وبالتحديد في الفترة من شهر يوليو إلى أكتوبر؛ لقيام التجار برشها بالمبيدات؛ لحفظها بدلًا من وضعها بالأراضي والثلاجات المكلفة جدًّا، ويكون ذلك ملحوظًا جدًّا عندما اشتمام ثمرة البطاطس. وأعلن العديد من الخبراء عن وجود كميات كبيرة من محصول البطاطس بالأسواق مرشوشة بمبيد "دي . دي . تي" وهو من أخطر أنواع المبيدات التي تدمر جسم الإنسان، والمعروف بأكسيد الموت، ومحظور تداوله عالميًّا، إلَّا أنه مازال يستخدم بمصر؛ لغياب الرقابة على المنافذ التي تهربه إلى داخل البلاد، وعدم وجود وسيلة أخرى لتخزين محصول البطاطس بأسعار منخفضة. قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة: الكميات القليلة من مبيد ال"دي . دي . تي" الذي يرش به التجار مخزون البطاطس، كان يستخدم في الحرب العالمية الثانية لعلاج بعض الأمراض التي كانت منتشرة وقتها، وبعدما تم اكتشاف أنه يسبب أمراضًا أخطر مما يتم علاجها به، كتشوهات في الأجنة والمواليد الذين يستقبلون الحياة بلا جمجمة وهو مرض المخ المكشوف أو العاري، فمنع استخدامه عالميًّا لآثاره الضارة، لكن مصر تظل الدولة الوحيدة التي تستخدمه، رغم أن كل دول العالم حرمت استخدامه بما فيها الدول الإفريقية. وأكد أنه لا يوجد سوى مصنعين ينتجانه الآن، الأول في السودان والثاني في الصين، ويأتي إلى مصر مهربًا من الحدود الجنوبية، ويعفر التجار البطاطس به؛ لقتل الفطريات ومنع تنبيت حبة البطاطس التي يسبقها تحول النشا إلى سكر، ويطلقون عليها بطاطس تحمير، لافتًا إلى أن البطاطس بدءًا من يوليو وأغسطس "طبيخ فقط" وتعسول عند التحمير، ناصحًا المستهلك المصري بالابتعاد تمامًا عن شراء البطاطس ذات الرائحة النفاذة، التي تميز المبيد، ولابد من نقعها في الماء عشر دقائق بعد التقشير والتقطيع؛ لأن هذا يساعد على خروج المبيد من الثمرة إلى ماء النقع، ثم يتم شطفها بعد ذلك. وأشار نادر إلى أن استخدام ذلك المبيد في حفظ البطاطس أثر على حجم الصادرات لهذا المحصول وتراجع ترتيب مصر، فبعد أن كانت من أكبر الدول المصدرة للبطاطس، حيث كان يقع ترتيبها ما بين السابع أو العاشر عالميًّا، حيث أعلنت 40 دولة أوروبية عدم استيراد البطاطس من مصر ووزارة الزراعة تنكر ذلك، بينما تم تصدير 24 شحنة متتالية إلى روسيا وتم رفضها بسبب رشها بمبيد "دي . دي . تي" مما أدى إلى منع روسيا استيراد البطاطس نهائيًّا من مصر، وبعد المفاوضات اشترطت روسيا زرع البطاطس المصدرة في الأراضي الرملية القديمة، وخفضت نسبة استيرادها من مليون طن إلى ربع مليون سنويًّا. وأضاف الدكتور محمد السعيد الزينيتي، أستاذ المبيدات بكلية الزراعة جامعة عين شمس، أن ال"الدي .تي. تي" من المبيدات الكلورونية العضوية، ويعد أول مبيد تم اكتشافه من هذه العائلة، ولذلك أطلق عليه "أبو المبيدات" وهو من أخطرها؛ لأنه من المركبات عالية الثبات التي تستغرق سنوات للتحلل، ويبقى في التربة لفترات طويلة، موضحًا أن هذه المادة تستخدم في طريقة التخزين القديمة "النوالات" التي تم حظرها هي الأخرى؛ منعًا للأضرار المترتبة على المواد المستخدمة عليها، التي توفر البيئة المناسبة لأنبات درنات البطاطس، وإضافة منظمات النمو التي تؤثر سلبًا على صحة الإنسان، لافتًا إلى أن الطريقة المثلى للتخزين هي الحفظ في الثلاجات، إلَّا أن التجار والفلاحين يرفضون ذلك لأن نسبة الرطوبة في الثلاجة تحوّل النشا إلى سكر، مما يعطيها مذاقًا "محلون" عند طهيها، فيرفضها المستهلك، بالإضافة إلى أن تكلفة التخزين في الثلاجات مرتفعة، مقارنة بالطريقة القديمة؛ لبعدها عن مناطق الإنتاج وارتفاع تكاليف النقل، خاصة بعد ارتفاع أسعار السولار، مطالبًا الدولة بإقامة الثلاجات في مناطق الإنتاج وتوفير أسطول للنقل بأسعار منخفضة، لتشجيع المنتجين على اتباع الأساليب السليمة في التخزين. وكشف الزينيتي أنه في أواخر التسعينيات صدر قانون بمنع استخدام النوالات في تخزين البطاطس، تبعه قرار يمنح مفتش التموين الضبطية القضائية لمصادرة البطاطس المعاملة بالمبيد في الأسواق، ومنع بيعها وتحرير محضر للبائع، تمهيدًا لتحويل الأمر إلى الجهات القضائية؛ لتوقيع العقوبة المنصوص عليها في القانون، لافتًا إلى أن هذا الإجراء اختص به فقط محصول البطاطس دون غيره من الخضروات والفاكهة، التي تعامل أيضًا بمبيدات لها أضرار صحية وبيئية على المجتمع المصري. وقال الدكتور مصطفى محروس، أستاذ المحاصيل كلية الزراعة بجامعة الزقازيق: الفلاحون يرشون البطاطس بالمبيدات للحفاظ عليها طوال السنة، بدلًا من تعرضها للتلف بعد فترة قصيرة، حيث تترك هذه المبيدات تأثيرًا تراكميًّا على الأعضاء الحيوية لجسم الإنسان كالكبد والكلى، ويمكن أن يصيبها بمخاطر مختلفة كالفشل أو السرطان، مطالبًا المستهلك بإبلاغ أقرب مديرية للصحة عند اكتشاف أي مخالفة، والامتناع عن تناول البطاطس ذات الرائحة الغريبة، مع ضرورة غسلها بالماء وتقشيرها تقشيرًا جائرًا لأن القشرة تحمل أكبر قدر من تركيز المبيدات. وأوضح أنه لابد من استخدام التكنولوجيا الحديثة في استنباط أصناف جديدة من البطاطس تقاوم العفن البني، واستخدام الأجهزة العالمية في الكشف عن بقايا المبيدات بالحاصلات الزراعية العضوية، واتباع أسلوب زراعة الأنسجة، وتوفير الدعم للفلاح المصري ومساعدته، وتحديد سعر ضمان قبل الزراعة، وإعفاء المزارعين من أي أضرار جراء التغيرات في الأسواق الخارجية، وفقًا للمعاملات السياسية بين الدول التي تمارس الضغوط على الأخرى المصدرة إلى الأسواق الخارجية.